المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 23 ديسمبر 2024
غزة مدينة الانهيار البيئي الشامل
غرب - التحرير
بواسطة : غرب - التحرير 18-11-2023 10:53 مساءً 6.0K
المصدر -  
قال السفير مصطفي الشربيني رئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو بجامعة الدول العربية أنه عندما يتعلق الأمر بتقييم الانبعاثات العالمية ، نجد أن هناك فيل كبير في الغرفة جراء حرب الابادة البيئية والكارثة المناخية نتيجة لما تشنه قوات الاحتلال الاسرائيلي علي مدينة غزة.

ومع وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية جديدة ، نناشد الأمم المتحدة ، الكشف عن جميع انبعاثات الحرب علي غزة وإنهاء الإعفاء طويل الأمد الذي أبقى بعض تلوث المناخ خارج الدفاتر نتيجة لحروب اسرائيل المتواصلة في الشرق الاوسط ولا تدخل ميزانية الكربون العالمية أي انبعاثات للجيوش،
ويجب توجيه تهمة الإبادة البيئية من قبل المحاكم الدولية لاسرائيل وتشمل هذه الجرائم الهجمات على المنشآت الصناعية التي تلوث إمدادات المياه الجوفية والممرات الهوائية والقصف المتعمد لملاجئ الحياة البرية وغيرها من النظم البيئية
في المراحل الأولى من الحرب علي غزة، انطلقت الانبعاثات الرئيسية من الوقود الاحفوري ومن البنية التحتية المتضررة فتم فقدان الكثير من الغطاء النباتي، ويتطلب الامر رصد الانبعاثات غير المباشرة لكي نفهم العلاقة بين التغير المجتمعي والبيئة حيث أن العديد من هذه التغييرات تتعلق باستراتيجيات التكيف التي يستخدمها السكان المدنيون ، حيث يتطلب الامر وجود المأوى للمدنيين المتضررين من النزاع، ويتسبب القطاع الإنساني في بصمة كربونية كبيرة ، واستخدام الوقود مرتفع بشكل خاص

وفي حين أن الانبعاثات المباشرة يمكن أن تكون واضحة، فإننا غالبا ما نحتاج إلى البحث بشكل أعمق لكشف التأثير غير المباشر الذي تحدثه الصراعات على الانبعاثات ، حيث يتم استهداف البنية التحتية لغزة وايضا النباتات واشجار الزيتون هدف عسكري يتمثل في القضاء على الغطاء الحرجي، لغزة، حيث يتم إطلاق الكربون الذي تخزنه عند إزالته، فضلا عن الاستخدام التاريخي للمواد الكيميائية والتطهير الميكانيكي
إن حالة الطوارئ المناخية العالمية لم تعد قادرة على السماح بحذف الانبعاثات العسكرية والمرتبطة بالصراعات ضمن عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ".

image

سيتم التركيز على حساب الانبعاثات في أول تقييم عالمي - وهو تقييم لمدى تخلف الدول عن أهداف باريس للمناخ - المقرر عقده في قمة المناخ COP28 في الإمارات العربية المتحدة ابتداءً من 30 نوفمبر وندعو UNFCCC الي إدراج هذه الحالة بوجه الخصوص ، عندما يتعلق الأمر بتقييم الانبعاثات العالمية، أنه مثل الفيل كبير في الغرفة ، حيث تشن الحروب مستخدمة الوقود الأحفوري في الطائرات والمركبات الحربية بالإضافة الي إطلاق الغازات الأكثر احترارا من المفرقعات

