غالب السميعي نقيب المعلمين بمحافظة لحج
المصدر -
تواجه المدارس في ظل الحوثيين مصير "التسوية بالأرض" وقد احتشدت شهادات العيان حول تفجير الحوثيين لـ 6 مدارس في أربع مديريات من مديريات محافظة الحديدة بغضون عامين فقط، فجر الحوثيون مدرسة 22 مايو في منطقة الجاح ببيت الفقيه، ومدرسة الكفاح الأساسية بقريتي شعب بني زُهير والحُمينية الواقعتين غرب منطقة بيت مغاري بحيس، ومدرسة الوعي (خديجة) للذكور والإناث في قرية الُرباط، التابعة لمدينة حيس أيضاً، ومدارس النور بمنطقة المجعر بالتحيتا، ومدرستي عمار بن ياسر، وعلي بن أبي طالب في ذات المديرية، ومدرسة 26 سبتمبر في مديرية الجراحي، هزَ الديناميت الأرجاء ونفذ مهمته؛ وخلال تلك العمليات الإرهابية تضررت منازل وعشش البسطاء في الجوار حسب شهادات متأثرة مما حدث أوردتها تقارير حقوقية وصحفية عديدة، لكن قبل ذلك أضرت تلك التفجيرات بالتعليم وأحرقت آمال السكان في رؤية أبنائهم في وضع أفضل تعليميا وحياتيا.. التعليم إلى الوراء حقيقة تؤكد كارثية الحرب في اليمن حسب أرقام حكومية وأخرى تضعها اليونيسف ومنظمات أخرى ويؤكدها خبراء ومسئولون استند هذا التقرير على معلوماتهم وآراءهم، فيما تنام الإعلانات والعهود المواثيق الدولية المتعلقة بجرائم الحرب في خزنات المنظمات المعنية والدول الأعضاء.
انتقام من الجدران.. انفراد حوثي
يعتبر المركز الأمريكي للعدالة في تقريره (الجريمة المنسية) بأن جريمة تفجير المدارس العلمية والدينية من الجرائم التي "انفرد بها الحوثيون"، ويضيف التقرير بأن "هذا النمط بدأ الظهور مع سيطرة الحوثيين على محافظة صعدة عام 2012م.. ولم يشهد المجتمع اليمني مثل هذا الانتهاك منذ قرون"، اليمنيون أمام جريمة غير مسبوقة ضمن الأشنع خلال الحرب القاسية والأكثر ضررا بحق أبناء الشعب وإضرارا بممتلكاته؛ وتأثيرا على ماضيه وحاضره ومستقبله، ويضيف التقرير" ينم عن سلوك إرهابي سلبي للغاية على التعليم"، يكشف د. كمال القطوي الباحث في التراث والتاريخ اليمني عن عوامل تفسر عدوانية هذه المليشيات تجاه مراكز العلم والتنوير وأهمها أن الحوثيين "يستثمرون في الجهل والبيئات الجاهلة" ما يكشف مدى ما تعانيه هذه المليشيات من خلل بنيوي في فكر قياداتها وأفرادها وممارساتهم.
