المصدر -
مراقبون يرون أن أهم الإنجازات التي حققها التحالف العربي في اليمن تتمثل في إيقاف سيطرة الحوثي على أغلب مساحات البلاد وقطع يد إيران التي سعت إلى السيطرة على عدن و باب المندب.
يستعد اليمنيون لتخليد الذكرى الثانية لانطلاق عاصفة الحزم التي تحوّلت إلى عملية “إعادة الأمل” لاستعادة الشرعية في اليمن، والتي ساهمت -عبر التحالف العربي الذي تقوده السعودية- بكبح جماع ميليشيات الحوثي وصالح، التي اجتاحت البلاد عبر انقلاب عسكري أدخل اليمن في ويلات لا حصر لها.
ويطوي اليمنيون عامين من مقارعة التحالف العربي للمدّ الإيراني في بلادهم، وهو يواصل بثبات الوقوف في وجه مخططات الانقلابيين وحليفهم صالح،*عامان تمكن خلالها الجيش اليمني والمقاومة الشعبية بدعم مباشر من قوات التحالف العربي من تحرير غالبية محافظات الجنوب، وباتت حلقة الصراع تضيق على الحوثيين وهم يخسرون مواقعهم المطلة على صنعاء وصعدة معقل زعيمهم المختفي عبدالملك الحوثي، الذي لا يظهر إلا نادرًا وعبر خطب مسجلة يحاول من خلالها بث الروح في عناصره المهزوزة بقوة الميدان.
ما قبل عاصفة الحزم
وقبل تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، كانت*الأنظار شاخصة والوجوه قنوطة والقلوب قد بلغت الحناجر، عندما تابع اليمنيون مجريات الحرب بين القوات الموالية للحوثي وصالح على المحافظات، وتقدمها صوب المحافظات الجنوبية في آذار/ مارس من العام 2015، وهم يشاهدون أشلاء القتلى تتناثر والدماء تجري كالسيول والمواقع تسقط الواحد تلو الآخر بيد تلك القوات.
ولكن سرعان ما تحول ذلك اليأس إلى أمل، وذلك الحزن إلى فرح وهم يسمعون الأخبار العاجلة تتوالى في القنوات الفضائية بعد منتصف ليل الـ 26 من آذار/ مارس من العام 2015 ، لتعلن عن أول تحالف عربي عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية، تم تشكيله على عجل لنصرة اليمن واليمنيين وإيقاف التمدد الإيراني في جنوب شبه الجزيرة العربية بمشاركة 13 دولة، حيث شنَّ حملة عسكرية أطلق عليها “عاصفة الحزم” .
وقطعت قوات الحوثي وقوات صالح مئات الكيلومترات من صعدة وصنعاء وعمران مرورًا بمحافظتي إب وتعز وغيرها من المحافظات لتدخل مدينة عدن التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة، واعتقدت تلك القوات حينها أن الطريق سيكون أمامها ممهدًا للدخول إلى عدن كباقي المحافظات، فكانت محافظة لحج أولى محطات المقاومة التي واجهت جحافل تلك القوات باستبسال .
واستمرت المواجهات في محافظة لحج لخمسة أيام تقريبًا بين مقاومة شعبية جنوبية تشكلت حينها طواعية من بعض الشباب غير المؤهلين وبين قوات عسكرية مدججة بمختلف أنواع الأسلحة والطيران موالية للحوثي وصالح، حتى سقطت قاعدة العند العسكرية في 24 من ذات الشهر في قبضة تلك القوات وهي أكبر القواعد العسكرية في اليمن .
وقبل أن تتمكن تلك القوات من دخول عدن كانت قيادة عاصفة الحزم، قد أعلنت تدمير منظومة السلاح الجوي التي استحوذت عليها قوات صالح وقوات الحوثي، كما أعلنت فرض حظر جوي وبحري على كافة مطارات وموانئ اليمن واستمرت في تدمير الترسانة العسكرية لتلك القوات .
إنجازات
واستشعرت عاصفة الحزم بوجود إرادة قوية وعزيمة صلبة لدى أفراد المقاومة الجنوبية في عدن، الأمر الذي ساعدها على تعزيز تلك المقاومة وترتيب صفوفها وتدريبها في معسكرات داخلية وخارجية استعدادًا لمعركة برية ضد قوات الحوثي وصالح بعد أشهر من اكتفائها بالضربات الجوية.
وبعد نحو ثلاثة أشهر وتحديداً في تموز/ يوليو، نفذت المقاومة الجنوبية المسنودة بقوات من التحالف العربي أولى عملياتها البرية المنظمة بعملية خاطفة أطلق عليها “السهم الذهبي” بقيادة محافظ عدن السابق اللواء جعفر محمد سعد، وتمكنت من تحرير كامل عدن في غضون أسبوع واحد .
وفي هذه الأثناء كانت مدينة الضالع شمالي عدن تحتفل بانتصارها بالتحرير، كونها كانت أول مدينة تتحرر في جنوب اليمن من قبضة قوات الحوثي وصالح، عقب أسابيع من المقاومة والاستبسال راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.
وتوالت انتصارات المقاومة الجنوبية وقوات التحالف العربي جنوب اليمن، حتى تم تحرير محافظتي لحج و أبين في آب/ اغسطس، وتأمين الشريط الحدودي بين محافظتي لحج وتعز .
