المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
"الهند": تصنع التاريخ، وتكافح كورونا بـ 2 مليار "جرعة" من "إنتاجها"
بواسطة : 15-08-2022 11:40 مساءً 7.1K
المصدر -  قال الزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي يوماً "احمل محراثك واتبعني"، ومن يومها وعلى مدار التاريخ، أدرك الشعب الهندي أن مقياس النجاح في أي عمل يعتمد على الفعل والقيادة، وليس الاكتفاء بالكلام وانتظار الآخرين .

وخلال جائحة كورونا التي ضربت العالم، شمرت الهند عن سواعدها بجرأة لإنتاج 90 في المئة من اللقاحات المستخدمة لحقن مواطنيها، والأمصال أنتجها معهد سيروم للمصل واللقاح بخبرة وتقنية هندية خالصة، ما جعل الهند أنموذجاً في النجاح لدول العالم كافة، لتميز طواقمها الطبية، وتعاون مواطنيها للحد من الإصابة بفايروس كورونا .

واصلت الهند (1.3 بليون نسمة) تصديها لفايروس كورونا، إذ بلغ عدد التطعيمات المكافحة للفايروس حتى الآن ملياري جرعة، وهي ضمن النجاحات التي دأبت الهند على تحقيقها في منظومة العلوم والتكنولوجيا للتخلص من تداعيات جائحة فايروس كورونا، ومعروف عالمياً تفوقها العلمي والتكنولوجي والرقمي، ما أسهم أن تكون محوراً أساسياً في إيجاد الحلول الكونية.
وتمكنت الهند خلال انتشار فايروس كورونا من إنقاذ الشعب الهندي من ويلات المرض المزمن الذي يهدد حياتهم ووجودهم بل وحتى مستقبل أجيالهم، وفي أكثر من مناسبة ثمن رئيس الوزراء ناريندا مودي جهود الشعب الهندي بتقديم المزيد من الإخلاص والولاء لوطنهم ليبقى متفوقاُ في العلوم والتكنولوجيا، معتبراً حملة تطعيم كورونا الأطول والأكبر في العالم.
وقدم شكره لجميع الطواقم العاملة، لصبرهم وجلدهم خلال فترة تفشي المرض، وحيا العزم والتصميم الذي أبداه الأطباء والممرضين، والفرق العاملة في مكافحة الفايروس ومنهم عاملين في الصفوف الأمامية، علماء، مخترعين، وشركاء في الحملة .

وقال في تغريدة له على تويتر: إن الهند اليوم يصنع تاريخاً جديداً، إذ تجاوزت جرعات التلقيح ضد الفايروس ملياري جرعة، ننثر تحياتنا لشعبنا العظيم الذي حقق هذا الإنجاز العلمي، وفخورين بكل من أسهم في تحقيق هذا النجاح الاستثنائي بالقياس والسرعة"، مشيراً إلى أن هذه العوامل مجتمعة، منحت الهند القوة لمحاربة الفايروس ضمن المنظومة الدولية، وكان لنا دوراً محوريا في التأكيد على ضرورة وجود كوكب آمن نعيش فيه" .

وأضاف: "إن الروح المعنوية لـ 1.3 مليار هندي أسهمت في رفع روح العمل الجماعي لتحقيق هذه الإنجازات النوعية المعتبرة"، مبيناً أن الهند الذي يضم نسيج اجتماعي منوع، لم تنعم بالرضا طوال فترة تفشي المرض، وواصلت مكافحة الفايروس الخفي"، مبيناً أن المرض لا يعرف عقيدة أو لون البشر، فكان يهاجم الجميع بنفس المستوى، ما استدعى أن يوزع التطعيم دون تحيز أو واسطة لأحد على حساب آخر .

ومعروف أن الهند طورت لقاحات وطنية خلال الأشهر التسعة الأولى، أي في ذروة تفشي الوباء، ونجحت بتغطية جميع المحتاجين للقاحين بنسبة 100%، وكانت من الدول السباقة في إطلاق حملة "لقاح مجاناً للجميع" بدون أي تعصب أو تحيز، وتم توزيع اللقاح بكل رحابة صدر على جميع شرائح الشعب الهندي، وكانت فرحت الناس ومشاركتهم الإيجابية أكبر هدية يقدموها لشعبهم ووطنهم .

بالفعل ما حققته الهند يشبه الأساطير فكيف لدولة ضخمة أن تحاصر عدو غير معروف وتقي عليه؟ السر يكمن في تقاسم المسؤولية بين المواطن والمسؤول، في التعامل مع الجائحة حتى رمقها الأخير، تخيل لو فشلت – لا سمح الله – الهند في انتاج اللقاح؟
إن تحقيق هذا الإنجاز الفذ أسهل قولاً من الفعل، فحين ضربة الجائحة الأكبر في العالم الهند، كانت هناك حزمة من الشكوك حول قدرة الشعب الهندي على التصدي لهذا الفايروس، ظناً منهم أننا بلد فقير وعاجز عن شراء اللقاحات من الدول الثرية، ذات النفوذ التي اصطف العالم لأخذ لقاحاتها بأضعاف ثمنها أحياناً .