حطام المدارس يشهد على الـ(مسيرة)
"مسيرة" تفجير المدارس لم تتوقف منذ بدء ظهور الحوثيين، انتشرت أفقيا في محافظات عديدة وتم تعميم نموذجها ليشمل مدارس في أقاصي الريف وأخرى بمناطق حضرية، وجميعها اشتركت في تقديم النور والمعرفة لأبناء اليمن حسب إفادات مدراء مكاتب تربية وتربويون وناشطون في عدد من مديريات مأرب وحجة والبيضاء ولحج تواصل معهم المحرر. يؤكد وكيل الحديدة الجبلي بأن اليمن كان (قبل المسيرة) يتقدم في التعليم وأنه بدأ يشهد نقلات جيدة للأمام، لكن بهذه الجريمة وغيرها تعاق جهود الدولة في ذلك، في ملخص تقرير (تقويض المستقبل) الصادر عن منظمة مواطنة لحقوق الإنسان تأكيد على تراجع مستوى التعليم "مع اقتراب النزاع من عامه السادس، أصبح واقع العملية التعليمية في البلد أكثر مأساوية من أي وقت مضى" تقارير أخرى ومواقع إخبارية طالعها المحرر توكد بأن الدمار لحق بـ 2300 مدرسة حتى عام 2018م -بين تدمير كلي وجزئي- وبطرق عديدة ضمنها التفجير، (فجَر) الحوثيون الكثير من المدارس وسووها بالأرض، في مديرية همدان غرب صنعاء نفذ الحوثيون أبرز جريمة تفجير لمدارس التعليم العام؛ مدرسة الصرم ذات الثلاثة الطوابق والتي يدرس بها 800 طالب في المرحلتين الأساسية والثانوية، ما تزال أطلالها شاهدة على همجية من مر وقبح جريمته بحق التعليم في المنطقة حسب تربوي من أبناء المنطقة فضل عدم ذكر اسمه، لقد تابع اليمنيون إعلاميا تلك الجريمة في حينه كشاهد حي على الـ"مسيرة" القادمة، في سياق ذي صلة يقول عبده شملان وهو أحد ناشطي مديرية مجزر شمال محافظة مأرب بأن المليشيات الحوثية دمرت كل مدارس المديرية، "كل مدارس مجزر"، تغيب هذه الكارثة عن الأضواء رغم حجمها وكارثية آثارها، في سياق ما جرى يعدد شملان بعضا من شواهد الكارثة: تم تفجير " مدرستي آل صلاح ومدرسة درب الأشراف بالكامل، وتفجير مدرستي الجفرة والمفرق جزئيا ويحتل الحوثيون ما تبقى منهما، يقول طه كعلان الناشط من أبناء مديرية مدغل المجاورة لمجزر "أخرجت المليشيات الحوثية جميع مدارس مدغل عن الجاهزية؛ هجرت المواطنين فنزحوا عن المديرية وتحولوا إلى الخيام" في المخيمات لجأ أبناء مدغل للخيام كمدارس بديلة تأوي بعض من كانت تحتضنهم مدارس المديرية.
كارثة فقدان الطلاب لمدارسهم
في مديرية الغيل بمحافظة الجوف يرصد تقرير المركز الأمريكي للعدالة حرمان 600 طالب وطالبة من التعليم وهم الذين كانوا يدرسون في مدرستي الحسن بن علي ذات الدورين بملحقاتها، التعليم الحكومي كان هدفا، ولكن الخاص أيضاً، مدرسة المستقبل الأهلية ذات الطابقين أيضا فجرت بملحقاتها، تزامنت تلك العمليات الإرهابية مع دخول الحوثيين صنعاء سبتمبر 2014م وهو عنوان يفصح عن مستقبل التعليم والطلاب والطالبات تحديدا في ظل القادم على مديرياتهم ومناطقهم بالدبابات والمدافع والرشاشات والأطقم القتالية المتنوعة والمقاتلين الشعث، يقول وكيل محافظة الجوف صالح جماله بأن الحوثيين، بأنه ومن بين 10 مدارس تم تدميرها في الجوف هناك أربع فجرها الحوثيون، وأن تحويلهم لآخريات كثكنات قد تسبب بدمارها قصفاً ضمن ما يقرب من 181 مدرسة في المحافظة استخدموها لأغراض مختلفة. يشدد تربويون في مناطق صراع سابقة ومستمرة حاليا بأن "كارثة حقيقية حلت بالتعليم في المناطق التي مرَ منها الحوثيون".
