المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 23 ديسمبر 2024
كيف ساهم القطاع الصحي المحلي في تعزيز الرعاية الوقائية للمواطنين؟
يوسف بن ناجي- سفير غرب
بواسطة : يوسف بن ناجي- سفير غرب 27-12-2018 11:38 صباحاً 16.6K
المصدر -  
جاء موضوع الوقاية الصحية ضمن المواضيع الرئيسية التي ناقشها مؤتمر "أعلام في الطب" وسلط الضوء عليها وعلى التحديات والفرص التي تواجهها مختلف التخصصات الطبية في المملكة. وكان المؤتمر قد عقد مؤخراً في الرياض ونظمته جائزة الملك فيصل وجامعة الفيصل ضمن الفعاليات المصاحبة لاحتفالات الجائزة بذكرى مرور 40 عاماً على منحها.

وبرزت أهمية الرعاية الوقائية في القطاع الصحي المحلي عقب التطورات التي شهدها طب الأجنة وطب الوراثة والأمراض الجينية وطب الأسرة والمجتمع حيث ساهمت الرعاية الوقائية في الحد من وقوع عدد كبير من الاعتلالات الصحية والإعاقات الخطيرة في أوساط المجتمع.

يقول البروفيسور جيمس بسل، أستاذ فخري لطب الأطفال في كلية طب وايل كورنيل وحائز على جائزة الملك فيصل للطب 2012م، أن التطورات التي شهدها قطاع الرعاية الوقائية للأجنة على مدار العقود الأخيرة ساهمت في التوصل إلى أساليب جديدة من قبيل التصوير بالاشعة الصوتية الذي يمكن من خلاله تشخيص المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على حياة الأم وجنينها. فاليوم على كل امرأة حامل أن تخضع للتصوير بالاشعة الصوتية كإجراء وقائي من أجل استبعاد أي مخاطر محتملة، مشيراً إلى أن الدراسات الحديثة في المجال قادرة على إحداث ثورة جديدة في الأساليب العلاجية.

وترى الدكتورة وسام كردي، رئيسة قسم طب الامومة و الجنين بقسم أمراض النساء والولادة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ، أن التدابير الوقائية أضحت مهمة جداً للقطاع الصحي المحلي في ظل انتشار الأمراض الوراثية في العالم العربي إذ تتراوح نسبة الإصابة بهذه الأمراض بين %3 إلى 4 % وقد تصل إلى نسب أعلى في بعض الحالات.

وناقشت أحدى جلسات مؤتمر "أعلام في الطب" مواضيع طب الأجنة،وأكد خلالها البروفيسور سعود الشنيفي، أستاذ الجراحة بجامعة الفيصل ورئيس قسم جراحة الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ، أحد رواد الطب، على أن حالات الفتق الحجابي هي نتيجة لعيب خلقي في الحجاب الحاجز، فالإحصائيات كشفت أن معدل الإصابة بمثل هذه العيوب يتراوح بين واحد من كل 2,200 الى 3,500 حالة ولادة حية في حين أن نسبة الوفاة تشارف على 58 %. ولحسن الحظ أصبح من الممكن الآن تقليل مخاطر الإصابة بهذه الحالات وذلك من خلال إتباع أساليب الوقاية والعلاج في تقنيات التدخل الجيني. كما استعرض الدكتور سعود الشنافي الخدمات التي يقدمها برنامج التشخيص والعلاج الجنيني في المملكة العربية السعودية وخدمات الرعاية الصحية التي تشمل الاستشارة والتشخيص والفحص و العديد من الخيارات العلاجية والوقائية الأخرى.

كما استضاف المؤتمر البروفيسور جوريس فيلتمان، مدير معهد الطب الوراثي بجامعة نيوكاسل والحائز على جائزة الملك فيصل في الطب في عام ٢٠١٦ وتم تكريمه نظير أبحاثه حول تسلسل الجيل القادم والذي أدى إلى تطوير أساليب تحديد الجينات التي تسبب الأمراض الوراثية في الأسر التي من المحتمل أن تصاب باضطرابات جينية وراثية. وتحدث البروفيسور فيلتمان عن نتائج الدراسات الأخيرة التي أظهرت أن الطفرات الجديدة الناتجة عن أخطاء أثناء عملية نسخ الجينات تأتي كأحد المسببات الرئيسية لأمراض الإعاقة الذهنية، وأن نسبة التعرض لهذه الأمراض تُعدّ عالية حيث أن طفرة جنينة واحدة كفيلة بالإصابة بمرض نادر، وأشار إلى أن التسلسل الجينومي هو الحل الأمثل لتقليل احتماليات الإصابة بهذا المرض.

