المصدر -
في منصات التواصل الاجتماعي بمصر، إذا لاحظت انتشار وسم (#هاشتاج)، يحمل مشاركات بعبارات إما تشويهية مسيئة أو إيجابية للترويج، فأنت غالباً أمام «حملة إلكترونية منظمة»، وأياً كان من يقف وراءها، فهو دوماً ما يؤكد أنه مخلص للوطن.
هذا الأمر أخذ أشكالاً بارزة في الصراعات السياسية في مصر بعد ثورة يناير 2011، واستمر بعدها لاسيما بين النظام الحالي ومعارضيه، كما زادت حدته على خلفية صعوبة إمكانية تنظيم التجمعات والتظاهرات على أرض الواقع، وفق خبراء ورصد الأناضول.
«الميليشيات أو اللجان أو الكتائب» الإلكترونية، مسميات تم تداولها على نطاق واسع خلال السنوات الست الأخيرة عبر الفضاء الإلكتروني لاسيما موقعي «فيس بوك» و «تويتر»، ويتوقع خبير مصري استمرارها في ظل عدم استطاعة الدولة فرض قيود على وسائل التواصل عبر الفضاء الإلكتروني، أو انتهاء الصراع السياسي ذاته بالبلاد.
الصراع الفضائي في مصر، الذي بدا كالحرب، وفق بلال طه مبرمج مواقع ومسوق إلكتروني مصري، بدأ منذ نحو 6 سنوات عقب ثورة يناير 2011.
طه أكد في حديث للأناضول أن اللجان الإلكترونية بدأت تظهر بشكل لافت مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس 2011، والتي أجريت إبان حكم المجلس العسكري، الذي أدار البلاد عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وأضاف أن تلك اللجان، الذي لم يحدد انتماءاتها، قد «نجحت في التأثير حينها، وتكرر ذلك في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التالية».
وبعد ثورة 25 يناير 2011، ظهر صراع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين جبهة مؤيدة للثورة وأخرى معارضة لها، قبل أن يتفرع لصراع بين مناصري الثورة نفسها، لاسيما بين الإسلاميين والتيار المدني، غير أن الصراع الأول بدأ يخفت نسبياً، خاصة بعد تعديلات مارس 2011، حيث انقسم مناصرون للثورة بين مؤيدي الخيارين المتضادين بنعم ولا.
وانتشرت انتقادات وقتها لما عرف باسم «اللجان الإلكترونية» المحسوبة على الإسلاميين.
لكن بعد الإطاحة بـ «مرسي»، في 3 يوليو 2013، فيما يراه أنصاره «انقلاباً» ومعارضوه «ثورة»، اختصر الصراع بشكل استقطابي لافت بين مناصري نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ومعارضيهم، لاسيما من جماعة الإخوان ومؤيديها، وفق رصد مراسل الأناضول.
وكان هذا واضحاً في أكثر من حديث للسيسي، أبرزها قوله إن «هناك حروباً، وكتائب إلكترونية، وقصة كبيرة يتم تنفيذها»، وفي موضع آخر مهدداً أنه يمكن أن يسيطر بكتيبتين (لم يحدد نوعيتهما) على المواقع الإلكترونية وتكون تابعة له.
هذا التلويح الأخير عده البعض، ومنهم الفنان المصري المعارض للسلطة الحالية خالد أبوالنجا، إشارة لوجود كتائب تتبع النظام.
تحركات إلكترونية
ومن أحدث تحركات تلك اللجان الإلكترونية، ما كشف عنه في مارس المنصرم، خالد البلشي، وكيل نقابة الصحافيين السابق، والمرشح وقتها في انتخابات الصحافيين.
وقال البلشي وقتها في تدوينات بصفحته على موقع «فيس بوك»: إنه تعرض لحملة منظمة تشنها لجان إلكترونية، حيث قامت الأخيرة بتدشين صفحة تحمل اسمه، بنفس شكل صفحته وألوانها بنحو 45 ألف متابع، وتقوم بنقل تدويناته الأصلية، ووضع تدوينات مزيفة وسطها لسبه ونشر شائعات.
وقبلها في يونيو 2016، ذكر خالد رفعت، أستاذ بجامعة قناة السويس (حكومية/شمال شرق)، في تدوينات عبر صفحته على «فيس بوك» أسماء قيادات مؤيدة للنظام قال: إنها تدير لجاناً إلكترونية لـ «توجيه الرأي العام، في قضايا تشغله والسخرية من معارضين»، دون أن يعطي مصدراً موثوقاً به لمعلوماته.
وسبقت تلك حملات إلكترونية منظمة مؤيدة ومعارضة تشتبك بـ «هاشتاجات» مع قضايا المصريين، ومنها عقب تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، في 3 نوفمبر الماضي.