جريمة لا تزال في (ٍالظل)
وثق الإعلام بمختلف قنواته بعض جوانب ما حصل لمدرسة صرم همدان وغيرها من المدارس من تفجير من قبل الحوثيين؛ لكنها ما تزال صورة متواضعة لما جرى لفها النسيان إلى حد كبير رغم دلالاتها القانونية وشهدتها على إرهاب جماعة الحوثي وإضرارهم بالتعليم بدرجة فاجعة، يقول تقرير حالة التربية والثقافة والفن الصادر عن مركز المعلومات وحقوق الإنسان "من يراقب عن كثب المجريات التي حدثت منذ ذلك التاريخ – 21سبتمبر2014م- يستنتج أن "المليشيات استهدفت بالدرجة الأولى ضرب التعليم وتدميره أو تشويهه، والتقرير يمكن اعتباره من الجهود التي تضع قضايا التعليم في الواجهة وهي مهمة، لكن ما من استمرارية في رصد وتوثيق الجريمة، وهناك تنافس بين التقارير يتضح من اختلاف أرقامها في حدود غير مأمونة فيما يتعلق بالمعلومة ودقتها، ولذلك تتبعنا في هذا التحقيق المصادر ذات الصلة بالحوادث، يقول وديع عطا أصبح من الضروري وضع آلية أكثر دقة في رصد حالات انتهاك حقوق التعليم من قبل المليشيات الحوثية، حان الوقت لإعادة فتح ملفات الجريمة بحق التعليم كجزء من آليات الحماية السابقة واللاحقة لها.
تسرب الطلاب من التعليم
لا تعبأ المليشيات الحوثية إن كان تفجيرها للمدارس -برمزيتها وأهميتها- يعتبر عملا غير أخلاقي في واقع مجتمعي يعاني الكثير من التشظيات في روح اليمني -وصغاره بشكل أكبر- بسبب حالة الحرب وأصوات الانفجارات وهدير المدافع وقذائف الدبابات، يقول القيادي التربوي غالب السميعي نقيب معلمي محافظة لحج راصدا الواقع المجتمعي المؤلم بأن التلاميذ " يعانون نفسيا جراء تدمير مدارسهم، ويعيشون حالة من الرعب والهلع تبعدهم عن حب التعليم والمعرفة، والارتباط نفسيا وروحيا بالمدرسة"، يصور السميعي بعض مظاهر المأساة "فقد كثير من الطلاب والطالبات وكذا أولياء أمورهم الأملَ بمواصلة التعليم" هو فقدان الأمل الذي تزرعه هذه العمليات الإرهابية وغيرها من الدمار الذي جاء على مدارسهم، لدى كثير من الطلاب والطالبات في سن المدرسة وضمن آثار الحرب أجبر الكثير منهم على ترك مقاعد الدراسة والتشرد أو النزوح تارة أو اللجوء إلى الشوارع والأرياف لكسب معاش أسر أثقلتها تبعات الحرب ووضعتها تحت خط الفقر تعاني العوز والفاقة، "هناك عدد من الطلاب والطالبات ونتيجة هذا الوضع المأساوي، تركوا التعليم، وتحول بعضهم للعمل اليدوي لمساعدة أسرهم اقتصاديا في ظل وضع اقتصادي منهار".
