المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 17 أكتوبر 2025
السفير مصطفى الشربيني… صوت العالم العربي في مشورة رواد المناخ رفيعي المستوى للأمم المتحدة
منال عبد السلام - مصر
بواسطة : منال عبد السلام - مصر 17-10-2025 02:25 مساءً 2.7K
المصدر -  
في زمن تتسارع فيه التحولات المناخية، ويشتد فيه السباق الدولي نحو الحياد الكربوني، يبرز صوت عربي من قلب مصر ليؤكد أن العمل المناخي ليس ترفًا علميًا ولا رفاهية سياسية، بل هو قدر إنساني ومسؤولية جماعية. ذلك الصوت هو السفير الدكتور مصطفى السيد الشربيني، أحد أبرز القادة الدوليين في مجال المناخ والاستدامة، الذي مثّل العالم العربي في المشورة الدولية لرواد المناخ رفيعي المستوى التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، ضمن أجندة مراكش للعمل المناخي العالمي (Marrakech Partnership for Global Climate Action).

مقدمة: مشورة تقود مستقبل العمل المناخي العالمي

تُعد هذه المشورة واحدة من أهم المنصات العالمية التي تنسّق بين رواد المناخ رفيعي المستوى (High-Level Climate Champions) والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والجهات الأكاديمية، بهدف صياغة مسارات عملية لدعم تنفيذ اتفاق باريس للمناخ، وتسريع العمل المناخي العادل والمستدام قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) في البرازيل.

وفي ظل تصاعد التحديات المرتبطة بالتمويل المناخي، وضرورة تمكين الدول النامية من أدوات العدالة المناخية، جاءت مشاركة السفير مصطفى الشربيني كحدث بارز، حمل رؤية عربية علمية متكاملة تربط بين العلم والسياسة، وبين الحوكمة البيئية والتنمية الاقتصادية، في إطار من العدالة والتمكين المجتمعي.

السفير مصطفى الشربيني… رائد علمي وإنساني في مسار المناخ العالمي
image

يُعرف السفير الدكتور مصطفى السيد الشربيني في الأوساط الدولية بصفته الرئيس التنفيذي لمعهد الاستدامة والبصمة الكربونية ذ.م.م بمصر Institute of Sustainability and Carbon Footprint LLC - ISCF وأمينًا عامًا للاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة بالمملكة المتحدة، ورئيسًا لمؤسسة الفريق التطوعية للعمل الانساني المراقب باتفاقية باريس VTFHA، فضلًا عن كونه رئيس كرسي البصمة الكربونية والاستدامة بمنظمة الألكسو (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)، وعضوًا مراقبًا باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC).

يمتلك السفير الشربيني سجلًا مهنيًا يتجاوز خمسة وعشرين عامًا في مجالات إدارة الكربون، إعداد تقارير الاستدامة، التمويل المستدام، الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG)، وقد أسهم في وضع وتطوير معايير دولية مرجعية مثل ISO 14064، PAS 2060، GHG Protocol، إضافة إلى مشاركته في لجان العمل التابعة للمنظمات الدولية كـ منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO).

لكن ما يميز السفير الشربيني ليس فقط علمه الغزير أو مكانته الدولية، بل قدرته على تحويل العلم إلى حركة مجتمعية. فهو مؤسس مبادرتي “سفراء المناخ” و“رواد الحياد الكربوني”، اللتين أصبحتا منصتين إقليميتين لتدريب الشباب والمجتمع المدني على أدوات الحوكمة البيئية والتحول الأخضر، في تجربة رائدة لدمقرطة المعرفة المناخية وإيصالها إلى كل بيت ومدرسة وجامعة.

مضمون المشاركة: من العلم إلى السياسات العملية

خلال مشاركته في مشورة رواد المناخ رفيعي المستوى، قدّم السفير مصطفى الشربيني ورقة تحليلية عنوانها:
“تمكين المجتمع المدني كقوة محركة للتحول العادل وتمويل المناخ”، عرض فيها رؤية متكاملة لإشراك منظمات المجتمع المدني في تنفيذ اتفاق باريس وتعزيز العدالة المناخية في الدول النامية.

