ضمن العروض المسرحية السودانية المتأهلة التي تمّ تخطيها عقبة التقييم من الأساتذة الأكاديميين المتخصصين أعضاء لجنة الجودة و الاختيار المنبثقة من اللجنة المنظمة لمهرجان البقعة الدولي للمسرح و التي أشرفت على تقييم الكثير من العروض المسرحية السودانية في الكثير من الولايات هي مسرحية " إيجار ياي " لفرقة بورتسودان من ولاية البحر الأحمر و هي من تأليف الأستاذ عبدالناصر أحمد عطاء و مساعد المخرج علاء الدين ريحان و تصميم الأغاني و الإخراج العام للعرض للفنان المبدع وليد عبدالرحمن و تمثيل الفنانيين *أبو القاسم حامد ، محمد عثمان محمد احمـد ، راشد محمد صالح ، ناصر أحمد العطا.. أما الاستعراض لأصداء البحر من تصميم و إخراج وليد عبدالرحمن* و السنغرافيا نازك عبدالحميد و تنفيذ العرض الاستعراضي* و المؤثرات الصوتية و الضوئية الفنان محمد عثمان كلمون أما الأغاني من تأليف و غناء الفنان محمد البدري . و " إيجار ياي " تتناول الشخص الغضوب في دواخله النفسية فيعاني من الصراعات و القهر الداخلي الذي يستولي على كيانه و لكنه يجد في الزار و الرقص لذة لطرد ما في نفسه .. هذه الراحة تأتي من شخصيته و الكم الموبوء به من الإحباطات التي سببت له القهر الداخلي و الشخصية التي تعاني الانفصام وهي سبب تعلقه لإيقاعات الزار . لذا أجد أن العرض كما أتوقعه فيه توظيف التراث السوداني الورتسوداني بالتحديد عند قبائل البجا في الفعل المسرحي على الخشبة مسترجعا القيم الموروثة الجميلة التي قد يزخر بها العرض المسرحي . و في حديث مقتضب عن المخرج و العرض و طموحه في هذه المنافسة أشار أنه يسعى من خلال تقديمه لهذا العرض في مهرجان البقعة الفني في دورته الجديدة ٢٠١٦ أن يقدم فنانوه عرضا مختلفا عن الأعوام السابقة في الطرح و الشكل و المضمون و فيأمل أن يصل به إلى العالمية. و عن السبب في خسارة جهده و جهد زملائه و على رأسهم الممثل المبدع محمد عثمان محمد أحمد في مسرحيته المولودرامية " السيد " التي قدم فيها جهدا كبيرا في تشخيص الحالات التي تتصارع في دواخل شخصية " السيد " المقعد على الكرسي المتحرك و تفريغها ذكر المخرج مسرحية " السيد " رائعة بكل المقاييس و شهد بها كل متذوق للعروض المسرحية و استبعدت من المنافسة بسبب تقلُّص العرض عن الشرط الأساسي يجب أن يتجاوز العرض سبعا و أربعين دقيقة و لا يتعدى الستين دقيقة و قد تقلَّص عن الزمن المشروط بسبع دقائق فقط و لهذا رأت لجنة التحكيم استبعاده بأن يكون خارج المنافسة .. و رغم التأسف على الجهد إلا أنه يعتبر درسا لنا و للفرق المسرحية المشاركة في المنافسة.وحول اسم المسرحية " إيجار ياي " ذكر أن* الكلمة تعني التلبس داخل الجسد كما في طقوس ( الضَّار ) من الجان في لغة قبائل الهدندوة - البجا - الذين يسكنون شمال شرق السودان و مدينة بورتسودان على امتداد سواحل البحر الأحمر و النَّص بما فيه طقوس يحمل سمات إنسانية نحن بحاجة لها في حياتنا المعاصرة و يسوقُ هدفا نبيلا و هو الدعوة إلى التسامح الداخلي مع الذات في الطرح خارج الجسد كما يؤكد المخرج وليد من خلال حديثه. و الجدير بالذكر أن قبائل البجا ( الهدندوة ) يعدون من أقدم الشعوب الأفريقية يعود نسلهم إلى كوش بن حام بن النبي نوح عليه السلام و قيل إلى سام بن النبي نوح عليه السلام و كانوا معاصرين لفراعنة مصر و في حروب دائمة معهم و لهم امتداد من شمال السودان مروراً بمنطقة مثلث حلايب مع الحدود المصرية و جنوباً ما بين باضع ( مصوع حالياً ) وجزر دهلك إلى منطقة بركة في داخل الحدود الإرترية ومن ثم الامتداد غربا إلى قلع النحل و القلابات والقضارف والبطانة و نهر عطبرة في السودان. و قبائل البجا ( الهدندوة ) الذين شاهدتهم في زيارتي لمدينة بورتسودان عروس البحر الأحمر و من خلال بحثي الثقافي و جدت أن لهم عادات وتقاليد متقاربة و لباس متشابه إلى حد ما .. يذكرني الرجل منهم بلباسه و عمامته بأنه محتفظ بإرث في العصر العباسي تراثا و لهم نظام و غناء و رقص متقارب، و نتيجة للتزاوج* الكثير و التناسل الكثير بينهم تداخلت أكبر القبائل البجا و قبلتي بنو عامر والهدندوة البشاريين ،* و هم من أبرز قبائل البجا. ويتحدث البجويون* بالبداويت و اللغة الجئعزية " التقرية " وهم قبائل أغالبها رعاة والقلة منهم مزراعون ، و هذه القبائل تتمتاز بالشجاعة والفراسة حيث أنهم أول من ناصر الأمير عثمان ذقنه في القتال ضد الأتراك والإنجليز بأن حكمهم السودان ، و حاليا يطلق اسم الأمير عثمان ذقنة على ميناء سواكن المحادية لمدينة بورتسودان ، كما أن عددا من قبائل البجا تمتاز بطريقة حكم* وفق نظام الإدارة العشائرى وتتكون من قبائل من البنى عامر والهدندوة ، و البشاريين .
*