جريمة تكفير.. وسياسة تجهيل
الزاوية الأكثر ظلاما هي زاوية جرائم ادعاءات ما بعد التفجير، ارتبط الأمر في كثير من إعلانات الحوثيين عن الجريمة بأبعاد طائفية "تكفيرية" لمخالفيهم، وأخرى عسكرية وأمنية؛ يستبعد المستشار القانوني محمد قشمر الأبعاد السياسية لعمليات التفجير، برأيه فإن تفجير المدارس "له أبعادا فكرية أكثر منها سياسية – عسكرية وأمنية- فالمدارس تعتبر عنصراً من عناصر الإشراق، ولدى الحوثيين "إذا لم تتحول المدارس بالمستوى الذي يتناسب مع أفكارهم الطائفية والعقائدية فلا تكون ذات جدوى بالنسبة لهم"، ومن زاوية أخرى مرتبطة بها فعمليات استهداف المدارس "محاولة منهم لإرهاق المجتمع المحلي والحكومة الشرعية لإعادة بناء المؤسسات"، وثالثاً يتعلق الأمر بـ"عملية تجهيل الأجيال"، يعتقد الحوثيون بأنه "لا بد أن تكون عقيدة الشعب اليمني مرتبطة بادعاءات الحوثي الطائفية، لذا فـ"المنطقة التي تطردهم – وينهزمون منها وفيها تم تدمير العديد من المدارس -تعتبر بيئة طاردة لمعتقداتهم فأبناؤها لا يستحقون تعليم ولا آبار مياه وكهرباء"، يقرأ السميعي ذلك السلوك يقول: "مليشيا الحوثي الإرهابية الإيرانية والتي قدمت قيادتها من كهوف (مران) المظلمة بصعدة أدركت أنها لن تعيش إلا في ظلمات الجهل، وغياب المعرفة، وأدركت من أول لحظة انقلابها في 2014م أن عدوها اللدود هو التعليم"، يتم تجهيل الأجيال، وظهور جيلٍ بعيدٍ عن العلم والمعرفة، وبعيد عن قيم الإسلام وتسامحه، وبعيد عن حب الوطن وقيم الوطنية".
عن حماية الأعيان المدنية
نظريا تتمتع الأعيان المدنية بحماية كافية وفق الاتفاقيات والمواثيق الدولية يورد تقرير حالة التربية والثقافة والفن بأن القانون الدولي الإنساني "وفر حماية عامة وخاصة للأعيان المدنية في كل من اتفاقية جنيف الرابعة 1949م والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف 1977م واتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح 1954م، وبالرغم من هذه الحماية في القانون الدولي، إلا أن مليشيا الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح لم تحترم قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني بل عملت وبشكل ممنهج على تدمير البنى التحتية والمقدرات الأساسية للسكان المدنيين في مختلف المدن والقرى اليمنية"، لكن تساؤل المستشار محمد قشمر يذهب باتجاه الآليات وواقع ما قدمه المجتمع الدولي لوقف جريمة حرب من هذا المستوى، يقول: " السؤال هو هل أبقى الحوثيون شيئا لم يعتدوا عليه؟ ما هي النتائج التي توصل إليها المجتمع الدولي في هذا الصدد، للأسف الشديد هم يدركون أن الحوثي جماعة إرهابية انقلابية، لكن ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها تجاههم كجماعة" يشير إلى آلية ضئيلة الآثر قامت بها بعض الدول وهي إضافة أسماء في القوائم السوداء ويؤكد "لا يمكن أن يكون لها جدوى حقيقية".
تواجه المدارس في ظل الحوثيين مصير "التسوية بالأرض" وقد احتشدت شهادات العيان حول تفجير الحوثيين لـ 6 مدارس في أربع مديريات من مديريات محافظة الحديدة بغضون عامين فقط، فجر الحوثيون مدرسة 22 مايو في منطقة الجاح ببيت الفقيه، ومدرسة الكفاح الأساسية بقريتي شعب بني زُهير والحُمينية الواقعتين غرب منطقة بيت مغاري بحيس، ومدرسة الوعي (خديجة) للذكور والإناث في قرية الُرباط، التابعة لمدينة حيس أيضاً، ومدارس النور بمنطقة المجعر بالتحيتا، ومدرستي عمار بن ياسر، وعلي بن أبي طالب في ذات المديرية، ومدرسة 26 سبتمبر في مديرية الجراحي، هزَ الديناميت الأرجاء ونفذ مهمته؛ وخلال تلك العمليات الإرهابية تضررت منازل وعشش البسطاء في الجوار حسب شهادات متأثرة مما حدث أوردتها تقارير حقوقية وصحفية عديدة، لكن قبل ذلك أضرت تلك التفجيرات بالتعليم وأحرقت آمال السكان في رؤية أبنائهم في وضع أفضل تعليميا وحياتيا.. التعليم إلى الوراء حقيقة تؤكد كارثية الحرب في اليمن حسب أرقام حكومية وأخرى تضعها اليونيسف ومنظمات أخرى ويؤكدها خبراء ومسئولون استند هذا التقرير على معلوماتهم وآراءهم، فيما تنام الإعلانات والعهود المواثيق الدولية المتعلقة بجرائم الحرب في خزنات المنظمات المعنية والدول الأعضاء.
