تعد القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي، والوصول إلى الأهداف المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وخصوصاً في ظل التحديات التي تواجه المنطقة العربية على شتى الأصعدة، ومن هنا كانت العلاقات بين الدولتين الشقيقتين من أمتن العلاقات العربية العربية، منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود يرحمه الله، بالرغم من المنعطفات التي مرت بها هذه العلاقات بين الحكام، إلا أنها ظلت متينة قوية بين الشعوب ولم تتأثر يوما بأي خلافات في المواقف أو الرؤى السياسية.
علاقات قوية منذ القدم..
ففي عام 1926 عقدت معاهدة صداقة بين البلدين، ثم وقعت اتفاقية التعمير بالرياض في عام 1939 التي قامت مصر بموجبها بإنجاز بعض المشروعات العمرانية في السعودية، وكان لمصر والسعودية دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، ثم كانت زيارة الملك عبد العزيز إلى مصر دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، كما أيدت السعودية مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، و تعمقت هذه العلاقات بصورة أكبر حيث تم توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين فى27 أكتوبر 1955 ورأس وفد السعودية في توقيعها بالقاهرة الملك فيصل بن عبد العزيز.
مشاركة الملك فهد والملك سلمان في صد العدوان الثلاثي على مصر..
أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت السعودية بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقد قدمت السعودية لمصر في 27 أغسطس 1956 (100 مليون دولار) بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي. وفى 30 أكتوبر أعلنت السعودية التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر، و قامت باستضافة الطائرات المصرية في شمال غرب المملكة وتمكينها من النجاة من الغارات الجوية المكثفة التي تعرضت لها الطائرات المصرية، كما قامت المملكة بوضع مقاتلات نفاثة من طراز فامبير تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية تحت تصرف القيادة المصرية، و شارك هذا السرب في الحرب وتنفيذ ماطلبته القيادة المصرية، حيث دمر القصف 20 طائرة سعودية من نوع فامبير، و استشهد فني الطائرات السعودي علي الغامدي في القصف *و شارك في الحرب الملك سلمان و الملك فهد و الأمير محمد.
الدور الرائد للسعودية في حرب أكتوبر..
عقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967، توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود. وفي حرب أكتوبر أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز، قراره التاريخي بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل دعما لمصر في هذه الحرب، كما قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بتفقد خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية. وقام الملك فيصل بن عبد العزيز بالطواف بموكبه في عدد من المدن المصرية في استقبال شعبي بهيج، رفع المصريون فيه رايات ترحيبية كان من ضمنها لافتة تقول “مرحبا ببطل معركة العبور “السادات” وبطل معركة البترول فيصل”.
اتفاقية كامب ديفيد تقطع العلاقات المصرية السعودية..
واستمرت العلاقات المتميزة بين السعودية ومصر، في بداية عهد الرئيس أنور السادات، والتي وصلت إلى أبهى صورها خاصة بعد الدور الذي قامت به السعودية، خلال حرب أكتوبر، إلا أنه فيما بعد جاءت اتفاقية كامب ديفيد لتعصف بهذا الاستقرار، حيث قررت السعودية في 23 أبريل 1979 في عهد الملك خالد بن عبد العزيز قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وجاء في قرار مجلس الوزراء السعودي، أنه نظرا لأن حكومة مصر العربية، قد قبلت وعزمت على تبادل التمثيل الدبلوماسي مع العدو الصهيوني، وبدأت في إنشاء علاقات طبيعية معه دون مراعاة الحد الأدنى من المطالب التي تتطلع الأمة العربية من خلالها إلى تحقيق السلام العادل والشامل، فإن المملكة السعودية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع جمهورية مصر العربية.
الدعم السعودي لمصر عقب ثورة 25 يناير..
أعلنت السعودية عقب ثورة 25 يناير في مصر عن ترحيبها للانتقال السلمي للسلطة في مصر عقب سقوط نظام مبارك بعد رفضها في البداية التوقف عن دعم نظام مبارك، وأبلغت الجانب المصري رغبتها في تقديم دعم مالي لحكومة تسيير الأعمال لمواجهة التداعيات السلبية التي يعاني منها الاقتصاد المصري، وجددت موقفها بتقديم هذه المساعدات دون ارتباط بموقفها من الرئيس مبارك، مشيرة إلى تحول موقف السعودية من نظام الرئيس السابق وتأييدها لثورة 25 يناير، كما قام المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الذي كان يمثل منصب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت بالسفر إلى السعودية رغم الأوضاع الداخلية المتأزمة لتأدية واجب العزاء في الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، لما تمثله السعودية شعبا وحكاما من مكانة في قلب الشعب المصري.
السعودية ترفض التدخل الدولي في الشأن المصري عقب ثورة 30 يونية..
رفض العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد أحداث 30 يونيو التدخل الدولي في الشأن الداخلي المصري. كما أعلن وقوف السعودية بجانب شقيقتها مصر ضد الإرهاب، وأعلنت السعودية أنها ستقدم مساعدات لمصر بقيمة أربعة مليارات دولار وهو ما قابله تعهدات مماثلة من الكويت والإمارات، وقام الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بالقيام بزيارة عاجلة لفرنسا ضمن جولته الأوروبية لدعم مصر، وهو ما انعكس على الموقف الدولي من هذه الثورة، وكان الملك عبد الله أول المهنئين للرئيس السيسي عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية المصرية، كما دعا إلى عقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وشارك ولي العهد السعودي وقتها الأمير سلمان بن عبد العزيز في حفل تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا لجمهورية مصر العربية.
تكاتف السعودية ومصر قوة للعرب..
كانت العلاقات المصرية السعودية المصرية وما زالت، هي صمام الأمان للعمل العربي المشترك، وفشلت كافة المحاولات التي هدفت لزعزعة هذه العلاقة عدة مرات، حيث كانت لغة الأخوة والحوار هي سيدة الموقف، وظلت المملكة مع مصر تعمل لصالح الأمة العربية في كافة المجالات، واعتبر الكثير من المحللين السياسيين أن قوة العرب في تكاتف مصر والسعودية، وضعف العرب في اختلافهما، وهو ما حرص قادة البلدين دائما على احتواء أي خلافات سياسية، والعمل على إنهائها بأسرع وقت ممكن، كما ظلت العلاقات على المستوى الشعبي راسخة متين، لم تلونها السياسة، وظلت العمالة المصرية داخل المملكة تنعم بكامل حريتها كأنها في وطنها وما زالت المملكة تحتضن أكبر جالية مصرية في العالم والتي تقدر بقرابة 4 ملايين مصري، وهو ما يعكس قوة ومتانة العلاقة بين الشعبين الشقيقين.