المصدر - المسجد لغة موضع السجود، وشرعا كل ما أعد ليؤدي فيه المسلمون الصلوات الخمس جماعة، وقد يطلق على ما هو أعم من هذا فيدخل فيه ما يتخذه الإنسان في بيته ليصلي النافلة أو ليصلي فيه الفريضة عند وجود مانع شرعي يمنعه من أدائها جماعة في المسجد الذي يقيم الناس فيه الجماعة، ومن ذلك ما رواه البخاري وغيره عن جابر قال: قال رسول الله «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل..» الحديث. وهنا سأعرض عدد كبيرا من الساجد وتاريخها خلال شهر رمضان المبارك.
جامع القيروان الواقع في تونس
يعود تأسيس جامع القيروان الواقع في تونس إلى الفاتح المسلم العظيم عقبة بن نافع ولذلك سُمي باسمه في القرن الهجري الاول ما يوافق العام 670م، وهذا الجامع يُعتَبَر من أقدم الجوامع الباقية، بل إنّه يُعَدّ أوّل جامع أُنشئ في المغرب العربي.
ذك المسجد العظيم الذي يعدّ من أكبر المساجد في المغرب الإسلامي حيث تبلغ مساحة الجامع ما يقارب (9700) م مربّع، بطول (126) متراً، وبعرض (77) متراً، وبيت الصلاة به واسع، ومساحته كبيرة، ويحتوي على أعمدة مصنوعة من الرخام. ويعدّ هذا الجامع من التحف المعماريّة الرائعة، ويحتوي على كنوز ذات قيمة فمنبره مصنوع من خشب الساج وزخارفه رائعة، ويعدّ من المعالم المغربيّة الجميلة الّتي ما زالت تحتفظ بأصولها وبزخرفتها اللافتة للنظر، مع أن أصله كان بمنتهى البساطة.
وكان يسمّى بجامع عقبة بن نافع حتى أَمَرَ زيادة الله، أبرز أمراء الأغالبة، بهدم جامع القيروان وإعادة تشييده وذلك في سنة 836م، فأخذ شكله الحالي على يده وما يزال محراب هذا الجامع تُغطّيه، مع مساحةٍ مستطيلةٍ حوله، بلاطاتٌ من القشاني ذي البريق المعدني، عددها نحو مائةٍ وأربعين بلاطةٍ، وهي مُربّعة الشّكل ويغلب عليها اللّونان الأحمر والأخضر، وكلّها من أبدع ما أنتجه الخزفيون في الطّراز العبّاسي.
وقوام هذه الزّخرفة دوائر فيها نقط ورسوم نباتية أهمّها وُرَيدة ذات خمسة فصوصٍ أو سبعة، ثم وريدات نخلية غير منتظمة الشكل، ومُربّعات على هيئة خانات لعبة "الدّاما" أو "الضّاما"، وخطوط منكسرة وخطوط متوازية تقطعها خطوط أخرى متوازية أيضًا، وعلامات تظهر كأنّها تقليد حروف كوفيّة.
تعتبر مئذنة جامع عقبة من أجمل المآذن التي بناها المسلمون في أفريقيا. وتعد جميع المآذن التي بنيت بعدها في بلاد المغرب العربي على شاكلتها ولا تختلف عنها إلا قليلا، ومن المآذن التي تشبهها مئذنة جامع صفاقس، ومآذن جوامع تلمسان وأغادير والرباط وجامع القرويين، هذا غير بعض مآذن مساجد الشرق كمئذنة مسجد الجيوشي في مصر.
والمئذنة برجٌ ضخمٌ يقوم في آخر الصحن في الجدار المُواجِه لجدار القبة، هذه المئذنة من أقدم المآذن الموجودة. وعمومًا فإنّ مساجد المغرب الإسلامي، مثل جامع القروييّن في فاس وجامع الكتيبة في مراكش، يُشبه تصميمها القلاع. فأسوار الصّحن عاليةٌ وضخمةٌ، والمئذنة برجٌ ضخمٌ، وبيت الصلاة بَهوٌ فسيحٌ فيه أعمدة ذات عقود.