إن إغفال الانبعاثات المرتبطة بحروب إسرائيل في الشرق الاوسط من حسابات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ يمثل فجوة صارخة ، فمئات الملايين من الأطنان من انبعاثات الكربون قد تكون غير محسوبة.
ستؤدي الحرب علي غزة إلى زيادة صافية قدرها ملايين الاطنان من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، أي ما يعادل الإنتاج السنوي لعدد من الدول مجتمعة .
ان الجهود العالمية الرامية إلى التصدي لتغير المناخ تخيم عليها بالفعل المرارة وانعدام الثقة بين بلدان العالم.
والآن تهدد دوامة الصراع الآخذة في الاتساع في الشرق الأوسط بتقسيم عالم منقسم بالفعل، ورفع أسعار النفط والغاز في وقت يتزايد فيه التضخم العالمي باستمرار، وتوجيه الموارد المالية إلى أعمال خوض الحروب بدلا من أعمال إبطاء تغير المناخ. .
الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة ، وإذا امتد الصراع إلى مختلف أنحاء الشرق الأوسط ، فمن المرجح أن يحطم الآمال في حشد اتفاق عالمي بشأن أي شيء آخر، بما في ذلك أزمة المناخ المشتركة.

واننا تدعم الجهود للحصول على دعم من المنظمات في COP28 للإبلاغ عن الانبعاثات في الحرب الاسرائيلية علي غزة بشكل أكثر شفافية التي، ومن المهم أن يفهم العالم أن اسرئيل جعلت القضية المناخية واستراتيجية التنمية المستدامة أكثر تعقيدا من ذي قبل.
في خضم حرب الابادة البيئية الإسرائيلية على غزة وأزمة المناخ المتفاقمة، يكافح الفلسطينيون في غزة من أجل إنقاذ أراضيهم وسبل عيشهم ، لكن القصف العنيف للمدنيين والحصار الذي لا هوادة فيه يشكلان جهودا مدمرة لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

والآن تهدد دوامة العدوان الممنهج علي المدنيين في غزة بتقسيم عالم منقسم بالفعل، ورفع أسعار النفط والغاز في وقت يتزايد فيه التضخم العالمي باستمرار، وتوجيه الموارد المالية إلى أعمال خوض الحروب بدلاً من أعمال إبطاء تغير المناخ.
ان النقص المتفاقم في الماء والكهرباء، في المناطق الحضرية الكثيفة ، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي ، والتأثير السام للمواد الكيميائية جعل حياة الفلسطينيين ليست مهددة فقط بسبب الغارات الجوية أو الغزو البري ، ولكن بشكل متزايد بسبب نقص الغذاء والماء والوقود والكهرباء والصرف الصحي والرعاية الصحية
هذا هو المستقبل القريب الكئيب الذي ينتظر قطاع غزة، وهو نقطة ساخنة لتغير المناخ داخل منطقة ساخنة محرومة من احتياجاتها الإنسانية الأساسية، ومن القدرة والموارد اللازمة للتحضير لآثار الانهيار المناخي وتقليلها
كما أن القصف العنيف من قبل إسرائيل يؤدي أيضًا إلى تفاقم الدمار البيئي في القطاع، مما يزيد من تقويض قدرة غزة على الاستعداد، لأزمة المناخ التي تتكشف.

image

إن إيجاد سياق لوضع النضال الفلسطيني ضمن تاريخ من المعاناة والحرمان والتهجير القسري منذ النكبة عام 1948،إجبار مئات الآلاف من الفلسطينيين على ترك منازلهم ، حيث تعرض ما لا يقل عن 43% من جميع الوحدات السكنية في قطاع غزة للتدمير أو الأضرار منذ بدء الأعمال القتالية هي ابشع صور جرائم الحرب.
وبالتالي فإن سكان غزة الذين يبلغ عددهم مليوني نسمة يعيشون فعلياً في سجن مفتوح ، وهو سجن معرض لجولات متواصلة من العدوان والدمار، فضلاً عن القيود الإسرائيلية الصارمة على حركة الأشخاص والمواد ، وفي هذا الواقع الهش، تتعرض البنية التحتية الأساسية الداعمة للحياة، مثل الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء المستمرة، للدمار وهذه هي الموارد والإمدادات الأكثر عرضة للانهيارات المناخية ، مما يترك غزة وسكانها في سباق مع الزمن لجعل القطاع صالحًا للعيش في ظل مستقبل غامض .