انتقام من الجدران.. انفراد حوثي
يعتبر المركز الأمريكي للعدالة في تقريره (الجريمة المنسية) بأن جريمة تفجير المدارس العلمية والدينية من الجرائم التي "انفرد بها الحوثيون"، ويضيف التقرير بأن "هذا النمط بدأ الظهور مع سيطرة الحوثيين على محافظة صعدة عام 2012م.. ولم يشهد المجتمع اليمني مثل هذا الانتهاك منذ قرون"، اليمنيون أمام جريمة غير مسبوقة ضمن الأشنع خلال الحرب القاسية والأكثر ضررا بحق أبناء الشعب وإضرارا بممتلكاته؛ وتأثيرا على ماضيه وحاضره ومستقبله، ويضيف التقرير" ينم عن سلوك إرهابي سلبي للغاية على التعليم"، يكشف د. كمال القطوي الباحث في التراث والتاريخ اليمني عن عوامل تفسر عدوانية هذه المليشيات تجاه مراكز العلم والتنوير وأهمها أن الحوثيين "يستثمرون في الجهل والبيئات الجاهلة" ما يكشف مدى ما تعانيه هذه المليشيات من خلل بنيوي في فكر قياداتها وأفرادها وممارساتهم.
حطام المدارس يشهد على الـ(مسيرة)
"مسيرة" تفجير المدارس لم تتوقف منذ بدء ظهور الحوثيين، انتشرت أفقيا في محافظات عديدة وتم تعميم نموذجها ليشمل مدارس في أقاصي الريف وأخرى بمناطق حضرية، وجميعها اشتركت في تقديم النور والمعرفة لأبناء اليمن حسب إفادات مدراء مكاتب تربية وتربويون وناشطون في عدد من مديريات مأرب وحجة والبيضاء ولحج تواصل معهم المحرر. يؤكد وكيل الحديدة الجبلي بأن اليمن كان (قبل المسيرة) يتقدم في التعليم وأنه بدأ يشهد نقلات جيدة للأمام، لكن بهذه الجريمة وغيرها تعاق جهود الدولة في ذلك، في ملخص تقرير (تقويض المستقبل) الصادر عن منظمة مواطنة لحقوق الإنسان تأكيد على تراجع مستوى التعليم "مع اقتراب النزاع من عامه السادس، أصبح واقع العملية التعليمية في البلد أكثر مأساوية من أي وقت مضى" تقارير أخرى ومواقع إخبارية طالعها المحرر توكد بأن الدمار لحق بـ 2300 مدرسة حتى عام 2018م -بين تدمير كلي وجزئي- وبطرق عديدة ضمنها التفجير، (فجَر) الحوثيون الكثير من المدارس وسووها بالأرض، في مديرية همدان غرب صنعاء نفذ الحوثيون أبرز جريمة تفجير لمدارس التعليم العام؛ مدرسة الصرم ذات الثلاثة الطوابق والتي يدرس بها 800 طالب في المرحلتين الأساسية والثانوية، ما تزال أطلالها شاهدة على همجية من مر وقبح جريمته بحق التعليم في المنطقة حسب تربوي من أبناء المنطقة فضل عدم ذكر اسمه، لقد تابع اليمنيون إعلاميا تلك الجريمة في حينه كشاهد حي على الـ"مسيرة" القادمة، في سياق ذي صلة يقول عبده شملان وهو أحد ناشطي مديرية مجزر شمال محافظة مأرب بأن المليشيات الحوثية دمرت كل مدارس المديرية، "كل مدارس مجزر"، تغيب هذه الكارثة عن الأضواء رغم حجمها وكارثية آثارها، في سياق ما جرى يعدد شملان بعضا من شواهد الكارثة: تم تفجير " مدرستي آل صلاح ومدرسة درب الأشراف بالكامل، وتفجير مدرستي الجفرة والمفرق جزئيا ويحتل الحوثيون ما تبقى منهما، يقول طه كعلان الناشط من أبناء مديرية مدغل المجاورة لمجزر "أخرجت المليشيات الحوثية جميع مدارس مدغل عن الجاهزية؛ هجرت المواطنين فنزحوا عن المديرية وتحولوا إلى الخيام" في المخيمات لجأ أبناء مدغل للخيام كمدارس بديلة تأوي بعض من كانت تحتضنهم مدارس المديرية.
