المصدر -
تمر هذه الأيام الذكرى الـ 44 لرحيل عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين، الذي رحل عن عالمنا في 28 تشرين الأول/أكتوبر من العام 1973.عملاق الأدب العربي كانت له زيارة تاريخية للسعودية منتصف الخمسينات استقبل فيها استقبالاً رسمياً وأدبياً وإعلامياً يفوق الوصف، وكانت له رؤياه المتفردة في الثقافة السعودية وأدباء المملكة.
تفاصيل تلك الزيارة وآراء عميد الأدب في الثقافة # السعودية يستعرضها مع "العربية. نت"، شعيب عبد الفتاح، المستشار الإعلامي المصري السابق في الرياض وأبو ظبي، قائلاً إن عميد الأدب العربي زار المملكة في منتصف العام 1955 وقال عن السعودية إن "أول ما شعرت به – وما زلت أشعر به - هو الذي يجده الغريب حين يؤوب بعد غيبة طويلة جداً إلى مواطن عقله وقلبه وروحه".
وأضاف عميد الأدب العربي حينها "لقد سبق أن عشت بفكري وقلبي في هذه الأماكن المقدسة زهاء عشرين عاماً منذ بدأت أكتب على هامش السيرة وحتى الآن، ولما زرت مكة والمدينة، أحسست أنني أعيش بفكري وقلبي، وجسدي جميعاً، عشت بعقلي الباطن، وعقلي الواعي، استعدت كل ذكرياتي القديمة، ومنها ما هو من صميم التاريخ، ومنها ما هو من صميم العقيدة، وكانت الذكريات تختلط بواقعي، فتبدو حقائق حيناً، ورموزاً حيناً، وكان الشعور بها يغمرني، ويملأ جوانب نفسي".
وروى عبد الفتاح تفاصيل الزيارة قائلاً إنها بدأت في 15 كانون الثاني/يناير 1955، وكانت بمناسبة افتتاح الدورة التاسعة للجنة الثقافية لجامعة الدول العربية، التي تطورت فأصبحت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وكان طه حسين رئيساً لهذه اللجنة التي انعقدت في مدينة جدة، بدعوة من الأمير فهد بن عبد العزيز، وزير المعارف آنذاك واستمرت 19 يوماً.
وقال شعيب عبد الفتاح إنه أعد دراسة عن تلك الزيارة، وكيف كانت مهمة على الصعيد الثقافي والإعلامي آنذاك، حيث رحب الجميع بمقدم طه حسين للسعودية، وتابعتها كل الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك ومنها: أخبار الظهران، ومجلة الرياض، والمدينة المنورة، وأم القرى، واليمامة، والحج، والمنهل، وشارك في هذه الكتابات أعلام الثقافة السعودية وأدباءها في تلك المرحلة، منهم: محمد أمين يحيى، وعبدالعزيز ساب، وعبدالله عريف، وعبدالقدوس الأنصاري، فضلاً عن المقالات التي تناولت طه حسين وأثره الثقافي مثل المقالات التي كتبها حمد الجاسر، وعابد خازندار، وعبدالفتاح أبو مدين، وأحمد الضبيب، إضافة إلى قصيدة زجلية لحسن نصيف، ومقابلة تلفزيونية مع ماجد الشبل.
وتوالت الكلمات في حق زيارة طه حسين للمملكة - كما قال عبد الفتاح - فكانت كلمة لسكرتير تحرير جريدة "البلاد" السعودية عبد العزيز ساب، وكلمة "البلاد" بعنوان (نحن والمؤتمرات) لعبد الله عريف.
وفي خطابه أمام الجمعية قال طه حسين: "أشعر الآن أنني أتحدث في بلاد العرب التي عاش فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي البلاد التي مر عليها وقت كان أهلها يقولون ما أشد قرب السماء من الأرض، ثم مر عليها وقت بعد وفاة النبي كان بعضهم يبكي، لا لأن شخص محمد قد انتقل إلى الرفيق الأعلى، بل لأن خبر السماء قد انقطع عن هذه البلاد.
