بواسطة :
04-01-2016 03:05 مساءً
8.2K
المصدر -
كتبه : سميرة بار
ان*وضع سياسات فعالة لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم الإسلامي يتطلب تعزيز الحركات الديمقراطية التي تمنع ظهور فروع محلية وإقليمية لتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، وتعزيز الاعتدال والتسامح في برامج التعليم.
وتحقيقا لهذه الغاية، يجب على الشركاء الغربيين تقديم المساعدة الفنية و التقنية و المساهمة في تنمية قدرات الحكومات الهشة والضعيفة على امتداد الصحراء والساحل.
الاستخبارات والدعم اللوجستي، و تكوين وتدريب القوات الخاصة، أمور وجب أن تكون مرتبطة بالاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية، لضمان التنفيذ الناجح و الناجع لبرامج مكافحة الإرهاب و الحصول بالتالي على نتائج مؤكدة.
المغرب من جانبه، يعمل مع شركائه الاقليميين، و في مقدمتهم اسبانيا، على مواجهة التطرف العنيف، على مستويات عدة، سياسية و دينية و اقتصادية و أمنية، و العلاقات بين أجهزة الشرطة و الاستخبارات المغربية و الاسبانية لم تكن أبدا أقوى مما هي عليه اليوم.
التهديد الذي يعاني منه البلدان سويا، جعلهما يدركان أن الفعالية في مواجهته، يجب أن تبنى على الثقة المتبادلة.
الشخص الذي كان وراء الدفع بتحقيق هذه الرؤية، لم يكن سوى عبد اللطيف الحموشي المدير العام لادارة مراقبة التراب الوطني و مديرية الأمن الوطني، و الذي وشحته اسبانيا العام الماضي*بوسام ”الصليب الشرفي للاستحقاق الأمني بتمييز أحمر”، و هو أعلى وسام تمنحه الشرطة الاسبانية للشخصيات الأجنبية.
لقد أصبح التطرف يشكل مصدر قلق على مستوى العالم، و تجربة التعاون بين المغرب و اسبانيا يمكن ويجب ان يتم تصديرها الى بلدان أخرى، كما أن المقاربة المغربية شاملة و تنطوي على جهود كبيرة في مختلف المجالات.
لذلك، يمكن لاسبانيا استلهام هذا النموذج، و طلب مساعدة المغرب لتنفيذ ذلك، ففي هذا البلد تقطن طائفة اسلامية مهمة، من بينها جالية مغربية تقدر بحوالي (800000) شخص، 250 منهم يقاتلون في سوريا، هذا الاعتبار يجعل التعاون مع المغرب أكثر من ضروري، فهذا البلد لديه ما يلزم ليضمن لهذه الجالية تعليما دينيا معتدلا، يمكنهم من*اندماج مثالي في المجتمع الأوروبي، العالم حاليا لا يعطي خيارات أفضل من هذه.
تشمل هذه الجهود، مكافحة قوى التطرف من خلال تنفيذ البرامج التعليمية التي تعزز الاعتدال، وتنشر النسبية الثقافية والتفكير النقدي. إضافة لاعادة تقييم المساعدات المباشرة التي غالبا ما تقتصر على إعطاء المال لزعماء فاسدين. وتعزيز العلاقات الدولية لمكافحة التهريب والاتجار غير المشروع وانتشار الجماعات الإرهابية.
وقد أظهر الملك محمد السادس التزامه بالتعاون بشكل أعمق مع الدول الجارة، بمشاركته شخصيا في العديد من الزيارات الرسمية التي عرفت توقيع عدد غير مسبوق من اتفاقات الشراكة الاقتصادية.
كما أن هذه الجهود التي تهم محاربة التطرف في كل أنحاء العالم، ومحاولة دحر التعصب الديني، كانت بمعالجة العوامل الكامنة التي تدفع الناس للانضمام إلى الجماعات الإرهابية. و ليس كبعض الدول التي استعملت التطرف لشرعنة القمع، مع العلم بأن هذا الأخير لم يكن دائما فعالا في تحييد هذا التهديد.
الرباط اعتمدت هذه الرؤية*في مرحلة مبكرة كجزء من نهج متعدد الأبعاد لمكافحة التطرف. استراتيجيتها هي جزء من التقاليد الدينية التي تؤكد على المرونة والاعتدال و نبذ*التطرف.
في المغرب، من المسلم به أن أمير المؤمنين هي أعلى سلطة دينية داخلية، *المرجعية الدينية الأسمى التي تواجه دعاة الإسلام السياسي الراديكالي. وهذا يعني أن الدولة المغربية لديها مصداقية روحية تتفوق بها على العديد من الحكومات الإقليمية الأخرى، كما أن لديها مؤسسات دينية محترمة من قبل الجيران.
علاوة على ذلك، فان المغرب قد اتخد خطوات لبناء مجتمع ديمقراطي يستند الى نموذج اسلام متسامح و منفتح و معتدل، و المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي ينص دستوره على أن المسلمين و اليهود و المسيحيين يمكنهم العيش كمواطنين مغاربة كاملي الحقوق، مع ضمان حرية ممارستهم لشعائرهم الدينية.
هذه الجهود وغيرها يمكن استخدامها كنموذج لمكافحة التطرف في بلدان أخرى، كما يمكن الاشادة و التنويه بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال تدريب الأئمة الأجانب في مدارس الاعتدال الديني.
العديد من الدول الأوروبية تستقبل كل عام عشرات الآلاف من المسلمين من أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، و الذين يمرون عبر ليبيا، التي أصبحت اليوم تمثل مركزا مهما للاتجار بالأسلحة. لكن يجب علينا أيضا وبالإضافة إلى ذلك، النظر في حقيقة أن عددا كبيرا من الاسلاميين المتطرفين ولدوا في أوروبا. هناك تعلموا من أئمة مبادئ الأصولية الدينية التي ساهمت في تطوير*وجهات نظرهم المتطرفة.
لقد أصبح المغرب واسبانيا على بينة من هذا الوضع، وهما واعيان جدا به. ولذلك وضعا أسسا و قواعد للتعاون، تضم أيضا جهدا كبيرا في ميدان*الهجرة.
هذا التعاون مستمر و يجب أن يكون نموذجا لدول أخرى كما أنه من الضروري أن نفهم الجهود المغربية متعددة الأبعاد. وعلى اسبانيا و أوروبا أن يساهما في مسلسل التنمية المشتركة لضمان الرخاء للجميع.