ركز السفير في مداخلته على أن التحول العادل لا يمكن أن يكون مستوردًا أو مفروضًا من الشمال إلى الجنوب، بل يجب أن يُبنى على حلول محلية قائمة على المعرفة والتمويل المنصف. وأكد أن العدالة المناخية تبدأ من تمكين القاعدة المجتمعية عبر مبادرات صغيرة وفعالة في الزراعة والطاقة والنفايات والمياه.

وأشار إلى أن تطبيق منهجيات قياس البصمة الكربونية والتحقق من الانبعاثات (MRV)، حتى في المؤسسات الصغيرة والمجتمعية، يمثل نقطة تحول في تحقيق شفافية العمل المناخي وتعزيز ثقة الممولين والمستثمرين الدوليين في المشاريع العربية والإفريقية.
image

المحاور الرئيسة التي تناولها في المشورة

التمويل المناخي العادل:
شدد السفير الشربيني على أن الوصول إلى التمويل المناخي ليس منحة، بل حق إنساني للدول المتضررة من التغير المناخي، وطالب بإنشاء آلية تمويل عربية إفريقية مشتركة تعتمد على أدوات الشفافية والحوكمة في إدارة الأموال المناخية.

التكامل بين العلم والمجتمع:
دعا إلى تحويل البحث العلمي من مجرد أوراق أكاديمية إلى حلول مجتمعية قابلة للتطبيق، من خلال شراكات بين الجامعات والمجتمع المدني، وتضمين مؤشرات المناخ في المناهج التعليمية.

تمكين الشباب والمبادرات التطوعية:
أكد أن الشباب هم طاقة التحول الأخضر، وأن مبادرة “سفراء المناخ” تمثل نموذجًا عالميًا لتأهيل قادة المناخ محليًا، داعيًا إلى تعميم التجربة على مستوى الدول العربية والأفريقية.

التكنولوجيا والتحول الرقمي:
دعا السفير إلى تبني تقنيات التحول الرقمي في تتبع الانبعاثات، وتحليل البيانات المناخية باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتسريع عملية اتخاذ القرار وتحديث المساهمات الوطنية المحددة (NDCs).

التعاون الإقليمي:
اقترح تأسيس منصة عربية إفريقية ضمن إطار أجندة مراكش للعمل المناخي لتبادل الخبرات في مجالات إدارة الكربون والطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري.

الأثر الإقليمي لمشاركته

حظيت مداخلة السفير الشربيني بتفاعل واسع من ممثلي المنظمات الدولية ورواد المناخ، حيث وُصفت بأنها “صوت الجنوب العالمي في قلب الحوار المناخي”.
وقد أشار ممثلو الـ UNFCCC إلى أهمية النموذج الذي تقدمه مصر والمنطقة العربية بقيادة خبراء أمثال السفير الشربيني في سد الفجوة بين الالتزامات الدولية والتنفيذ المحلي.

ساهمت مشاركته في إبراز الدور البنّاء للمجتمع المدني العربي، وأكدت أن المنطقة لم تعد مجرد متلقٍ للسياسات، بل شريك فاعل في صياغتها.
كما فتحت الباب أمام تعاون مؤسسي بين مؤسسة فريق المتطوعين للعمل الإنساني (VTFHA) وعدد من المبادرات الدولية لتطوير برامج مشتركة في مجالات تمويل المناخ، التدريب، والحوكمة البيئية.

التوصيات التي قدّمها ضمن المشورة

اختتم السفير مصطفى الشربيني مشاركته بمجموعة من التوصيات العملية التي لاقت إشادة من رواد المناخ، أبرزها:

اعتماد نظام دولي لتأهيل المنظمات التطوعية والمجتمعية كجهات فنية داعمة لتنفيذ اتفاق باريس.

تضمين مؤشرات الانبعاثات المجتمعية في تقارير المساهمات الوطنية المحددة (NDCs) لتعزيز الشفافية.

إنشاء صندوق دولي لتمويل مشاريع التحول الأخضر المجتمعي في الدول النامية.

توسيع دور الجامعات ومراكز البحث في تدريب الكوادر على أدوات قياس الكربون وإدارة المناخ.

