مهاجر من "شرم الشيخ" الى جامع علب فارغة في "هلسنكي"
المصدر -
في هذه الحلقة الأولى مع "مذكرات فطين" في "فلندا" ينتقل الإعلامي الفلسطيني "فطين عبيد" إلى الحديث عن مشاهداته في ومواقف مر بها بمدينة "هلسنكي" يصف أحداثها كالتالي:
فنلندا بلد التكنولوجيا والطبيعة الجميلة والمياه النقية، والكنائس الضخمة، واللسعات الباردة شتاء التي تمتد فيها العتمة شهوراً، تختزل بداخلها عالم الصومال ومصر والعراق وجنسيات عدة وصلوها أما هرباً من دولهم بسبب الحروب أو بحثاً عن لقمة العيش، الزواج من فنلندية هل سببه الحب أم الأوراق؟
هل تجميع اليورو ينسي الناس أوطانهم؟ رجال أعمال لهم مشاريع ضخمة في العاصمة هلسنكي من أصول عربية لعل أشهرهم الفلسطينيين الذين وصلوا آبائهم سنوات الأربعينات؟ محاور كثيرة نختزلها خلال التهامنا قطع البيتزا.
كلمات طالما سمعناها من شبان عرب عليك اتلاف جواز سفرك أو حرقه، وطلب اللجوء على أرض أوربا، والا أعادوك الى بلدك، عصابات تزوير الجوازات، وعصابات المتاجرة بالشباب العرب وترحيلهم على قوارب مهترئة، توصل بعضهم الى المجهول أو النجاح أو الموت في قاع البحر، نتناول احدى القصص الحية ضمن سلسلة "مذكرات فطين في فنلندا".
كنت في زياره عمل في العاصمه الفنلنديه هلسنكي وبعد يوم طويل، دخلنا مطعم بيتزا وكانت قائمه الأسعار على الباب تعرض البيتزا 9 يورو فقط علي رغم أن معظم الوجبات الأخرى في المطاعم تقترب من 30 يورو، فور دخولنا تحدثنا مع الشيف بالإنكليزية، وكان هناك شاب أسمر (35 عاماً) يرد على جواله بالإنكليزية والفنلندية، وفجأة أنهي المحادثه التليفونية بالعربية المصرية الأصيلة .
سألته أنت مصري؟ فأجاب " أيوا مصري وأبويا مصري كمان" ثم سألني علي سبيل المزاح كعاده المصريين اذا كنت أنا باكستاني بالرغم من تحدثي معه باللغة العربية، وتعالت ضحكتنا ثم قال أهلاً وسهلاً وعرفنا بنفسه ( محمد حسين) وأنه صاحب المطعم ورفض أخذ الحساب وقال أنت وصديقك ضيوفي.
وبدأ يتحدث بلغة العربي المحروق دمه، ورجوته أن يجلس معنا وبدأ ينفجر بالكلام عن أسباب مغادرته مصر وكم أن الثورة المصرية تسببت بحالة ركود كامل للاقتصاد، ما دفعه للبحث عن الرزق في مكان آخر متمنياً أن يرجع لمصر ويساعد في نهضتها.
وبعد عده محاولات للسفر تمكن من الوصول الى الدنمارك بتصريح زياره ثلاثه أشهر عن طريق صديق مغربي تعرف عليه خلال عمله في شرم الشيخ، وجد صعوبة في الدنمارك لتحصيل اقامة كمهاجر، وسرعان ما سمع عن إمكانيه الحصول علي أوراق الإقامة في فنلندا المجاورة.
وصل فنلند ا قبل انتهاء مده الزيارة للبحث عن أي سبب قانوني للحصول علي تصريح الإقامة في فنلندا, كان يقضي نهاره في جمع العلب الفارغة من الزبالة وبيعها نهاية اليوم ليتمكن من توفير السكن والطعام، وبعد شهرين من وصوله الي هلسنكي وبمساعده أحد الاشخاص الذين تعرف عليهم في المسجد تحصل علي الإقامة الأولي مده عام.