وذكرت والدكتورة نادية السقطي، كبير استشاري طب الأطفال في مستشفى الملك فيصل التخصصي ، والتي تشارك في تأليف كتاب حول ثلاث اضطرابات نادرة في الأطفال، متلازمة سقطي-نيهان-تسديل، ومتلازمة سنجد سقطي، ومتلازمة وود هاوس- سقطي، أن برنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة في المملكة يستهدف 150 مستشفى تقدم خدمات صحية لما يقارب 200,000 ألف رضيع سنوياً لفحص نسبة انتشار الأمراض الاستقلابية. وأكدت على أهمية التركيز على سبل الوقاية من المرض بدلاً من العلاج، ومعاملة المرضى على أنهم مواطنين لا مرضى والتركيز على العائلة والمجتمع بدلاً من المستشفى.

ومع أن الوقاية الصحية حققت تقدماً ملحوظاً في مجال طب الأسرة والمجتمع إلا أنه ينبغي التركيز كذلك على صحة المراهقين حيث تجاوزت نسبة الوفيات بين المراهقين في المملكة 60,000 حالة جميعها بسبب الحوادث المرورية، أي بمعدل حالة وفاة واحدة في كل ثمان دقائق، كما كشفت الإحصائيات أن عدداً كبيراً من طلاب المرحلة الثانوية في المملكة يعانون من مشاكل صحية عقلية.

وأكد الدكتورعبد الكريم المقادمة رئيس قسم الطب السريري لجامعة الفيصل، على أهمية التنسيق ما بين جميع أصحاب المصلحة والوزارات ذات العلاقة والقطاع الخاص لتوجيه الجهود نحو إيجاد حلول للمشاكل الصحية التي تواجهها فئة المراهقين.

وقد أشارت الدكتورة يسرا حسين الجزائري من جامعة الملك سعود إلى أن المملكة العربية السعودية قد كثفت جهودها للحد من الأمراض المنتشرة في المجتمع، إذ قامت بالرفع من الاستعدات ضد الأمراض التي تنتشر خلال موسم الحج وتطوير الخدمات الصحية من خلال إنشاء مراكز للخدمات الصحية قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من المصابين، الأمر الذي أحدث نقلة نوعية في الحد من انتشار الأمراض في المجتمع.

وأكد الأستاذ الدكتور زهير السباعي، رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع أن طب الأسرة بات مهماً أكثر من أي وقت مضى، ففي عام 2017م بلغ عدد الأطباء المتخصصين في طب الأسرة 1,200 فقط وهو عدد منخفض إذ تحتاج المملكة إلى 26,000 طبيب أسرة لكي يتم خدمة المجتمع بشكل أفضل.

وأشار الدكتور عبدالله الخنيزان، رئيس قسم طب الأسرة والمستشفيات في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وأستاذ طب الأسرة بجامعة الفيصل، إلى أن الدول التي تهتم بالرعاية الصحية الأساسية تقدم خدمات صحية أفضل لمواطنيها وبتكلفة أقل. وبالنسبة للقطاع الصحي المحلي، يمكنه أن يوفر 13.5 مليار ريال سعودي لكل 10,000 مريض سنويا في حال تم الارتقاء بخدمات هذا القطاع بشكل متواصل.

ومن الواضح أن مستقبل قطاع الرعاية الصحية يكمن في تبنـي أساليب استراتيجية لتحقيق الرعاية الوقائية وهذا هو المسار الذي اقتفاه القطاع الصحي المحلي حيث يسعى إلى الارتقاء بالخدمات الصحية من خلال تنفيذ مبادرات ناجحة من قبيل مؤتمر" أعلام في الطب" لتكون بمثابة منصة فعالة لنشر ونقل وتوطين المعرفة.