تحفيز التعاون بين القطاع الخاص والمجتمع المدني لتطبيق معايير ESG على المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

تبني مفهوم “المواطنة المناخية” كمبدأ عالمي جديد يجمع بين الحقوق والواجبات في مواجهة التغير المناخي.

السفير الشربيني… من الميدان إلى المنصات الدولية

منذ أكثر من عقدين، كان الدكتور مصطفى الشربيني في مقدمة الجهود التي تسعى إلى إدماج التنمية المستدامة في السياسات الوطنية والإقليمية.
أسس برامج تدريبية دولية معترف بها في بريطانيا ومصر والخليج وأفريقيا، لتأهيل الكوادر في مجالات قياس الانبعاثات، كفاءة الطاقة، والتمويل الأخضر.

كما أطلق من خلال الاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة ومعهد الاستدامة والبصمة الكربونية برامج لبناء القدرات في أكثر من 15 دولة نامية، ركزت على تحويل الكيانات المجتمعية إلى قوى مناخية قادرة على التغيير الفعلي.
وقد نال تقدير العديد من المنظمات الدولية لدوره في تطوير منهجيات التطبيق العملي لمعايير ISO 14064، ISO 50001، PAS 2060 في المؤسسات الحكومية والخاصة.

رؤية تربط المناخ بالكرامة الإنسانية

في كلمته الختامية خلال المشورة، أطلق السفير مصطفى الشربيني عبارة لاقت صدى واسعًا:
UNFCCC https://share.google/4dpZ90PtBiZQ4DMIE
“العمل المناخي ليس رفاهية، بل هو صون للكرامة الإنسانية، وعدالة بين الأجيال.”

بهذه العبارة اختصر فلسفته في التعامل مع التغير المناخي كقضية أخلاقية قبل أن تكون اقتصادية أو بيئية.
فهو يرى أن التحول العادل يعني أن لا يترك أحد خلف الركب، وأن العدالة المناخية لا تتحقق إلا عندما يُمنح كل إنسان القدرة على حماية بيئته ومجتمعه من التدهور.

نحو حضور عربي فاعل في قمة المناخ COP30

تأتي مشاركة السفير الشربيني في هذه المشورة ضمن استعداداته للمشاركة في التحضيرات الرسمية لقمة المناخ المقبلة (COP30) المقرر عقدها في البرازيل عام 2025، حيث يعمل على بلورة رؤية عربية موحدة للتمويل المناخي والتحول الأخضر، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة ومنظمة الألكسو ومؤسسة فريق المتطوعين للعمل الإنساني.

ويهدف من خلال هذه الجهود إلى أن يكون للعالم العربي صوت مؤثر في طاولة المفاوضات المناخية، يمثل مصالح المجتمعات المحلية والفئات الهشة التي تتحمل عبء التغير المناخي دون أن تنال نصيبها من التمويل والدعم الدولي.

صوت يحمل العلم والضمير

تجسّد مشاركة السفير مصطفى الشربيني في مشورة رواد المناخ رفيعي المستوى تحولًا نوعيًا في حضور الخبراء العرب في المنصات الدولية.
فهو لا يتحدث فقط بلغة السياسة، بل بلغة العلم والضمير، واضعًا أمام العالم نموذجًا لقائد عربي يجمع بين المعرفة الأكاديمية، والرؤية الاستراتيجية، والالتزام الإنساني.

إنه صوت الجنوب العالمي الذي يطالب بعدالة المناخ لا بمنطق الشكوى، بل بمنطق الشراكة والمسؤولية.
صوت يحمل من مصر والعالم العربي رسالة أمل بأن التغيير ممكن، وأن بناء مستقبل مستدام ليس حكرًا على القوى الكبرى، بل هو حق وواجب لكل إنسان على هذا الكوكب.

وبينما تستعد الأمم المتحدة لجولات جديدة من التفاوض في قمة المناخ المقبلة، يظل السفير مصطفى الشربيني رمزًا متجددًا للقيادة المناخية العربية، ورائدًا يؤمن بأن “التحول الأخضر لا يبدأ من القوانين فقط، بل من الإنسان الذي يؤمن بأن حماية الأرض هي حماية للحياة ذاتها”.