وفي حوار نشره الأديب السعودي محمد القشعمي نقلاً عن صحيفة "البلاد" السعودية سؤال "ما هي الروافد الثقافية التي تنصحون بالاتجاه إليها في نهضتنا الحديثة؟" فأجاب طه حسين بأنها نفس الروافد التي "أنصح بها والتي تقضي أن تفتح القلوب العقول على مصراعيها للعلم والفن والثقافة مهما تكن مصادرها، وأن نبذل أقصى ما نستطيع لنحمي قلوبنا وعقولنا من أن تستأثر بها ثقافة غربية بعينها، وفكرته عن الثقافة في السعودية آنذاك فيقول في إجابته في نفس الصحيفة: هي ثقافة ناهضة يشخصها ذكاء القلوب ونفاد البصائر وتحرر العقول، وهي بعد ذلك مشابهة من وجه عام لغيرها من الثقافات في البلاد العربية، وإن كانت تمتاز عنها برصانة في اللفظ وجزالة في الأسلوب وصرامة في التفكير وخفة في الروح.
طه حسين في ضيافة الأديب السعودي محمد سرور الصبان
وكرر طه حسين آراءه تلك في كثير من الاحتفالات التي أقيمت أيامها بمناسبة زيارته الرسمية في التلفزيون والإذاعة والصحف وغيرها، فقال في زيارته للإذاعة في جدة: ما أشد شوقي وما أشد شوقكم - فيما أحقق - إلى أن نرى هذه البلاد كما عرفناها من كتب الأدب، وإلى أن نرى شعراءها يحيون في المدينة ومكة وفي نجد وفي الحجاز كما كانوا يحيون، ويبعثون من الحياة إلى أعماق القرون مثلما كانوا يبعثون.
وقال عبد الفتاح إنه بعد الزيارة أطلقت المملكة اسم طه حسين على شارعين أحدهما في العاصمة #الرياض والثاني في جدة.
وأضاف أن عميد الأدب قام أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية بأداء العمرة، وقد نبه مرافقه الشيخ أمين الخولي وهما يغادران مدينة جدة قاصدين البيت الحرام في مكة المكرمة أن يوقف الركب عند الحديبية، فلما توقفا عندها ترجّل الرجل وقبض من تراب الحديبية قبضة فشمّها ثم تمتم ودموعه تنساب على التراب قائلاً: "والله إني لأشم رائحة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في هذا التراب الطاهر".
وقد وصف طه حسين شعوره أمام الكعبة في حديث مع الشاعر كامل الشناوي فقال: أخذتني الرهبة والخشية والخشوع كل مأخذ عندما كنت وحدي وكنت في هذه المرة الواحدة مع الناس ومع نفسي في وقت واحد.
تفاصيل تلك الزيارة وآراء عميد الأدب في الثقافة # السعودية يستعرضها مع "العربية. نت"، شعيب عبد الفتاح، المستشار الإعلامي المصري السابق في الرياض وأبو ظبي، قائلاً إن عميد الأدب العربي زار المملكة في منتصف العام 1955 وقال عن السعودية إن "أول ما شعرت به – وما زلت أشعر به - هو الذي يجده الغريب حين يؤوب بعد غيبة طويلة جداً إلى مواطن عقله وقلبه وروحه".
وأضاف عميد الأدب العربي حينها "لقد سبق أن عشت بفكري وقلبي في هذه الأماكن المقدسة زهاء عشرين عاماً منذ بدأت أكتب على هامش السيرة وحتى الآن، ولما زرت مكة والمدينة، أحسست أنني أعيش بفكري وقلبي، وجسدي جميعاً، عشت بعقلي الباطن، وعقلي الواعي، استعدت كل ذكرياتي القديمة، ومنها ما هو من صميم التاريخ، ومنها ما هو من صميم العقيدة، وكانت الذكريات تختلط بواقعي، فتبدو حقائق حيناً، ورموزاً حيناً، وكان الشعور بها يغمرني، ويملأ جوانب نفسي".
وروى عبد الفتاح تفاصيل الزيارة قائلاً إنها بدأت في 15 كانون الثاني/يناير 1955، وكانت بمناسبة افتتاح الدورة التاسعة للجنة الثقافية لجامعة الدول العربية، التي تطورت فأصبحت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وكان طه حسين رئيساً لهذه اللجنة التي انعقدت في مدينة جدة، بدعوة من الأمير فهد بن عبد العزيز، وزير المعارف آنذاك واستمرت 19 يوماً.