إن عواقب الحرب الاسرائيلية المدمرة و ظاهرة الاحتباس الحراري ، ارتفاع درجات الحرارة، وندرة الموارد المائية، والتصحر، والجفاف ، تتفاقم من قبل بسبب المشروع التوسع الإسرائيلي وبتكلفة أعلى بالنسبة للفلسطينيين، الذين هم أكثر عرضة للمخاطر المناخية ، حيث القمع الإسرائيلي، كما ان تدمير إسرائيل المنهجي للبيئة في فلسطين والنظام التمييزي الذي يتم من خلاله يتم تجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومياههم ومواردهم الطبيعية الأخرى بينما يتأثرون بشكل غير متناسب بالأضرار البيئية التي تسببها حرب الابادة البيئية، حيث ودمر الصراع مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وأحرق الغابات ودمر المتنزهات الوطنية. وتسببت الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعية في تلوث شديد للهواء والماء والتربة، مما يعرض السكان للمواد الكيميائية السامة والمياه الملوثة.
إن القدرة على التكيف مع تغير المناخ تدور في جوهرها حول تعزيز قدرة الناس على تلبية الاحتياجات الأساسية وسط تغير المناخ، لكن تعزيز إمدادات المياه والكهرباء أمر مستحيل في ظل الظروف التي عدوان إسرائيل على غزة.
ترسيخ نقاط الضعف
إن عجز غزة عن بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ هو جزء من آلية منهجية للقمع تهدف إلى تعميق الهيمنة الإسرائيلية على غزة من خلال الحصار الإسرائيلي هو ما يحرم الفلسطينيين من إدارة مواردهم الطبيعية بشكل مستدام وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ
أن سياسات إسرائيل تجاه قطاع غزة تهدف إلى ترسيخ نقاط الضعف من أجل جعله غير صالح للعيش وغير قابل للتكيف ، ويعد هذا مجرد أداة أخرى لدعم الفصل العنصري.

image

إن الآثار المجتمعة للحرب يحد من قدرة غزة على التكيف والعيش وايضا النقص الخطير في الوصول إلى المياه النظيفة في القطاع، يهدد ارتفاع درجات الحرارة وتقلب هطول الأمطار إمدادات المياه ونوعيتها في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الشرق الأوسط ، حيث ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) منذ الثورة الصناعية ، وهو أعلى بكثير من الاتجاهات العالمية البالغة 1.1 درجة مئوية ، ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بأكثر من 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، مصحوبة بانخفاض في هطول الأمطار السنوي، مع تقديرات تتراوح بين 30-60 في المئة.

علاوة على ذلك، حتى الدول الغنية ستجد صعوبة أكبر في إنفاق الأموال العامة لتحويل اقتصاداتها بعيدا عن الوقود الأحفوري وبالتالي تأخر كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتاخر في تحقيق الهدف للوصول للحياد المناخي ٢٠٥٠

وهناك ثلاثة حقائق أساسية حول كيفية تأثير الحرب علي غزة على أزمة المناخ والبيئة:
اولا : يستهلك الجيش الاسرائيلي كميات هائلة من الوقود الأحفوري في الطائرات والمركبات، مما يساهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري.
ثانيا: إن التفجيرات وغيرها من أساليب الحرب الحديثة تلحق الضرر المباشر بالحياة البرية والتنوع البيولوجي ، يمكن للأضرار الجانبية للصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في منطقة ما وقتل السكان الأصليين وتهجيرهم.
ثالثا : يؤدي التلوث الناجم عن الحرب إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، مما يجعل المناطق غير آمنة للعيش فيها.
تدمير أو تضرر ما يقدر بنحو 30% من المنازل

وقد أدت الغارات الجوية العنيفة والمستمرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى تسوية المنازل والمباني وغيرها من المباني بالأرض، مما أدى إلى محاصرة العديد من السكان تحت الأنقاض.