وسمع أول نصيحة، "دايماً خليك مع ربنا في الغربة" ثم اسمع للنصيحة في المساجد لان هناك المكان الوحيد اللي تلاقي نصيحه ببلاش وخالصه لوجه الله، ثم أشار الى الشيف وقالي هذا (حسن)، وهو زي أبويا منذ أن توفي والدي من عامين، حسن بقي صامتاً فأخوه توفي قبل سنوات وترك خلفه بناته، اللواتي يعشن مع شبان منذ بدون أي رابط شرعي، ما يسبب له حرقة وغيرة فكيف مسلمة تعيش مع غريب دون أي أوراق أو عقد زواج.
ووجه نصيحة لأي مغترب أن يهرب بأطفاله بعد تأمين مستقبله، ويعود بهم الى عاداتنا وتقاليدنا في بلادنا التي تفرق بين الحلال والحرام، أثناء حديثي مع محمد حسين تيقنت انني أمام قصه كفاح تستحق أن أسجلها فربما تكون مصدر الهام لشبابنا للوصول الي طموحاتهم.
وقال :" بعد شهرين من وصلي لهلسنكي تزوجت فتاة تعرفت عليها عبر النت، وبعد عامين انفصلنا لأنها كانت مولعة بالقطط، وأنا على العكس تماماً القطط تسبب لي الربو والمرض، وزوجتي سبق وتزوجت كثيرين لأسباب إنسانية منهم عراقي ويمني وفلسطيني، حتى أن الفلسطيني أجبرها على الاجهاض مرتين، لأن معظم العرب يخاف أن يتشرب أولادهم حياة الحرية المفرطة للشبان المختلفة تماماً عنا عادتنا.
وأضاف: " فور وصولي هلسنكي طبعت سيرتي الذاتية ووزعتها على معظم الفنادق إلا أن الجميع أحجم عن توظفي لوجود كلمة مدير سياحة، وبعد أن شطبتها وغيرت السيرة الذاتية، عينت فوراً عامل نظافة في إحدى الفنادق وقضيت عامين عامل نظافة، تمكنت خلالهما من تأسيس شركة خاصة بي مرخصة ومتخصصة بالنظافة".
وقال الشهور الأولى لي في هلسنكي كانت مريرة، أقضي النهار بجمع العلب الفارغة لأحصل نهاية اليوم على 50 يورو، وبالصدفة تناولت البيتزا في مطعم فيه عامل بنغالي عمره بالستينات.
عندما عرف بظروفي رفض أن يأخذ ثمنها، بل وطلب مني الحضور يومياً وأخذ قطعتين من البيتزا مجاناً لكسب الأجر، كان العرض بمثابة حبل النجاة، شهر ونصف وأنا يومياً أزوره ويعطيني بيتزا مجاناً من دون تذمر ويستقبلني أفضل استقبال من دون تمنن.
وبعد عملي تحسنت ظروفي ورفضت الاستمرار في أخذ البيتزا، وبعد شهور فوجئت بالعامل يضع لافتة أن مالك المطعم يعرضه للبيع، وبما أني متزوج فنلندية وافق البنك أن يعطيني قرض 80 ألف يورو، واشتريت المطعم وأصبحت أنا المالك وحسن عامل عندي.
والآن في سنتي الخامسة في هلسنكي فتح الله علي وعندي ثلاثة شركات، منها شركتي للنظافة والمطعم وأفكر بافتتاح فروع إضافية، كما عقدت رسمياً بحسب الشريعة الاسلامية على فتاة فنلندية غاية في الأدب والجمال والأخلاق.
ومعظم الطلبات للزبائن، تأتينا عبر مواقع التواصل بخاصة أني صممت موقعي التجاري على النت بأعلى درجات الحرفية، اذ بمجرد أن تكتب كلمة بيتزا يظهر مطعمي على قمة القائمة.
ويتحدث عن مشاهدات مؤلمة عاشها، اذ استنجد ذات مساء شاب عربي مقسماً أنه يريد شراء عشاء لأسرته، فما كان من صاحبنا الا أن أخذته النخوة واستخرج كل ما يملك 50 يورو تحصل عليها للتو بعد بيع البيع الفارغة، وعلم بعدها أن من استلف منه المبلغ للعب القمار، وحتى تم ارشاده للمكان الذي يزاول فيها لعبته بمعية رفقاء السوء.