وقال شعيب عبد الفتاح إنه أعد دراسة عن تلك الزيارة، وكيف كانت مهمة على الصعيد الثقافي والإعلامي آنذاك، حيث رحب الجميع بمقدم طه حسين للسعودية، وتابعتها كل الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك ومنها: أخبار الظهران، ومجلة الرياض، والمدينة المنورة، وأم القرى، واليمامة، والحج، والمنهل، وشارك في هذه الكتابات أعلام الثقافة السعودية وأدباءها في تلك المرحلة، منهم: محمد أمين يحيى، وعبدالعزيز ساب، وعبدالله عريف، وعبدالقدوس الأنصاري، فضلاً عن المقالات التي تناولت طه حسين وأثره الثقافي مثل المقالات التي كتبها حمد الجاسر، وعابد خازندار، وعبدالفتاح أبو مدين، وأحمد الضبيب، إضافة إلى قصيدة زجلية لحسن نصيف، ومقابلة تلفزيونية مع ماجد الشبل.
وتوالت الكلمات في حق زيارة طه حسين للمملكة - كما قال عبد الفتاح - فكانت كلمة لسكرتير تحرير جريدة "البلاد" السعودية عبد العزيز ساب، وكلمة "البلاد" بعنوان (نحن والمؤتمرات) لعبد الله عريف.
وفي خطابه أمام الجمعية قال طه حسين: "أشعر الآن أنني أتحدث في بلاد العرب التي عاش فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي البلاد التي مر عليها وقت كان أهلها يقولون ما أشد قرب السماء من الأرض، ثم مر عليها وقت بعد وفاة النبي كان بعضهم يبكي، لا لأن شخص محمد قد انتقل إلى الرفيق الأعلى، بل لأن خبر السماء قد انقطع عن هذه البلاد.
وفي حوار نشره الأديب السعودي محمد القشعمي نقلاً عن صحيفة "البلاد" السعودية سؤال "ما هي الروافد الثقافية التي تنصحون بالاتجاه إليها في نهضتنا الحديثة؟" فأجاب طه حسين بأنها نفس الروافد التي "أنصح بها والتي تقضي أن تفتح القلوب العقول على مصراعيها للعلم والفن والثقافة مهما تكن مصادرها، وأن نبذل أقصى ما نستطيع لنحمي قلوبنا وعقولنا من أن تستأثر بها ثقافة غربية بعينها، وفكرته عن الثقافة في السعودية آنذاك فيقول في إجابته في نفس الصحيفة: هي ثقافة ناهضة يشخصها ذكاء القلوب ونفاد البصائر وتحرر العقول، وهي بعد ذلك مشابهة من وجه عام لغيرها من الثقافات في البلاد العربية، وإن كانت تمتاز عنها برصانة في اللفظ وجزالة في الأسلوب وصرامة في التفكير وخفة في الروح.
طه حسين في ضيافة الأديب السعودي محمد سرور الصبان
وكرر طه حسين آراءه تلك في كثير من الاحتفالات التي أقيمت أيامها بمناسبة زيارته الرسمية في التلفزيون والإذاعة والصحف وغيرها، فقال في زيارته للإذاعة في جدة: ما أشد شوقي وما أشد شوقكم - فيما أحقق - إلى أن نرى هذه البلاد كما عرفناها من كتب الأدب، وإلى أن نرى شعراءها يحيون في المدينة ومكة وفي نجد وفي الحجاز كما كانوا يحيون، ويبعثون من الحياة إلى أعماق القرون مثلما كانوا يبعثون.
وقال عبد الفتاح إنه بعد الزيارة أطلقت المملكة اسم طه حسين على شارعين أحدهما في العاصمة #الرياض والثاني في جدة.
وأضاف أن عميد الأدب قام أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية بأداء العمرة، وقد نبه مرافقه الشيخ أمين الخولي وهما يغادران مدينة جدة قاصدين البيت الحرام في مكة المكرمة أن يوقف الركب عند الحديبية، فلما توقفا عندها ترجّل الرجل وقبض من تراب الحديبية قبضة فشمّها ثم تمتم ودموعه تنساب على التراب قائلاً: "والله إني لأشم رائحة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في هذا التراب الطاهر".
وقد وصف طه حسين شعوره أمام الكعبة في حديث مع الشاعر كامل الشناوي فقال: أخذتني الرهبة والخشية والخشوع كل مأخذ عندما كنت وحدي وكنت في هذه المرة الواحدة مع الناس ومع نفسي في وقت واحد.