المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024
"توازنات" برنامج يبث على المنصات المسموعة للكاتب د.عبدالله تلمساني
يوسف بن ناجي- سفير غرب
بواسطة : يوسف بن ناجي- سفير غرب 24-08-2024 10:54 مساءً 1.4K
المصدر -  
بداية نتعرف بها على مقدم برنامج "توازنات" وهو د.عبدالله محمد علي تلمساني كاتب في مجال التطوير الذاتي، وأستاذ جامعي ومستشار سابق في مجالات التخطيط. خريج جامعتي هارفرد وبيركلي، ودارس التنمية في MIT.

صدر له عدد من المؤلفات؛ منها كتاب "طريق التوازن: نحو مزيد من الرضا والتميز"، باللغتين العربية والإنجليزية، والذي أشارت إليه مؤلفة الكتاب رقم (١) في قائمة نيويورك تايمز، شيري كارتر سكوت، بأنه يمثل "دليلًا لعيش حياة مفعمة بالرضا".

وصدر له مؤخرًا، كتاب "بين الوعي والأوهام: حِراك عربي على معادلة التوازن".

ويقدم حالياً برنامج "توازنات"، على كل من: بودكاست، وسبوتيفاي، وقوقل، ومنصات أمازون المسموعة، وغيرها.
https://www.buzzsprout.com/2366251

وتتميز صحيفة "غرب الإخبــارية" بتقديم الحلقة رقم (12) من برنامج "توازنات"، بعنوان (الحوار البناء لعلاقات أفضل) حيث قال فيها الكاتب د. عبدالله تلمساني

يسعدني أن أرحب بكم في حلقة أخرى من "توازنات".

وسأتحدث اليوم عن موضوع الحوار البناء. هذا الإطار في التعامل الحضاري، الذي يؤدي فقدانه إلى ضياع فرص بناء علاقات تسودها الثقة والشفافية والاستقرار بيننا، كأفراد ومجتمعات.

مع تحياتي وتقديري.
عبدالله تلمساني

تتزايد في عالمنا اليوم أسباب التشتت والاختلاف في وجهات النظر، الأمر الذي يزيد من أهمية الحوار البناء. ويوفر الحوار البنَّاء فرصًا لتبادل الآراء في إطار يحترم "الرأي الآخر". وذلك للوصول إلى أرضية مشتركة، تُقرِّب الآراء، وتدعم الرباط الاجتماعي، وتحد من مجالات الاختلاف.

ويتطلب الحوار البناء تبني توجه صادق نحو الاستماع للطرف الثاني وفهمه، وذلك بدلًا عن مجرد انتظار دورنا في الحديث. هذا إضافة إلى التعاطف مع الطرف الآخر، ومحاولة رؤية العالم من منظوره، ما أمكن.

وفي ذلك قيل:

"لا يجب أن يكون الحوار أداة للفوز أو الخسارة،
وإنما للفهم والتعلم من الآخرين"

وتزيد أهمية الحوار على مستوى العلاقات الشخصية، وبشكل خاص، فيما يتعلق بتحري فرضياتنا عن مشاعر الآخرين تجاهنا. ذلك أن افتراضاتنا عن مشاعر الآخرين نحونا، قد تكون خاطئة. حيث أنه لا يُمْكِنَنا الوصول إلى ما في قُلوبهم.

ويوفر الحوار البناء أفضل وسيلة للتأكد من فرضياتنا عن مشاعر الآخرين تجاهنا،
وإزالة اللَّبس الذي يرتبط بها. إلا أن هناك عوائق قد تقف في سبيل إجراء الحوار البناء. أهمها، مفهومنا القاصر عن "عِزَّة النَفْسْ"، وغَلَبَة العِنَاد، وسوء الظن بالآخرين.

جَمَعَتْنِي وشخص عزيز، صداقة طويلة. تَخَلَّلَتْها العديد من ساعات الصفاء والسعادة، كما تخلَّلَتْها العديد من الخلافات على مدى عدة سنوات. ذلك أنني شَعَرتُ خلال تلك الفترة بالشَّك في مدى تقدير صديقي لي، ومدى حاجته لصداقتي. ومن حسن الحظ، فإن عُمْق صداقتنا وتوخِّي الحِكْمَة، قد حال دون انهيار صداقة لا يمكن تكرارها.

والجدير بالذكر، أننا رجعنا مؤخراً بالذاكرة إلى أيام الخلافات القديمة. ولقد أدهشني اكتِشَاف أن صديقي كان، أيضاً، يُعَاِني، أيام خلافاتنا القديمة، من نفس الشعور بالشك في تقديري له أو حاجتي لصداقته.

ولقد تَوَصَّلْنا خلال دقائق معدودة، إلى اكتشاف عدم وجود سبب حقيقي لخلافات استمرت بيننا لعدة أعوام. كان ذلك نتيجة لتجاوزنا في حوارنا الأخير لِحَوَاجِز "عزة النفس" والتَعَنُّت وسوء الظن. وهي مشاعر تَحُول دون إكمال أي حوار ناضج.

قال أحد الحكماء:

"من خلال الحوار، نكتشف أننا أكثر تشابهًا مع الآخرين مما نظن"

وَتُؤكِّد هذه الحادثة على الاحتمالية العالية لخطأ فرضياتنا عن مشاعر الآخرين نحوَنا، وعلى مدى التأثير السلبـي للمفاهيم والسلوكيات المتمثلة في اعتزازِنا بأنفسنا، وإعراضِنا عن الحوار تارة، وعنادِنا وتَصَلّبِنا، وسوء ظننا بالآخرين تارة أخرى. الأمر الذي كثيراً ما يؤدي إلى انهيار صداقات، وتفكك أُسَر ومؤسسات، دون أسباب تُذْكَر.

اما عن أسلوب التعرف على مشاعر الأخرين، ودوافع تعاملهم معنا بأسلوب معين، فلا يجب ان تكون بالمساءلة والتقريع واللوم والتجريح، وإنما بأن نطلب منهم بلطف، مساعدتنا في توضيح أمور نراها منهم، قد نكون مخطئين في فهمها.

ويتم من خلال هذا الأسلوب، تجنب ايجاد حالات المواجهة، التي عادةً ما تؤدي إلى العناد، والتعنت، وأخذ موقف دفاعي غير بناء، والتي تزيد من حدة الخلافات.


وفي حين تَقِفُ "عِزَّةُ النَفْس" أو التعنت، حائلاً دون المكاشفة والحوار البناء بين الأصدقاء والأسر، فإن ثمة عوائق من نوع آخر قد تَحُولُ دون إقامة الحوار على مستوى المجتمع وبين الأمم.

وقد تشمل هذه العوائق، وجود اختلافات في الثقافة أو الخبرات أو المعايير. إلا أن وجود مثل هذه الاختلافات أمر طبيعي، ويجب ألا يقف عائقاً أمام الحوار البناء، بل ينبغي أن يكون مصدراً لإثراء العلاقات والمعرفة، والاستفادة من آراء الآخرين.

وقيل في ذلك:
"بالحوارِ البناء،
نجد الشجاعة لمواجهة تحيزاتِنا وعدم دقة فرضياتِنا عن الآخرين"


بتناول الحوار البناء وأهميته في بناء علاقات صلبة، وإضفاء مزيد من التوازن على حياتنا، ننتقل في الحلقة التالية إلى مظهر آخر من مظاهر تبني سلوكيات متوازنة، ألا وهو "إحسان الظن بالآخرين".