image

ووفقاً للأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة، فقد تم تدمير أو تضرر ما يقدر بنحو 30% من المنازل في الغارات.هناك حوالي 1,000 شخص محاصرين تحت أنقاض هذه المنازل المدمرة، مما أثار مخاوف بشأن حدوث أزمة بيئية.
ويشعر المسؤولون بالقلق من أنه مع وصول المساعدة في وقت متأخر إلى هؤلاء الأشخاص المحاصرين، فإنهم سيموتون تحت الأنقاض، وستبدأ جثثهم في التحلل هناك، وقد أظهرت الدراسات أن الجثث المتحللة تغير كيمياء التربة الثمينة، ترشح الأجسام مغذيات التربة مثل الحديد والزنك والكبريت والكالسيوم والفوسفور، مما يجعل التربة أقل خصوبة.
وفي غزة، حيث الوصول إلى المياه النظيفة محدود بالفعل بسبب الحصار الإسرائيلي، يكون الناس أكثر عرضة لنقص المياه الناجم عن تغير المناخ، في المتوسط، يتلقى الشخص في غزة حوالي خمس كمية مياه الشرب الآمنة التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية 21 لترًا فقط يوميًا ، مقابل 100 لتر موصى بها.
وهذا أقل من 10% من متوسط ​​280 لترًا التي يحصل عليها المواطن الإسرائيلي يوميًا ، إن 3% فقط من مصدر المياه الطبيعي الوحيد في القطاع، وهو حوض المياه الجوفية المعروف باسم الطبقة الجوفية الساحلية، آمن للشرب، وقد تعرض الحوض للتلوث بسبب تسرب مياه البحر، نتيجة الإفراط في استخراجها، ومياه الصرف الصحي، التي كانت تتدفق تاريخياً بشكل مفتوح في أودية غزة بسبب نقص محطات المعالجة..

تاريخ حافل بالإضرار بالبيئة وتدميرها

منذ عام 1948، عندما تأسست دولة إسرائيل على 78% من مساحة فلسطين وتم طرد ثلاثة أرباع الفلسطينيين من منازلهم، دأبت إسرائيل على الإضرار بالبيئة وتدميرها من أجل استغلال مواردها الطبيعية؛ والضغط على الفلسطينيين لحملهم على مغادرة أراضيهم، كجزء من هجماتها العسكرية المتكررة والحصار غير القانوني الذي تفرضه على غزة منذ 15 عاماً، ومحو الأدلة على الوجود الفلسطيني والارتباط بالأرض.

تقوم إسرائيل باقتلاع الأشجار وتدمير الموائل الطبيعية من أجل محو التاريخ والوجود الفلسطيني. في عام 1948 والسنوات التالية، اقتلعت إسرائيل الأشجار المحلية والمحاصيل الزراعية ، مثل الخروب والزعرور والبلوط والزيتون والتين واللوهناك تأثيرا مباشرا للحروب على تدمير النظم البيئية، خاصة عند استخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا، مثل الفوسفور، كما تم استخدامه في الحرب على غزة.

إن استخدام الأسلحة المتفجرة في الحرب علي غزة في المناطق المأهولة بالسكان ادي إلى مستويات مذهلة من الدمار، وهذا غالبا ما يخلق إرثا بيئيا كبيرا ، بما في ذلك تكاليف الكربون لإدارة الحطام، ومعالجة المناطق الملوثة وإعادة الإعمار ، حيث الدمار واسع النطاق، تمثل إدارة الأنقاض تحديًا هائلاً ويستهلك الكثير من الطاقة ، وتشير التقديرات إلى أن إزالة الأنقاض من غزة وحدهما ستتطلب ملايين الرحلات بالشاحنات.
كما أن الفسفور الأبيض المتفجر جواً الذي اعتاد الجيش الاسرائيلي باستخدامه فوق مناطق مأهولة في حرب غزة هو غير قانوني بما أنه يعرض المدنيين لمخاطر لا ضرورة لها وانتشار شظاياه المحترقة على مجال واسع يمكن أن يرقى لكونه هجوم عشوائي بلا تمييز.

