تتواصل الضغوط على لبنان من دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تدرس دول الخليج جدياً سحب سفراء دول مجلس التعاون من لبنان وقطع العلاقات معها إذا "لم تعمد الحكومة اللبنانية إلى تغيير سياستها العربية، وإعادة تصويب مسارها في ما يتصل بالموقف من السعودية والدول الخليجية"، حسبما ذكرت صحيفة كويتية، اليوم الثلاثاء.
الإجماع العربي
وقالت صحيفة "السياسة الكويتية، إن الخطوة تهدف إلى إبلاغ صانع القرار في لبنان مهما كان موقعه أن دول المجلس "ضاقت ذرعاً بمخالفة لبنان الإجماع العربي، ودفاعه عن المصالح الإيرانية على حساب عروبته وعلاقاته بأشقائه العرب".
ولم تستبعد الصحيفة أن تُقدم دول الخليج على هذه الخطوات، إذا لم تُظهر حكومة بيروت طريقةً جديدةً في التعامل مع الدول الخليجية، ومن غياب أي مبادرة من قبل حكومة تمام سلام لوقفها.
ومن جانبه توقّع أمين سر مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، ربيع الأمين، أن العمالة الوطنية في الخليج ستتقلص بمعدل 100 ألف، بعد قرار السعودية قطع مساعداتها المالية عن لبنان.
التأثيرات الاقتصادية
وأكد ربيع الأمين في تصريحات له أن التأثيرات الاقتصادية في العلاقات بين البلدين ستتجلى خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن ذلك يدعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني لتحديد موقف الحكومة مما حدث، والتداعيات الخطيرة التي ستطفو على السطح، خلال الفترة الوجيزة المقبلة وفق "الحياة اللندنية".
وكشف "الأمين" عن بدء المحادثات بين أطراف عدة في شأن مستقبل اللبنانيين في منطقة الخليج العربي الذين يبلغ عددهم 500 ألف، ومن المتوقع أن يتراجع ذلك العدد في العام 2016 ليبلغ 400 ألف من دون ترحيل، وإنما نتيجة لانخفاض فرص التوظيف.
وأبدى الأمين، مخاوفه من تقلص فرص عمل الشركات اللبنانية في الخليج إذا لم تتخذ الحكومة اللبنانية موقفا لاحتواء الأزمة الحالية مع دول الخليج، وخصوصا السعودية.
رئيس الحكومة اللبنانية
وفي أول رد فعل له أكد رئيس الوزراء اللبناني، تمام سلام، اليوم الإثنين، أن الهم الأول لبلاده، هو توطيد العلاقات مع الدول العربية، خصوصا مع المملكة العربية السعودية.
وأكد سلام، في البيان الختامي لجلسة الحكومة بشأن قرار السعودية تجميد هبة التسليح أنه "انطلاقا من نص الدستور القائل إنّ لبنان عربي الهويّة والانتماء، وعضو مؤسّس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزمٌ مواثيقها، وانطلاقاً من العلاقات الأخويّة التاريخيّة التي تربطه بالأخوة العرب ومن الحرص على المصلحة العليا للجمهورية اللبنانية بما يصون الوحدة الوطنية اللبنانية؛ فإنّنا نؤكد وقوفنا الدائم إلى جانب إخواننا العرب، وتمسّكنا بالإجماع العربيّ في القضايا المشتركة الذي حرص عليه لبنان دائماً".
وأضاف أن "لبنان لن ينسى للمملكة رعاية مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان، ومساهمتَها الكبيرة في عملية إعمار ما هدمته الحرب، ودعمَها الدائم في أوقات السلم لمؤسساته النقديّة والاقتصادية والعسكرية والأمنية. كما لن ينسى أنّ المملكة، وباقي دول الخليج العربي والدول الشقيقة والصديقة، احتضنت ولا تزال مئات الآلاف من اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب، الذين يساهمون بجهودهم في نهضة هذه المنطقة العزيزة من عالمنا العربي وينعمون بالأمان والاستقرار في ربوعها".
تيار المستقبل اللبناني
وبدوره أكد رئيس تيار المستقبل اللبناني، سعد الحريري، أن الشعب اللبناني سيرد أي إهانة توجه للسعودية إلى أصحابها، لافتا إلى أنه لا فرصة للأصوات التي انقلبت على العروبة.
وأضاف الحريري خلال مؤتمر صحفي، أمس الإثنين، في بيروت: "السعودية ودول الخليج لم يقاتلوا بشباب لبنان في حروب الآخرين، وتاريخ السعودية ودول الخليج مع لبنان معروف وواضح، ونقول للمملكة وقادة الخليج، إن الأصوات الشاذة لا تنطق باسم لبنان".
وتابع: "لم نسلم الدولة اللبنانية إلى أحد وهويتنا وقدرنا العروبة، ولن نسمح بتسليم لبنان إلى مشروع الفتنة وتقسيم المنطقة، وندعو كل اللبنانيين إلى توقيع وثيقة التضامن مع الإجماع العربي".
ووجه رئيس تيار المستقبل اللبناني، رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين، قال فيها: "نناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عدم التخلي عن لبنان والاستمرار في دعمه".
حزب القوات اللبنانية
كما أكد رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أنه كان على الحكومة اللبنانية استنكار الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، مطالبا الحكومة بالاجتماع فورا والطلب من حزب الله الامتناع عن انتقاد السعودية، محملا "حزب الله" مسؤولية خسارة لبنان مليارات الدولارات من جراء تهجمه الدائم على المملكة.
وأضاف جعجع في مؤتمر صحفي له، يوم السبت الماضي: "نطالب الحكومة بالاجتماع والطلب من حزب الله الامتناع عن انتقاد المملكة، وعلى الحكومة أيضا التدخل لوقف التهجم الذي تتعرض له السعودية من بعض القوى اللبنانية".
التعاون الخليجي
وكانت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قد أعربت عن تأييدها التام لقرار المملكة العربية السعودية بإجراء مراجعة شاملة لعلاقاتها مع لبنان، ووقف مساعداتها بتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللبنانية.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، إن دول مجلس التعاون تساند قرار المملكة العربية السعودية الذي جاء ردا على المواقف الرسمية للبنان التي تخرج عن الإجماع العربي ولا تنسجم مع عمق العلاقات الخليجية اللبنانية، وما تحظى به لبنان من رعاية ودعم كبير من قبل المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون.
وأكد الزياني أن دول مجلس التعاون تعرب عن أسفها الشديد لأن "القرار اللبناني أصبح رهينة لمصالح قوى إقليمية خارجية، ويتعارض مع الأمن القومي العربي ومصالح الأمة العربية، ولا يمثل شعب لبنان العزيز الذي يحظى بمحبة وتقدير دول المجلس وشعوبها، وهي تأمل أن تعيد الحكومة اللبنانية النظر في مواقفها وسياساتها التي تتناقض مع مبادئ التضامن العربي ومسيرة العمل العربي المشترك، وتؤكد استمرار وقوفها ومساندتها للشعب اللبناني الشقيق، وحقه في العيش في دولة مستقرة آمنة ذات سيادة كاملة، وتتطلع إلى أن يستعيد لبنان عافيته ورخاءه الاقتصادي ودوره العربي الأصيل".