المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 24 سبتمبر 2025
حين تغني الأوراس: تجربة مصرية في مهرجان خنشلة
غرب - التحرير
بواسطة : غرب - التحرير 23-09-2025 11:58 مساءً 1.3K
المصدر -  
حين تطأ قدماك مسرح الهواء الطلق "زُليخة لواج" بولاية خنشلة، تدرك أنك أمام لحظة استثنائية لا تُقاس بالزمن. فقد عشت هناك تجربة فنية وثقافية عميقة، وأنا أحضر فعاليات المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية في دورته الثانية.

كان المشهد مهيبًا؛ مئات الحضور، أنغام الشاوي تصدح من جبال الأوراس لتغمر المكان بأصوات راسخة في الذاكرة الجماعية. وعلى رأس المشاركين، عميد الأغنية الشاوية الفنان عبد الحميد بوزاهر، الذي أضفى حضوره بُعدًا خاصًا، فكان بمثابة الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر.

المهرجان لم يقتصر على العروض الفنية، بل حمل في طياته أبعادًا معرفية وثقافية. فقد نُظمت ندوة علمية حول الغناء الجماعي في الأوراس، قدّمت خلالها الأستاذة جميلة فلاح مداخلة ثرية، إلى جانب مداخلات أخرى ناقشت هذا الفن التراثي الأصيل وأهميته في حفظ الهوية. كما تخللت الفعاليات تكريم عدد من كبار الفنانين الذين أسهموا في إثراء الساحة الفنية الجزائرية، إلى جانب تنظيم منافسة رسمية بجوائز، منحت للمهرجان روحًا تنافسية وإبداعية شابة.

ولم يكن هذا الحدث ليبلغ هذا المستوى من النجاح لولا الجهود الكبيرة التي بذلتها مديرة دار الثقافة الشهيد علي سوايحي لولاية خنشلة السيدة سامية مرزوقي، ومحافظ المهرجان السيد محمد العلواني، اللذان حرصا على أن تكون خنشلة فضاءً مفتوحًا للفن والجمال والهوية.

وبوصفي مصرية حضرت هذا العرس الثقافي، لم أشعر للحظة أنني غريبة. فقد كان الترحيب بي صادقًا وبالغ السخاء، اندمجت مع الجمهور، شاركتهم التصفيق والحماس، وشعرت وكأنني أعيش جزءًا من ذاكرتهم. إن حبي للتراث الجزائري قديم، لكن حضوري لهذا المهرجان جعلني أعيشه عن قرب، وأتلمّس تفاصيله الحية وسط أهله.

لقد كان المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية بخنشلة أكثر من حدث فني، كان مساحةً للقاء الأرواح عبر موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا. وحين تختلط أصوات الأوراس بفرح الناس، يدرك المرء أن التراث ليس ماضيًا يُروى فحسب، بل حاضرًا حيًا يمدّنا بالقوة لنمضي إلى المستقبل.

خرجت من خنشلة وأنا أردد في داخلي أن الفنون حين تُصان وتُحتفى بها، تصبح جسرًا للإنسانية، لا يفرّق بين مصري وجزائري، بل يجمعهما على إيقاع واحد، وإحساس واحد، وحلم واحد أن يظل التراث حيًا ما دامت القلوب تنبض به.

بقلم: صابرين حسن