فرضت خطوة تشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة تساؤلاً مهماً بشأن العقبات التي قد تعترض طريق تشكليها، سواء كانت من داخل الدول العربية نفسها أو من الخارج. وتوجه رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازي أمس إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في مؤتمر رؤساء أركان الدول العربية وذلك في إطار تفعيل قرارات مؤتمر القمة العربية بإنشاء قوة عربية مشتركة تستهدف الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة من دون الكشف عن موعد الاجتماع.
ويبدو أن قرار الموافقة على تكوين القوة المشتركة أعاد إلى الأذهان ذكرى فكرة الجيش العربي الموحد التي كان شرع بتنفيذها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر من خلال تكوين قيادة عربية عسكرية موحدة، وهي المحاولة التي باءت بالفشل آنذاك؛ وتثير ذكراها المخاوف من أن تكون القوة العربية العسكرية المشتركة مجرد تكرار للتجربة القديمة ذاتها.
ومن أولى العقبات التي قد تواجه إنشاء القوة غياب الأهداف الموحدة في السياسة الخارجية للدول العربية، ما يعرقل إمكانية الاتفاق على كيفية استخدام هذه القوة، بينما يبدو مستبعداً أن ترغب الولايات المتحدة بأن يعمل العرب بشكل مستقل عن خططها للمنطقة.
من جانبه، يوضح المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية في القوات المصرية اللواء علاء عز الدين أن أي مهمة جديدة من الطبيعي أن تواجه بعض المعوقات، وهو ما ينطبق على القوة المشتركة، مشيراً إلى أن الفيصل في تخطي تلك المعوقات يكمن في إرادة ورغبة القيادات السياسية وإدراكها مدى أهمية تشكيل هذه القوة التي تأتي في إطار تفعيل ميثاق التعاون العربي المشترك.
وبخصوص المعوقات التي قد يكون من شأنها عرقلة تشكيل هذه القوة المشتركة، يشير عز الدين إلى أن القوة العربية قد تواجه بعض المشاكل على الصعيد الداخلي، ولكنها لن ترقى إلى مستوى عرقلة تشكيلها؛ وهذه المشاكل ستكون مقتصرة حول الأمور الفنية، منها حجم القوات وتوزيعها والتمويل والقيادة.
ويضيف أن تشكيل هذه القوة لا يسعد بعض الأطراف الإقليمية ومنها تركيا وإيران، ودولية ممثلة بالولايات المتحدة، نظراً لأنها تتيح للدول العربية الاستغناء عن القوى الغربية ويوازنها مع تلك الإقليمية.
وبحسب مراقبين، تخطى العرب دروس الماضي وعمدوا إلى جعل الاشتراك في هذه القوة المشتركة اختيارياً، معتمدين في ذلك على موافقة عدد من الدول التي من شأنها تكوين قوة قادرة على تنفيذ الأهداف المنشودة.
أما على صعيد العقبات الخارجية، فيبدو أن هذه القوة تثير لدى بعض الأطراف نفس الهواجس التي أثارها الجيش الموحد في عهد ناصر، لا سيما التخوف بأن فرض حضور هذه القوة في المنطقة قد يكون على حساب التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، وهو الأمر الذي لن يقبله الغرب والولايات المتحدة تحديداً.
من جانبه، استبعد الخبير العسكري اللواء زكريا حسين تلك التكهنات حول وجود عقبات مؤثرة على تشكيل هذه القوة، موضحاً أن هناك فارقاً بين تكوين قوة عربية وبين جيش عربي. فالقوة العربية المقترحة ستكون عبارة عن تحالف ضد الإرهاب، وهو الأمر الذي سيقابل بالترحاب الدولي لا سيما من الولايات المتحدة، التي تقود تحالفاً لمحاربة الجماعات المتطرفة في العراق وسوريا.