المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 3 أبريل 2025
رحلة الأم التي انتهت في دار المسنين
غرب - التحرير
بواسطة : غرب - التحرير 12-02-2025 01:16 مساءً 3.5K
المصدر - بقلم - محمد بن العبد مسن  
في زاوية هادئة من دار للمسنين، تجلس صوفيا (78 عامًا) تحدق عبر النافذة، تاركةً خلفها ذكريات عمرٍ كرسته لتربية أبنائها الخمسة. بعد سنوات من العطاء، وجدت نفسها فجأة في مكان لم تتخيله يومًا ملاذًا لها: دار للمسنين. قصة صوفيا ليست فريدة، بل هي جزء من واقع متزايد في مجتمعاتنا، حيث تتصادم التقاليد مع تحولات العصر الحديث.

*الفصل الأول: أمومة بلا حدود*
نشأت صوفيا في قرية صغيرة، حيث كانت العائلة الممتدة أساس المجتمع. تزوجت مبكرًا، وكرست حياتها لرعاية أبنائها وزوجها، متخلية عن أحلامها في إكمال التعليم. كانت بيتها ممتلئًا بالضحكات والمشقات اليومية، حتى كبر الأبناء واحتاج كل منهم إلى مساره الخاص. تقول صوفيا: "كنت أعتقد أن الشيخوخة ستجمعنا حول مائدة واحدة، لا أن أكون عبئًا يُوزع".

*الفصل الثاني: القرار الذي غيَّر كل شيء*
مع تقدم العمر، بدأت صوفيا تعاني من أمراض مزمنة، وأصبحت رعايتها تتطلب جهدًا أكبر. أثار هذا نقاشات بين أبنائها، الذين تشابكت التزاماتهم العملية والعائلية. قرروا نقلها إلى دار مسنين، مبررين القرار بـ: "ليس لدينا الوقت أو الخبرة الكافية"، و"الدار ستوفر لها رعاية طبية أفضل". لكن القرار ترك في قلب صوفيا جرحًا عميقًا: "شعرت كأنني قطعة أثاث قديمة تُنقل إلى مخزن".

*الفصل الثالث: الحياة داخل الجدران الأربعة*
في الدار، تواجه صوفيا صراعًا يوميًا بين الذكريات والواقع. رغم الرعاية الجيدة والأنشطة المنظمة، تشعر بالوحدة: "الوجوه هنا تشبهني، تحمل نفس الأسئلة: لماذا انتهى بنا الحال هنا؟". تحاول أن تنسج صداقات مع نزلاء آخرين، لكن غياب العائلة يظل ثقيلًا. تقول إحدى الممرضات: "الكثيرون مثل صوفيا يبتسمون أمام الزوار، لكن ليلتهم طويل".

---

*الفصل الرابع: نظرة المجتمع والثقافة*
في العديد من المجتمعات، لا يزال نقل الآباء إلى دور المسنين يُنظر إليه على أنه "انكسار للعقد الاجتماعي". تشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة الإيداع في الشرق الأوسط بنسبة 40% خلال العقد الأخير، بسبب تغير نمط الحياة وضغوط الاقتصاد. يقول خبير اجتماعي: "الأبناء اليوم يواجهون تناقضًا بين التوقعات التقليدية وإمكانياتهم المحدودة".

*الفصل الخامس: هل من أمل؟*
ليست قصة صوفيا نهاية محتومة. تظهر مبادرات في بعض البلدان لدمج الرعاية الأسرية مع الدعم المجتمعي، مثل مراكز الرعاية النهارية أو برامج "تبني جد". تقول صوفيا: "أتمنى أن يعي أبنائي أن الحب ليس مكانًا، بل هو وجود… حتى لو كان عبر الهاتف".

*خاتمة:*
قصة صوفيا تدفعنا لإعادة النظر في مفهوم "البر بالوالدين" في عصر السرعة. إنها دعوة لموازنة بين موارد العصر وقلب التقاليد، ولتذكير بأن الشيخوخة ليست عجزًا، بل فصلًا جديدًا يستحق أن يُعاش بكرامة… وحب.

*كلمة أخيرة:*
"ربما لن نستعيد الماضي، لكننا قادرون على أن نجعل الحاضر أكثر إنسانية." — صوفيا.