كارثة فقدان الطلاب لمدارسهم
في مديرية الغيل بمحافظة الجوف يرصد تقرير المركز الأمريكي للعدالة حرمان 600 طالب وطالبة من التعليم وهم الذين كانوا يدرسون في مدرستي الحسن بن علي ذات الدورين بملحقاتها، التعليم الحكومي كان هدفا، ولكن الخاص أيضاً، مدرسة المستقبل الأهلية ذات الطابقين أيضا فجرت بملحقاتها، تزامنت تلك العمليات الإرهابية مع دخول الحوثيين صنعاء سبتمبر 2014م وهو عنوان يفصح عن مستقبل التعليم والطلاب والطالبات تحديدا في ظل القادم على مديرياتهم ومناطقهم بالدبابات والمدافع والرشاشات والأطقم القتالية المتنوعة والمقاتلين الشعث، يقول وكيل محافظة الجوف صالح جماله بأن الحوثيين، بأنه ومن بين 10 مدارس تم تدميرها في الجوف هناك أربع فجرها الحوثيون، وأن تحويلهم لآخريات كثكنات قد تسبب بدمارها قصفاً ضمن ما يقرب من 181 مدرسة في المحافظة استخدموها لأغراض مختلفة. يشدد تربويون في مناطق صراع سابقة ومستمرة حاليا بأن "كارثة حقيقية حلت بالتعليم في المناطق التي مرَ منها الحوثيون".
جريمة لا تزال في (ٍالظل)
وثق الإعلام بمختلف قنواته بعض جوانب ما حصل لمدرسة صرم همدان وغيرها من المدارس من تفجير من قبل الحوثيين؛ لكنها ما تزال صورة متواضعة لما جرى لفها النسيان إلى حد كبير رغم دلالاتها القانونية وشهدتها على إرهاب جماعة الحوثي وإضرارهم بالتعليم بدرجة فاجعة، يقول تقرير حالة التربية والثقافة والفن الصادر عن مركز المعلومات وحقوق الإنسان "من يراقب عن كثب المجريات التي حدثت منذ ذلك التاريخ – 21سبتمبر2014م- يستنتج أن "المليشيات استهدفت بالدرجة الأولى ضرب التعليم وتدميره أو تشويهه، والتقرير يمكن اعتباره من الجهود التي تضع قضايا التعليم في الواجهة وهي مهمة، لكن ما من استمرارية في رصد وتوثيق الجريمة، وهناك تنافس بين التقارير يتضح من اختلاف أرقامها في حدود غير مأمونة فيما يتعلق بالمعلومة ودقتها، ولذلك تتبعنا في هذا التحقيق المصادر ذات الصلة بالحوادث، يقول وديع عطا أصبح من الضروري وضع آلية أكثر دقة في رصد حالات انتهاك حقوق التعليم من قبل المليشيات الحوثية، حان الوقت لإعادة فتح ملفات الجريمة بحق التعليم كجزء من آليات الحماية السابقة واللاحقة لها.