قال :" صادفني أمامه فجأة وهو يعرف أني عاطل عن العمل، وهددته أن يعيد المبلغ فوراً وبالفعل أعادها، ومرة أخرى لجأ لي شاب عربي واستدان 300 يورو وفوجئت أنه نصاب أخذ المبلغ واختفى.
هل تجميع اليورو ينسي الناس أوطانهم؟ رجال أعمال لهم مشاريع ضخمة في العاصمة هلسنكي من أصول عربية لعل أشهرهم الفلسطينيين الذين وصلوا آبائهم سنوات الأربعينات؟ محاور كثيرة نختزلها خلال التهامنا قطع البيتزا.
كلمات طالما سمعناها من شبان عرب عليك اتلاف جواز سفرك أو حرقه، وطلب اللجوء على أرض أوربا، والا أعادوك الى بلدك، عصابات تزوير الجوازات، وعصابات المتاجرة بالشباب العرب وترحيلهم على قوارب مهترئة، توصل بعضهم الى المجهول أو النجاح أو الموت في قاع البحر، نتناول احدى القصص الحية ضمن سلسلة "مذكرات فطين في فنلندا".
كنت في زياره عمل في العاصمه الفنلنديه هلسنكي وبعد يوم طويل، دخلنا مطعم بيتزا وكانت قائمه الأسعار على الباب تعرض البيتزا 9 يورو فقط علي رغم أن معظم الوجبات الأخرى في المطاعم تقترب من 30 يورو، فور دخولنا تحدثنا مع الشيف بالإنكليزية، وكان هناك شاب أسمر (35 عاماً) يرد على جواله بالإنكليزية والفنلندية، وفجأة أنهي المحادثه التليفونية بالعربية المصرية الأصيلة .
سألته أنت مصري؟ فأجاب " أيوا مصري وأبويا مصري كمان" ثم سألني علي سبيل المزاح كعاده المصريين اذا كنت أنا باكستاني بالرغم من تحدثي معه باللغة العربية، وتعالت ضحكتنا ثم قال أهلاً وسهلاً وعرفنا بنفسه ( محمد حسين) وأنه صاحب المطعم ورفض أخذ الحساب وقال أنت وصديقك ضيوفي.
وبدأ يتحدث بلغة العربي المحروق دمه، ورجوته أن يجلس معنا وبدأ ينفجر بالكلام عن أسباب مغادرته مصر وكم أن الثورة المصرية تسببت بحالة ركود كامل للاقتصاد، ما دفعه للبحث عن الرزق في مكان آخر متمنياً أن يرجع لمصر ويساعد في نهضتها.
وبعد عده محاولات للسفر تمكن من الوصول الى الدنمارك بتصريح زياره ثلاثه أشهر عن طريق صديق مغربي تعرف عليه خلال عمله في شرم الشيخ، وجد صعوبة في الدنمارك لتحصيل اقامة كمهاجر، وسرعان ما سمع عن إمكانيه الحصول علي أوراق الإقامة في فنلندا المجاورة.
وصل فنلند ا قبل انتهاء مده الزيارة للبحث عن أي سبب قانوني للحصول علي تصريح الإقامة في فنلندا, كان يقضي نهاره في جمع العلب الفارغة من الزبالة وبيعها نهاية اليوم ليتمكن من توفير السكن والطعام، وبعد شهرين من وصوله الي هلسنكي وبمساعده أحد الاشخاص الذين تعرف عليهم في المسجد تحصل علي الإقامة الأولي مده عام.
وسمع أول نصيحة، "دايماً خليك مع ربنا في الغربة" ثم اسمع للنصيحة في المساجد لان هناك المكان الوحيد اللي تلاقي نصيحه ببلاش وخالصه لوجه الله، ثم أشار الى الشيف وقالي هذا (حسن)، وهو زي أبويا منذ أن توفي والدي من عامين، حسن بقي صامتاً فأخوه توفي قبل سنوات وترك خلفه بناته، اللواتي يعشن مع شبان منذ بدون أي رابط شرعي، ما يسبب له حرقة وغيرة فكيف مسلمة تعيش مع غريب دون أي أوراق أو عقد زواج.