أن هذه الأسلحة الفتاكة تسبب كارثة بيئية على مستوى العناصر الأساسية للبيئة، حيث تلوث التربة والمياه الجوفية والمياه السطحية وتلوث الهواء مما يجعله شديد السمية ومضرا بصحة الإنسان.

image

فالحرب العدوانية علي غزة لها تأثير مباشر على تغير المناخ من خلال زيادة انبعاثات الكربون وتدمير البنية التحتية ، وأن قطاع غزة يعد مثالا صارخا في مواجهة أزمة معقدة من منظور إنساني وبيئي وصحي ومناخي بسبب الحروب المتكررة التي شهدها في السنوات الأخيرة.
ونعلم أن استدامة مصدر المياه الطبيعي الوحيد في غزة يتطلب أن إعادة تأهيل وتنظيف طبقة المياه الجوفية من خلال تجديدها بمياه الأمطار وهذا يتطلب مساحات كبيرة ومفتوحة من الأراضي، والتي لا يمكننا الوصول إليها كثيرًا في غزة ، والأمر يتطلب أيضًا إيجاد طرق لجمع مياه الأمطار، وتواتر هطول الأمطار يتغير.

غزة وظاهرة الانحباس الحراري

علاوة على ذلك، فبينما يؤدي الانحباس الحراري العالمي إلى ذوبان الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية، فإن مستويات سطح البحر آخذة في الارتفاع . وفي غزة، من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تكثيف التسرب المستمر للمياه المالحة إلى طبقة المياه الجوفية الساحلية علاوة على ذلك، فإن الأراضي الزراعية المنخفضة على طول الساحل والتي تمثل 31 بالمائة من إجمالي الإنتاج الزراعي في غزة وستكون معرضة لخطر الفيضانات، مما يؤثر بشكل أكبر على الأمن الغذائي.

وبالمثل، فإن الوصول إلى موارد الطاقة في غزة كان هشاً على مدى عقود. ونظراً لسيطرة إسرائيل الطويلة الأمد على إمدادات الطاقة في غزة، والتي تضخمت بسبب النزاعات على الحكم بين حماس والسلطة الفلسطينية، فإن إمدادات الكهرباء إلى غزة تعاني من عدم استقرار مزمن وتلبي أقل من 50 بالمائة من الطلب .
حيث تأتي الكهرباء إلى غزة من ثلاثة مصادر: محطة كهرباء واحدة في القطاع، تعمل حاليًا بالديزل (والتي، وفقًا لحسين النبيه، مدير عام سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية، تعمل بطاقة 70 فقط) 75 في المائة من القدرة بسبب صيانة أحد توربينات الوقود، ونقص الوقود ، وانخفاض مستويات تحصيل فواتير المستخدمين)؛ ومصر، التي كانت توفر 15% من إمدادات الكهرباء في غزة، ولكن خطوطها معطلة منذ أبريل/نيسان 2017 بسبب أعطال فنية؛ وإسرائيل، التي لا توفر حالياً سوى 60% من قدرتها التوريدية، في هذا الواقع، أفاد سكان القطاع أنهم يحصلون على ما معدله أربع إلى ست ساعات من الكهرباء يوميًا، وغالبًا ما تستمر فترات انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة
ويؤثر هذا النقص المزمن في الكهرباء، والذي استمر لأكثر من عقد من الزمن، بشدة على توفر الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والمياه والصرف الصحي، وعلى هذا النحو، فإنه يقوض أيضًا اقتصاد غزة الهش، وخاصة الصناعة والزراعة .

بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ في ظل الحرب ، ومع استمرار انهيار أمن الطاقة والمياه والغذاء في غزة، فإن القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المواد تحد أيضًا من قدرة القطاع على الاستجابة للأزمة الإنسانية أو المساعدة في الاستعداد لتغير المناخ أو التخفيف منه أو التكيف معه، الحقوق الإنسانية، إن إسرائيل فرضت منذ سنوات قيودًا صارمة على دخول المواد إلى غزة التي تعرفها بأنها "ذات استخدام مزدوج، والتي ترى أنها قابلة للاستخدام للأغراض المدنية والعسكرية على حد سواء ، العمل على حماية حرية التنقل للفلسطينيين في غزة.

ويخضع الوصول إلى المواد الأساسية اللازمة للبناء وصيانة البنية التحتية لسيطرة الجيش الإسرائيلي، ويفرض الجيش، حسب رغبته، إجراءات بيروقراطية تؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخير إدخال المواد إلى القطاع، ويمكنه أن يقرر في أي لحظة وقف دخول المواد بشكل كامل وهذا يؤدي إلى تباطؤ المشاريع ، ويدفع المقاولين إلى الديون، ويستنزف قدرة المانحين واهتمامهم بدعم القطاعات ، ويحد في نهاية المطاف من قدرة مشاريع المياه والطاقة والأمن الغذائي على إنتاج وتوفير المياه الصالحة للشرب والكهرباء والغذاء.

نقص شديد في المياه

بالنسبة لقطاع المياه، تم تقييد استيراد المواد الحيوية مثل خطوط الأنابيب والأسمنت إلى حد كبير من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية، الذراع البيروقراطية للاحتلال والتي تقع داخل وزارة الدفاع ، ونتيجة لذلك، فإن مشاريع البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، رغم التخطيط لها وتمويلها في كثير من الأحيان لمواجهة الأزمة الإنسانية العاجلة، تتأخر لسنوات قبل اكتمالها. وبدون إمدادات موثوقة وآمنة لمياه الشرب، يعتمد سكان غزة على موردي المياه من القطاع الخاص باهظي الثمن (وهي أيضًا غير خاضعة للتنظيم من قبل سلطة المياه وبالتالي غير آمنة للشرب في كثير من الأحيان ) لتلبية احتياجاتهم من مياه الشرب.

وحتى عندما يتم بناء البنية التحتية لإمدادات المياه، فإنها تواجه خطر التدمير، ووفقاً لسلطة المياه الفلسطينية، فإن الجولة الأخيرة من العدوان على غزة تركت السكان يعانون من نقص المياه بنسبة 40 بالمائة بسبب الاستهداف المباشر وغير المباشر للبنية التحتية للمياه. كما أن الجهود المبذولة لإعادة بناء أو إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه، من بين قطاعات أخرى، مُنعت أيضًا بسبب القيود الشديدة على دخول المواد، والتي استمرت لعدة أشهر حتى فصل الصيف.

كما أن قطاع الطاقة ليس بمنأى عن تأثير فترات التصعيد، وفي شهر مايو/أيار الماضي، أثناء القصف، منعت السلطات الإسرائيلية بشكل كامل واردات الوقود لتزويد محطة توليد الكهرباء في غزة، وأغلقت المعابر بعد إصابة جندي بجروح طفيفة جراء قذيفة هاون أطلقت من القطاع.

إن الحظر الشامل للوقود، أدى إلى الحد بشدة من إمدادات الكهرباء المتعثرة بالفعل، وخلال فترة الإصابات والوفيات الجماعية الناجمة عن القصف، "عرض للخطر عمل المستشفيات والبنية التحتية المدنية الأخرى، مثل إمدادات المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي."

