بواسطة :
05-08-2014 01:39 مساءً
77.5K
المصدر - الغربية- نواف العتيبي:
**
وكأنها رسائل تبعث للبشر وكرامات تمنح للشهداء لتكون عبرة للأحياء ، فشاء القدر والظروف أن يشاهد الشاب احمد زهد والده لأول مرة داخل القبر* منذ عشرة سنوات.
ففي تاريخ* 7/3/2004 استشهد حسن زهد خلال مقاومته برفقة مجموعة كبيرة من الأصدقاء ، للاحتلال الاسرائيلى الذي اجتاح منطقة البريج ، بملابس شتوية وابرهول نظرا للبرد الذي صاحب تلك الأيام .
بدأت القصة عندما سمعت زوجته أم احمد زهد "46 عاما " اسم زوجها عبر الإذاعات المحلية ضمن أسماء الشهداء الذين استشهدوا خلال صدهم للاجتياح الاسرائيلى ، ولم تصدق ذلك فتفأجئت بعد دقائق من هذا الإعلان بتواجد عشرات المواطنين أمام منزلها يهتفون للشهيد ، وبعدما كررت الإذاعات اسم الشهيد مع مكان عمله في الجامعة الإسلامية ، حينها أيقنت مصداقية استشهاده .
لحظات مرت كالصاعقة على رأس الزوجة التي استشهد زوجها تاركا خلفه أسرة مكونة من خمس فتيات وشاب وزوجة أخرى مع ابنتها ، رغم إحساسهم بذلك مسبقا نظرا لكثرة إلحاحه على أبنائه الأطفال بان يدعو له بالشهادة قائلا لهم " لو بتحبونى يا بابا ادعولى بالشهادة ، حيث كان الشهيد زهد متواضعا ويسعى لخدمة الجميع ويحب الفقراء والمساكين ويصاحب الفئة المتواضعة " بحسب حديث زوجته " .
وكان حينها اكبر أبنائه فتاة في الصف الخامس وابنه الوحيد احمد في الصف الثالث الابتدائي ، ولم يستذكر والده جيدا سوى* كشريط ذكريات سريع وتخيلات .
وقد أعلن عن استشهاد الشاب طارق زهد ابن شقيق الشهيد حسن* من مخيم النصيرات قبل عدة أيام بصاروخ من طائرات استطلاع خلال توجهه لمنزله ، وكانت وصية الشهيد طارق أن يدفن بجانب عمه حسن الذي أطلق عليه اسم طارق تيمننا باسم الشهيد طارق دخان رفيق درب الشهيد حسن .
وهنا كانت المفأجاة الكبرى حين بدأ الجميع بتنفيذ وصية الشهيد طارق بحفر القبر على عمه حسن ليدفن بجانبه ، وما أن قاموا بفتح بلاطة القبر كان المفأجاة الكبرى بمنظر الشهيد حسن الذي استشهد قبل عشرة سنوات كأنه دفن بالأمس ، ولم يمس جسده اى غبار أو تحلل ، بل كان الشهيد ممددا يده وبنفس ملابسه التي مات فيها والكفن الخاص بمستشفى الأقصى وساعة يده .
ترك المشيعون الشهيد طارق وبدأو بالتهليل والتكبير ومن ثم قام احد المواطنين بحمل ابن الشهيد احمد الذي لم يرى* والده منذ عشرة سنوات ، وقام بإنزاله إلى والده داخل القبر ثم قام بتقبيله وأغمى عليه داخل القبر وبصعوبة تم إخراجه .
ثم نزل شقيق درب الشهيد حسن زهد في السجون جلال صقر ، الذي أفرج عنه بعد حبس دام 25 عاما داخل سجون الاحتلال ، ولم يرى صديقه لحظة الاستشهاد والدفن ، وقبل صديقه حسن داخل القبر وقال* " صار لي 25 سنة ما شفتك وربنا كتبلى أنى أشوفك ألان " .
ثم نزل جميع المشيعين داخل القبر لتقبيل الشهيد حسن داخل قبره ، ثم أجهشوا بالبكاء وكان الجميع في حالة فرحة وحزن في هذا الموقف المؤثر .
ونظرا لعدم اتساع القبر بعد وجود جثة الشهيد كما هي بل ممدد اليدين أيضا ، قام المشيعين بإغلاق القبر ووضع الشهيد طارق فوق القبر في طابق ثاني .
ثم توافد المشيعين إلى زوجته بعد الدفن قائلين لها " نشهد له أمام الله أن شخصيته كما هي وكأنه استشهد اليوم " ثم قال لها رجل أخر " عندما نحفر قبر نشتم رائحة التراب كالعادة ، ولكن لما حفرنا قبر حسن حينما استشهد لم تكن هناك رائحة سوى الطيب ".
وتقول زوجته أم احمد لدنيا الوطن " كنا نتمنى منذ القدم أن نرى موقف مؤثر مثل هذا الذي حصل قبل أيام ، وكانت وصيته بدفن ابن شقيقه بجانبه لنراه بعد فترة من الزمن وها هي تحققت بحمد الله " .
وأضافت " كثيرا جائنى في المنام انه حي يرزق وطيب كما شاهدته يؤدى مناسك الحج والعمرة عدة مرات ، وحينما اسأله إذا كنت حي فمن هو الذي دفناه في هذا المكان ، فيقول لي انه حي يرزق ودائما أشاهده يضحك في المنام ".
وأشارت أن لحظة استشهاده شاهدوه الكثير من الأصدقاء في المنام* انه طائر ابيض ومن الكرامات التي رافقت استشهاده* مرافقة ثلاثة حمامات له من مستشفى الأقصى إلى المقبرة التي دفن فيها برفقة 14 شهيدا من المنطقة ، ثم خرج من القبور بعد المغرب رائحة مسك فاحت من كل أنحاء المقبرة ، وانهال المواطنين إلى المقبرة حينها لأخذ أكوام من تراب المقبرة بهذه الرائحة .