المصدر - نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا حول تردي الوضع الإنساني في سوريا، والمشكلات التي تواجهها المنظمات الدولية في إغاثة المدن السورية المنكوبة، بعد خمس سنوات من بداية الصراع السوري في سنة 2011.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "الصحيفة"، إن الجدل تزايد حول دور منظمات الإغاثة الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة، في الوقت الذي تشير فيه التقارير حول الوضع الإنساني في سوريا إلى أن أكثر من 4.5 مليون شخص يعيشون في أوضاع "مأساوية في المناطق السورية المعزولة".
وذكرت الصحيفة أن الاتفاق مع النظام السوري مهد الطريق لدخول ثلاث قوافل إنسانية خلال شهر كانون الثاني/ يناير 2016 إلى مدن مضايا، وكفريا، والزبداني، والفوعة، التي تعدّ أكثر المدن تضررا من الحرب السورية، إلا أن هذه المساعدات كشفت مدى كارثية الوضع الإنساني الذي "يفوق الخيال"، على حد تعبير دومينيك ستيلهارت، مدير عمليات الصليب الأحمر.
وأضافت الصحيفة أن الحرب السورية أدت منذ بدايتها قبل خمس سنوات إلى نتائج كارثية؛ حيث قتل أكثر من 250 ألف شخص، وتشرد ملايين السوريين الآخرين في مخيمات اللجوء، في الوقت الذي توجد فيه مؤشرات جدية على أن الوضع الإنساني في سوريا أكثر تعقيدا مما يبدو عليه؛ حيث يتعرض أكثر من 400 ألف شخص في السجون إلى التجويع والتعذيب.
وذكرت الصحيفة أن هيئات الإغاثة الدولية تمكنت من دخول مدينة مضايا، بعد اتفاقها مع النظام السوري الذي لا زال يفرض حصارا خانقا على المدينة منذ أشهر، وينص الاتفاق على "تسليم المساعدات ومغادرة المدينة فورا"، لكن ذلك لم يمنع هيئات الإغاثة من الوقوف على حقيقة الوضع المأساوي في مضايا؛ حيث أكدت مديرة بعثة الصليب الأحمر في سوريا أنها "لم تشاهد خلال خمس سنوات من العمل الميداني وضعا أكثر كارثية مما كانت عليه مضايا".
وأضافت الصحيفة أن ممثلي منظمات الإغاثة الدولية كانوا يملكون ساعات قليلة فقط ليقوموا بإدخال المساعدات ومغادرة المدينة، كما نص على ذلك الاتفاق، إلا أن الوقت كان كافيا ليقوموا بزيارة أحد المصحات؛ حيث يوجد أكثر من 25 طفلا مهددين بالموت جوعا.
واعتبرت الصحيفة أن المساعدات الإنسانية التي تمكنت منظمات الإغاثة الدولية، ومن بينها الصليب الأحمر والأمم المتحدة، من إدخالها لمدينة مضايا، كشفت أن الوضع الإنساني في المدينة أكثر تعقيدا من أن تتمكن المساعدات الإنسانية من إنهائه؛ حيث كشفت تقارير برنامج الأغذية العالمي أن 32 شخصا ماتوا جوعا في مضايا خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر.
وذكرت الصحيفة أن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف حرصتا على تسليم المساعدات الإنسانية المختلفة للبيوت في مدينة مضايا، وهو ما سمح لهما بالوقوف على الاحتياجات المختلفة للسكان، أما في مدينتي كفريا والفوعة فإن عملية التسليم تأخرت، في انتظار تأمين عملية دخول القوافل الإنسانية التي نص الاتفاق على تسليمها بالتوازي مع المدن السورية الأخرى.
وأضافت الصحيفة أن الوضع في مدينة مضايا التي تسيطر عليها قوات بشار الأسد وحزب الله اللبناني يختلف كثيرا عن الوضع في مدينتي كفريا والفوعة اللتين تقعان تحت سيطرة جيش "أحرار الشام"، الذي فرض حصارا على المدينتين الشيعيتين ردا على حصار مضايا.
ذلك يعني أن عملية المفاوضات مع "جيش أحرار الشام" يمكن أن تتواصل لفترة طويلة، قبل أن تتمكن هيئات الإغاثة الدولية من إقناع هذا الفصيل بضرورة السماح لهم بإدخال المساعدات للمدينتين المحاصرتين، حيث ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 13 شخصا ماتوا جوعا بعد أن دام الحصار عدة أشهر.
وذكرت الصحيفة أن الاتفاق حول عملية إدخال المساعدات الإنسانية شمل مدن كفريا، والزبداني، ومضايا، والفوعة، إلا أن المنظمات الدولية لا زالت في حاجة إلى قطع أشواط طويلة من المفاوضات قبل أن تتمكن من تفعيل هذا الاتفاق مع جميع الأطراف على أرض الواقع.
وأضافت الصحيفة أن هيئات الإغاثة الدولية تطمح للوصول إلى اتفاق مع أطراف النزاع في سوريا، يسمح لها بإجلاء الجرحى والحالات الخطيرة من المدن المحاصرة، بعد أن توصل "أحرار الشام" والنظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار في تركيا، في أيلول/ سبتمبر المنقضي.
وذكرت الصحيفة أن عمليات الإغاثة الدولية في أغلب المدن المحاصرة لا تمر إلا بموافقة النظام السوري، الذي يحدد الشروط المسبقة لدخول المساعدات والطريق الذي يجب أن تسلكه هذه القوافل، وهي إجراءات تحد من تحركات المنظمات الدولية، رغم أنها تمكنت في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر المنقضي من إجلاء 460 جريحا في حالة خطيرة.
واعتبرت الصحيفة أن عمليات الإغاثة التي تقوم بها منظمة الأمم المتحدة في سوريا تعرضت لعديد الانتقادات من طرف المنظمات الإنسانية والأساتذة الجامعيين، بعد اتهامها بالتخاذل في تقديم المساعدات الإنسانية لعديد المدن السورية المنكوبة.
ووجهت التنسيقية المتكونة من عديد الجمعيات والشخصيات الرسمية رسالة مفتوحة في كانون الثاني/ يناير من سنة 2016، إلى رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، دعته فيها إلى تطبيق مقرري مجلس الأمن عدد 2165 و2258، اللذين يسمحان لهيئات الإغاثة الدولية بإدخال المساعدات "دون موافقة النظام السوري".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن أحد التحقيقات الذي قامت به صحيفة "فوراين بوليسي"؛ كشف أن "منظمة الأمم المتحدة كانت على علم بحقيقة الوضع الإنساني في مضايا، إلا أنها فضلت عدم الدخول في مواجهة مع النظام السوري في ذلك الوقت".
المصدر