ووجه نصيحة لأي مغترب أن يهرب بأطفاله بعد تأمين مستقبله، ويعود بهم الى عاداتنا وتقاليدنا في بلادنا التي تفرق بين الحلال والحرام، أثناء حديثي مع محمد حسين تيقنت انني أمام قصه كفاح تستحق أن أسجلها فربما تكون مصدر الهام لشبابنا للوصول الي طموحاتهم.
وقال :" بعد شهرين من وصلي لهلسنكي تزوجت فتاة تعرفت عليها عبر النت، وبعد عامين انفصلنا لأنها كانت مولعة بالقطط، وأنا على العكس تماماً القطط تسبب لي الربو والمرض، وزوجتي سبق وتزوجت كثيرين لأسباب إنسانية منهم عراقي ويمني وفلسطيني، حتى أن الفلسطيني أجبرها على الاجهاض مرتين، لأن معظم العرب يخاف أن يتشرب أولادهم حياة الحرية المفرطة للشبان المختلفة تماماً عنا عادتنا.
وأضاف: " فور وصولي هلسنكي طبعت سيرتي الذاتية ووزعتها على معظم الفنادق إلا أن الجميع أحجم عن توظفي لوجود كلمة مدير سياحة، وبعد أن شطبتها وغيرت السيرة الذاتية، عينت فوراً عامل نظافة في إحدى الفنادق وقضيت عامين عامل نظافة، تمكنت خلالهما من تأسيس شركة خاصة بي مرخصة ومتخصصة بالنظافة".
وقال الشهور الأولى لي في هلسنكي كانت مريرة، أقضي النهار بجمع العلب الفارغة لأحصل نهاية اليوم على 50 يورو، وبالصدفة تناولت البيتزا في مطعم فيه عامل بنغالي عمره بالستينات.
عندما عرف بظروفي رفض أن يأخذ ثمنها، بل وطلب مني الحضور يومياً وأخذ قطعتين من البيتزا مجاناً لكسب الأجر، كان العرض بمثابة حبل النجاة، شهر ونصف وأنا يومياً أزوره ويعطيني بيتزا مجاناً من دون تذمر ويستقبلني أفضل استقبال من دون تمنن.
وبعد عملي تحسنت ظروفي ورفضت الاستمرار في أخذ البيتزا، وبعد شهور فوجئت بالعامل يضع لافتة أن مالك المطعم يعرضه للبيع، وبما أني متزوج فنلندية وافق البنك أن يعطيني قرض 80 ألف يورو، واشتريت المطعم وأصبحت أنا المالك وحسن عامل عندي.
والآن في سنتي الخامسة في هلسنكي فتح الله علي وعندي ثلاثة شركات، منها شركتي للنظافة والمطعم وأفكر بافتتاح فروع إضافية، كما عقدت رسمياً بحسب الشريعة الاسلامية على فتاة فنلندية غاية في الأدب والجمال والأخلاق.
ومعظم الطلبات للزبائن، تأتينا عبر مواقع التواصل بخاصة أني صممت موقعي التجاري على النت بأعلى درجات الحرفية، اذ بمجرد أن تكتب كلمة بيتزا يظهر مطعمي على قمة القائمة.
ويتحدث عن مشاهدات مؤلمة عاشها، اذ استنجد ذات مساء شاب عربي مقسماً أنه يريد شراء عشاء لأسرته، فما كان من صاحبنا الا أن أخذته النخوة واستخرج كل ما يملك 50 يورو تحصل عليها للتو بعد بيع البيع الفارغة، وعلم بعدها أن من استلف منه المبلغ للعب القمار، وحتى تم ارشاده للمكان الذي يزاول فيها لعبته بمعية رفقاء السوء.
قال :" صادفني أمامه فجأة وهو يعرف أني عاطل عن العمل، وهددته أن يعيد المبلغ فوراً وبالفعل أعادها، ومرة أخرى لجأ لي شاب عربي واستدان 300 يورو وفوجئت أنه نصاب أخذ المبلغ واختفى.