بسبب انقطاع التيار الكهربائي، كان لا بد من إجراء تخفيضات جذرية في إنتاج مياه الشرب الآمنة من مرافق تحلية المياه ، ولم تتمكن من العمل إلا لبضع ساعات في اليوم ، في حين أغلقت منشأة واحدة تخدم 250 ألف ساكن بالكامل . ولم يتم استئناف العمليات إلا وفقاً لدورة شبكة الكهرباء ، حوالي ثماني ساعات يومياً بعد وقف إطلاق النار.
قنابل فسفورية على أرض غزة
كما تعرض قطاع الزراعة للهجوم، أسقطت إسرائيل قنابل فسفورية على أرض غزة، وأطلقت النار على آبار المياه الخاصة ، وقد اتُهمت إسرائيل باستخدام هذه القنابل بطريقة غير قانونية ، خاصة خلال هجومها، وذلك بسبب إطلاق النار العشوائي على مناطق مدنية مكتظة بالسكان ، إلى جانب تأثيرها الضار على صحة الإنسان وسلامته الجسدية، يمكن لهذه القنابل الكيميائية أن تلوث الأرض وتكون سامة للنباتات والفواكه والخضروات.

ان المواد الكيميائية المستخدمة في الأسلحة الإسرائيلية، مثل الفوسفور، تزيد من تعرض صحة الناس في غزة للخطر ، وأنه نظرًا لأن الأشجار والنباتات قادرة على امتصاص هذه المواد الكيميائية السامة، فإن إنتاجها الزراعي ليس صحيًا.
ووفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش ، فقد خلص تقرير طبي صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية إلى أن الفسفور الأبيض خطير، مشيراً إلى أنه "يمكن أن يسبب إصابات خطيرة والوفاة عندما يلامس الجلد، أو يتم استنشاقه أو ابتلاعه، مما يؤدي إلى مزيد من الإصابات، أضرار على الأعضاء الداخلية في حالة امتصاصها.

وفي حين لا توجد أبحاث حول الآثار الطويلة الأجل للفسفور الأبيض في غزة، فإن عينات التربة التي أعقبت الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية تشير إلى إدخال مزيج من المعادن الثقيلة إلى بيئة غزة، مما يمكن أن يؤثر على الإنتاجية الزراعية وكذلك على الصحة البيئية والإنسانية على المدى الطويل.

بالإضافة إلى الحرب علي غزة، فقد قامت إسرائيل أيضًا بتجريف مناطق المحاصيل المنتجة في جميع أنحاء غزة على مدار العقود القليلة الماضية، وفرضت قيودًا شديدة على تطوير الأراضي الزراعية في "المنطقة العازلة "، وهي منطقة يبلغ عرضها 984 قدمًا على طول السياج المحيط الذي يفصل غزة. من إسرائيل، والتي حافظت السلطات الإسرائيلية على تقييد وصولها إلى سكان غزة.

حيث تستهدف إسرائيل الزراعية بشكل منهجي وكأنها تريد شل ظروف معيشة الفلسطينيين ، وقد قامت إسرائيل على مر السنين بتجريف عدد لا يحصى من المحاصيل مثل أشجار الزيتون والتين والحمضيات.
كما أن الدمار الذي لحق بأراضي غزة يحرم العديد من العمال الزراعيين الفلسطينيين من سبل عيشهم ، حيث إن الأرض هي مصدر الدخل الرئيسي لمعظم الأسر التي ولا يوجد خيار عمل آخر للمزارعين في غزة بسبب الركود الاقتصادي الناجم عن الحصار الإسرائيلي

ان الأزمة الاقتصادية المستمرة التي خلقها الاحتلال الإسرائيلي لغزة، حيث يعيش أكثر من نصف الفلسطينيين في غزة تحت خط الفقر
هناك فيل في الغرفة فيما يتعلق بالحاجة إلى زيادة كبيرة في إمدادات الطاقة والمياه في غزة، وجعلها قادرة على التكيف مع تغير المناخ و إن النضال العالمي ضد أزمة المناخ يدعو إلى خفض عاجل في انبعاثات الغازات الدفيئة .
ومع ذلك، فإن الجمع بين النقص الحاد في الكهرباء والحاجة الملحة لمعالجة الأزمة الإنسانية يعني أن الضفة الغربية وغزة لا تزال بحاجة إلى تنمية هائلة وسريعة قد لا تتماشى مع روح النضال من أجل المناخ.

