المصدر -
الشكوى تتزايد في دول اوروبا من زيادة عدد اللاجئين وكل منها يبحث عن مخرج من الأزمة، يناسب مع القيم التي تؤكد دوماً تمسكها بها، ومن بين الدول التي صارت هدفاً للاجئين في الآونة الأخيرة، ألمانيا، التي باتت وجهة للكثير من اللاجئين الباحثين عن حياة كريمة.
الصحف الألمانية في الآونة الأخيرة تداولت تقارير عما أسمته بخطة سرية، أعدها الحزب الحاكم في المانيا، لمعالجة أزمة المهاجرين في البلاد، وهي اشبه باقتباس لتجربة استراليا بترحيل طالبي اللجوء إلى أماكن خارج الحدود حتى يتم البتّ في طلباتهم، وترحيل المرفوضين، إلا أن "الخطة السرية" تضمنت مقر جديد لمعسكرات اللاجئين البديل بالنسبة للألمان، فقد وقع الاختيار على مصر، وفق تقارير تداولت مؤخراً.
تعود تفاصيل الخطة إلى استقبال القاهرة وفدًا ألمانيًا الأول من نوفمبر 2016، وأشارت مواقع مصرية حينها إلى أن تلك الزيارة تهدف إلى دعم علاقات التعاون بين البلدين في مجالات الهجرة غير الشرعية وعملية السلام ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
وكشفت صحيفة التايمز البريطانية، بعد ذلك عن تفاصيل سرية لزيارة الوفد الذي قالت إنه ضم كلًا من كريستوف هوجين، مستشار السياسية الخارجية لميركل، وجان هيكر، منسق شئون اللجوء، حيث نقلت عن مصادر دبلوماسية ألمانية أن الوفد قد ناقش مع المسؤولين المصريين خطة لإعادة المهاجرين غير الشرعيين أو الذين تم رفض طلباتهم للجوء.
كذلك ناقش الوفد في مصر إحباط عمليات التهريب عبر القوارب وإعادة المهاجرين ممن يحاولون عبور البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا إلى مصر، في مقابل تنازلات تجارية ومساعدات مالية وتعاون مع أوروبا، كما أوضحت أن المسؤولين المصريين طلبوا، إضافة لذلك، مساعدة ألمانيا والاتحاد الأوروبي في مفاوضات القاهرة مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى شروط أفضل بشأن قرض الصندوق لمصر.
وفي تصريح للمستشارة الألمانية في مجلس النواب في برلمان بلادها في 7 سبتمبر الماضي، أشارت إلى نيتها لتغيير سياساتها بشأن المهاجرين قائلة: «وراءنا عام مليء بالقرارات لخفض أعداد المهاجرين»، موضحة أن حكومتها أقرت قانون الاندماج وسرعة ترحيل المهاجرين الذين تُرفض طلباتهم للجوء؛ مُشيرة إلى نجاح اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا بشأن ترحيل البعض إليها ومؤكدة أن هذا الاتفاق «هو نموذج لاتفاقات أخرى مماثلة يُجرى عقدها مع عدة دول، حددت منها بالاسم: مصر»، وفق ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.
وبالرغم من مرور قرابة الثلاثة أشهر على تصريح المستشارة الألمانية، خرج الرد الرسمي المصري على الخطة بعد تقرير صحيفة التايمز، والذي تباين بين انكار ورفض تام للصفقة برمتها نقلته صحيفة الرأي الكويتية عن مصدر ديبلوماسي مصري لم تذكر اسمه قال: «إن هذا الأمر عار تماما من الصحة»، ومُضيفاً بأن زيارة الوفد الألماني لم تتطرق إلى هذا الملف، إلا أن رد الدبلوماسي المجهول اختلف شكلاً وموضوعاً عن رد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، لموقع اليوم السابع، والذي لم ينفي الصفقة واكتفى بالإشارة إلى أن مباحثات الطرفين لم يتم خلالها التوصل لأية قرارات.
وفي تأكيد على "الخطة السرية" خرج توماس ستروبول، وزير داخلية ولاية بادن-فورتمبيرغ الألمانية، والقيادي بالحزب الحاكم، مُعلنًا عن الخطة بالتفصيل في مقال له نشرته إحدى الصحف الألمانية، ونقلته عنها صحيفة صنداي اكسبريس البريطانية، وقال فيه صراحة إن الظروف مهيأة للاتفاق مع القاهرة بشأن ترحيل نصف مليون لاجئ إليها، وذلك عبر اعتراض قوارب الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط ومن ثم إعادة من هم على متنها إلى معسكرات توطين في مصر، بالإضافة إلى أولئك الذين لم يتم قبول طلباتهم للجوء في ألمانيا، على غرار الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تركيا.
وبالرغم من تصريحات السيسي عن الزيادة السكانية الكبيرة التي تعاني منها مصر، لا يمكن استبعاد موافقته على الصفقة وزيادة السكان بنحو نصف مليون من أولئك الذين تُريد ألمانيا إبعادهم عن أراضيها لما تراه من خطورة بقائهم فيها على أمنها القومي، كما أنه ليس من الصعب توقع الظروف المواتية التي أشار إليها الوزير الألماني لعقد الصفقة، كتلك التي أشارت إليها صحيفة The Australian من سعي مصر للحصول على منح ومساعدات مالية وامتيازات تجارية بالمقابل.;