حرب “الضرورة”
ويقول الأكاديمي والباحث السياسي اليمني الدكتور حسين لقور لـ “إرم نيوز”، إن “عاصفة الحزم جاءت كحرب ضرورة، أي أنها لم تكن قد تم التخطيط لها بشكل دقيق بل تم التحضير لها بشكل عاجل مما جعل بناء التحالف الداخلي في مواجهة الحوثي غير منظم ولا متوافق مع أهداف الحرب، مما ألحق ضررًا بخطط التحالف العربي، خاصة أن كثيرًا ممن ادعوا أنهم مع الشرعية لم يكونوا إلا أتباعًا لصالح بحثًا عن المال وهذا ما انعكس على سير المعارك”.
وأضاف، أن تلك المعارك تميزت بخاصيتين مهمتين تعكسان مواقف القوى الداخلية التي دخلت الحرب، “الأولى ظاهرة المقاومة الجنوبية التي تشكلت بشكل طوعي وأوقفت سيطرة الحوثي وقوات صالح على عاصمة الجنوب عدن وباقي المدن الجنوبية حتى وصل الدعم من التحالف وتم تحرير الضالع بعد شهرين وعدن بعد ثلاثة أشهر وباقي الجنوب بعد نحو خمسة أشهر من بدء عاصفة الحزم” .
وأشار إلى أن “الخاصية الثانية تتمثل في مراوحة القوي اليمنية (الشمالية) بكل قواها من جيش ومقاومة في مكانها وعدم تحقيقها أي اختراقات عسكرية كبيرة، بل ظلت تناور بادعاءات كاذبة وانتصارات وهمية لا تخلق أي انتصار استراتيجي، حتى ما تم من تحرير بعض المناطق الشمالية مثل المخا وصعدة تم على يد قوات و قادة جنوبيين”.
وأكد “لقور” أن أهم إنجازات عاصفة الحزم، يتمثل في “إيقاف سيطرة الحوثي على أغلب مساحة اليمن وقطع يد إيران التي سعت للسيطرة على عدن و باب المندب، وكذلك حصار هيمنة الحوثي في مناطق الشمال حتى الآن وتدمير معظم الأسلحة الثقيلة والطيران التابع لصالح”.
وأوضح، أن الإنجاز الأعظم لعاصفة الحزم هو “قدرة دول التحالف خاصة السعودية والإمارات على التدخل في صراع أصبح يلامس أطراف دول المنطقة وإجهاضه في مهده”.
التمدّد الإيراني
ويؤكد متابعون للشأن اليمني، أن عاصفة الحزم، جاءت كأول ردة فعل قوية من الدول العربية للتمدد الإيراني في المنطقة، وهو ما أفصحت عنه قيادة التحالف العربي في أكثر من مناسبة وأكدته الشرعية باليمن .
ويقول المحلل السياسي اليمني منصور صالح لـ “إرم نيوز”، إن عاصفة الحزم “جاءت لمواجهة خطر التمدد الإيراني في المنطقة، وما يمكن أن يمثله سقوط اليمن في قبضة المشروع الفارسي”، مشيراً إلى أن “ذلك التدخل العربي جاء في لحظة تاريخية وتمكن من تغيير مجرى التاريخ” .
وأضاف، أن من “عاش اللحظات الفاصلة بين احتلال عدن من قبل الميليشيات وحتى انطلاق عاصفة الحزم وما حفلت به تلك اللحظات من مشاعر اليأس والقنوط والرعب من المستقبل القاتم الذي ينتظر البلاد، هو وحده من يستطيع تقدير قيمة تلك اللحظات التاريخية التي أحيت الآمال في النفوس مع أول طلعة جوية استهدفت قاعدة الديلمي الجوية التابعة للميليشيات”.
وأكد منصور، أن عاصفة الحزم “حققت انتصارات مهمة جنوب اليمن بالشراكة مع المقاومة الجنوبية، حيث تحررت معظم المحافظات الجنوبية* في وقت قياسي وبأقل التكاليف البشرية والمادية”.
تقارير مضلّلة
ويتعرض التحالف العربي منذ قيامه قبل عامين لانتقاد من بعض المنظمات الدولية، التي ما زالت تتمركز مقراتها الرئيسة في العاصمة صنعاء التي تخضع لسيطرة قوات الحوثيين وصالح، وكان آخر بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الجمعة، قد تحدث عن “وقوع 100 قتيل من المدنيين شهريًا في اليمن، معظمهم يسقطون بضربات التحالف العربي”، وفق نص البيان.
ويصف الدكتور “حسين لقور”، التقرير أنه “كذبة جديدة”، مشيرًا إلى أن “أغلب مكاتب المنظمات الدولية في صنعاء ومسؤوليها إما من قوات الحوثي أو من بقايا مخابرات صالح، وهم من يرفعون تقاريرهم لهذه المنظمات”، مؤكداً “أن هناك استغلالًا لحالات قد تكون حصلت بالخطأ، لكنها ليست كما تصوّرها هذه المنظمات”.
وبالمقابل يقول المحلل السياسي منصور صالح: “لاشك أن هناك خسائر كبيرة وقعت خلال عامين من الحرب، وهناك تزايد لمعاناة المواطنين بسبب تأخر حسمها”، لكنه يرى “أن هنالك ضحايا مدنيين سقطوا نتيجة الاستهداف العشوائي للأحياء السكنية من قبل الميليشيات وسقط آخرون نتيجة إحداثيات خاطئة تلقتها مقاتلات التحالف العربي من بعض القادة الميدانيين، خاصة في المناطق التي اتخذت فيها الميليشيات المدنيين دروعًا بشرية”.
وتابع: “لكن بالمجمل فإن ما تصوره تلك المنظمات الدولية في تقاريرها، أكبر بكثير مما يحدث على أرض الواقع”.