ولذلك، هناك توتر عميق بين إعطاء الأولوية للتعافي الاقتصادي والإنساني في غزة، والذي من شأنه أن يعزز اعتمادها على الوقود الأحفوري في مجال الطاقة، مقابل الحاجة إلى مكافحة أزمة المناخ، الأمر الذي يتطلب انتقالاً عاجلاً إلى الطاقة المتجددة.

ومن المرجح أنه بسبب هشاشة وخطورة وضعه، لن تخضع غزة لنفس عملية سحب الوقود الأحفوري مثل أجزاء أخرى من العالم ، ويتطلب مثل هذا التحول اتخاذ تدابير واسعة النطاق مثل تحسين كفاءة استخدام الطاقة، والحد من استخدام الفحم والوقود، وتوليد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية ، وهي الشروط الأساسية التي لا تملك غزة أي موارد أو قدرة على تلبيتها.

المطلب الفوري هو وقف إطلاق النار، يليه اتخاذ تدابير لبناء الثقة، مثل المعاهدات الدولية لنزع السلاح. وعلاوة على ذلك، سوف تحتاج غزة إلى المساعدة الخارجية إذا كان لها أن تتحول إلى مدينة صديقة للمناخ ، إن الأمر يتطلب تحولاً اجتماعياً وبيئياً جوهرياً،
كما يستهلك البناء كميات هائلة من المواد الخام، ويولد كميات هائلة من الانبعاثات نتيجة لذلك - 3,560 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم في عام 2019 ، إن إنتاج الأسمنت كثيف الكربون بشكل خاص، حيث يمثل 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وقد يكون أقل كفاءة في المنشآت القديمة
ومن الجدير بالذكر أن تغير المناخ لا يقتصر على انبعاثات الغازات الدفيئة. يمكن أن يضطرب التوازن الإشعاعي الجوي بسبب الحرارة السطحية أو تدفقات المياه وانبعاثات قوى المناخ قصيرة العمر ، والتي يمكن أن تعمل على تغيير خصائص الهباء الجوي والسحب، مما يؤدي معًا إلى تغيير المناخ والطقس الإقليمي ، ستحدث التغيرات في التدفقات السطحية نتيجة للتغيرات في استخدام الأراضي

وإن أي زيادة في التوترات الجيوسياسية، أو أي انقسام في التعددية، من شأنه أن يجعل التقدم التعاوني لحل ازمات البيئة والمناخ الكبيرة ، أكثر صعوبة ، وتشير الأحداث أننا ذاهبون الي صدمة نفطية سوف تتسبب في رفع أسعار الفائدة العالمية ، وإن هذا من شأنه أن يزيد من صعوبة اجتذاب الاستثمار إلى مشاريع الطاقة المتجددة، وخاصة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية، حيث أصبحت تكلفة رأس المال أعلى كثيراً بالفعل من نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا.
نحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لفهم التكاليف المناخية للحرب وآثارها المدمرة علي المناخ والبيئة إذا أردنا تحديد المسارات نحو خفض الانبعاثات وزيادة القدرة على الصمود أثناء التعافي.
وذلك لأن الانبعاثات العسكرية ، من الطائرات إلى السفن إلى التدريبات ، تم استبعادها من بروتوكول كيوتو لعام 1997 بشأن خفض الغازات الدفيئة - وتم إعفاؤها مرة أخرى من اتفاقيات باريس لعام 2015 ، على أساس أن البيانات المتعلقة باستخدام الجيوش للطاقة يمكن أن تقوض الأمن القومي.
وبينما تسعى غزة جاهدة لتأمين حتى أبسط احتياجاتها الإنسانية واحتياجات حقوق الإنسان، فإن فكرة التوجه نحو اقتصاد منخفض الكربون والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ستحتل حتماً مرتبة ثانوية؛ فبدلاً من القدرة الاستباقية على التكيف مع المناخ، يصبح التركيز على التكيف التفاعلي وإعادة التأهيل بعد انهيار المناخ.