انتشى الشعب الهندي الفرح بعد، وتعاون مع حكومته بكل حنكة ودراية، حتى أصبحت قصة نجاح الهند في السيطرة على الفايروس مثالاً يحتذى بين الشعوب الأخرى، وما زالت الهند تحصد ثمار هذا الإنجاز الطبي المميز .

إن ثبات الشعب الهندي في مواجهة الجائحة ومرونة التعامل معها، وحتى اصابتها بالحزم والضربة القاضية، يعكس جأش وشجاعة المواطنين لتحدي المرض، وقصص التحديات كثيرة منها تنقل الممرضات لمناطق جبلية وعرة أو وديان ساحقة بعيدة ونائية بهدف إنقاذ حياة البشر عبر تزويدهم باللقاحات .

الجائحة عكست بطولات المواطنين العاديين الذي وقفوا بكل ثقة وحزم في وجه الجائحة، وبات صوت انجازاتهم يسمع داخل الهند وخارجها، أما صوت علماء الهند الذين لجأوا لكافة الطرق والأساليب العلمية والفنية، فكان راقياً بالتعامل مع الجائحة منذ لحظة الصفر والذروة ومحطة النهاية التي نتمنى أن تكون الأخيرة، كانت منصة تقنية "كي ون" الخاصة بتسجيل المواطنين لأخذ التطعيم متاحة بكل حرية ومرونة وسهولة، وبطرق وآليات نزيهة وعادلة وشفافة، دون محاباة أو تفضيل إنسان على آخر، مهما كان منصبه، إذ لم يكن مصطلح شخصية هامة وارداً في قاموس الفرق الطبية .

فالشعب الهندي بنظر الدولة، لهم حقوق متساوية يضمنها القانون والدستور، والنجاحات الواعدة التي ظهرت خلال الفترة الحزينة والموحشة والانعزالية خلال الجائحة هي ثمرة جهود الأطباء والممرضين الذين تمكنوا من خدمة المواطن الهندي حتى في الأرياف البعيدة والنائية، فمهنة الطب والتمريض إنسانية في المقام الأول .

شهدت الهند وبكل جرأة وشهامة تسجيل مليار جرعة تطعيم في أكتوبر من العام الماضي، وقتها عول قادة دول العالم، على الهند أن تكون المخلصة من هذا الفايروس، وبالفعل كانت توقعاتهم في مكانها، بعدها زف البشرى رئيس وزراء الهند حين امتدح بفخر جهود الطواقم الطبية من أطباء وعاملين وجميع من لهم جهود في حملة تطعيم جميع شرائح المجتمع الهندي (1.3 مليار) .

يقال في الأمثال أن الرصاصة التي لا تقتلك تقويك، وهذا ينطبق على واقع الشعب الهندي، إذ ثقتهم بأنفسهم تضاعفت بعد خروجهم أقوياء ومفعمين بالعافية، كما زاد تماسكهم ووحدتهم تحت العلم الهندي، لأن مصالح الوطن كانت سر نجاحهم في محاصرة الفايروس وتدميره، ما يعني أن الترسانة التي تحمي الهند هي لحمة مواطنيها بالدرجة الأولى.
ومعروف أن الأشهر التسعة الأولى من الجائحة كانت الأشد فتكاً، ومع ذلك تمكنت من تطعيم مليار إنسان، وفي الأشهر التسعة التي تلتها جاوز عدد اللقاحات ملياري جرعة، بمعدل تطعيم يومي 2.5 مليون جرعة، وكانت بشائر النجاح أن أصبحت الجرعات تصل المواطنين مجاناً حتى أبواب ومنازلهم، عبر فرق طبية مدربة تجوب كل شبر من تراب المدن والقرى الهندية .

إن نجاح الهند لا يقاس بعدد جرعات اللقاح خلال حملة التطعيم فقط، ولكنه شهادة حية، عن عظمة الانسان الهندي وقدرته على مجابهة الأزمات وإيجاد حلول لها بحكمة وسرعة ودقة، فأحياناً العامل الزمني، مهم جداً لإنقاذ حياة المريض أو المصاب .

وزف رئيس الوزراء نار يندرا مودي بشائره وكلماته الطيبة، إذ شجع ودعم إطلاق حملة التطعيم الأكبر في الهند، ونتيجة لتنسيق الجهود الطبية تم إدراج نوعين من اللقاح في وقت قصير وقياسي وهما "كوفيشيد" و "كوفاكسين"، ومن الجميل أن إطلاق الحملة لم يكن اعتباطياً أو صدفة، بل عملية منظمة مدروسة بعناية، كان أولى خطواتها تدريب الطاقم الطبي للتعامل مع جميع الحالات .