تسرب الطلاب من التعليم
لا تعبأ المليشيات الحوثية إن كان تفجيرها للمدارس -برمزيتها وأهميتها- يعتبر عملا غير أخلاقي في واقع مجتمعي يعاني الكثير من التشظيات في روح اليمني -وصغاره بشكل أكبر- بسبب حالة الحرب وأصوات الانفجارات وهدير المدافع وقذائف الدبابات، يقول القيادي التربوي غالب السميعي نقيب معلمي محافظة لحج راصدا الواقع المجتمعي المؤلم بأن التلاميذ " يعانون نفسيا جراء تدمير مدارسهم، ويعيشون حالة من الرعب والهلع تبعدهم عن حب التعليم والمعرفة، والارتباط نفسيا وروحيا بالمدرسة"، يصور السميعي بعض مظاهر المأساة "فقد كثير من الطلاب والطالبات وكذا أولياء أمورهم الأملَ بمواصلة التعليم" هو فقدان الأمل الذي تزرعه هذه العمليات الإرهابية وغيرها من الدمار الذي جاء على مدارسهم، لدى كثير من الطلاب والطالبات في سن المدرسة وضمن آثار الحرب أجبر الكثير منهم على ترك مقاعد الدراسة والتشرد أو النزوح تارة أو اللجوء إلى الشوارع والأرياف لكسب معاش أسر أثقلتها تبعات الحرب ووضعتها تحت خط الفقر تعاني العوز والفاقة، "هناك عدد من الطلاب والطالبات ونتيجة هذا الوضع المأساوي، تركوا التعليم، وتحول بعضهم للعمل اليدوي لمساعدة أسرهم اقتصاديا في ظل وضع اقتصادي منهار".
جريمة تكفير.. وسياسة تجهيل
الزاوية الأكثر ظلاما هي زاوية جرائم ادعاءات ما بعد التفجير، ارتبط الأمر في كثير من إعلانات الحوثيين عن الجريمة بأبعاد طائفية "تكفيرية" لمخالفيهم، وأخرى عسكرية وأمنية؛ يستبعد المستشار القانوني محمد قشمر الأبعاد السياسية لعمليات التفجير، برأيه فإن تفجير المدارس "له أبعادا فكرية أكثر منها سياسية – عسكرية وأمنية- فالمدارس تعتبر عنصراً من عناصر الإشراق، ولدى الحوثيين "إذا لم تتحول المدارس بالمستوى الذي يتناسب مع أفكارهم الطائفية والعقائدية فلا تكون ذات جدوى بالنسبة لهم"، ومن زاوية أخرى مرتبطة بها فعمليات استهداف المدارس "محاولة منهم لإرهاق المجتمع المحلي والحكومة الشرعية لإعادة بناء المؤسسات"، وثالثاً يتعلق الأمر بـ"عملية تجهيل الأجيال"، يعتقد الحوثيون بأنه "لا بد أن تكون عقيدة الشعب اليمني مرتبطة بادعاءات الحوثي الطائفية، لذا فـ"المنطقة التي تطردهم – وينهزمون منها وفيها تم تدمير العديد من المدارس -تعتبر بيئة طاردة لمعتقداتهم فأبناؤها لا يستحقون تعليم ولا آبار مياه وكهرباء"، يقرأ السميعي ذلك السلوك يقول: "مليشيا الحوثي الإرهابية الإيرانية والتي قدمت قيادتها من كهوف (مران) المظلمة بصعدة أدركت أنها لن تعيش إلا في ظلمات الجهل، وغياب المعرفة، وأدركت من أول لحظة انقلابها في 2014م أن عدوها اللدود هو التعليم"، يتم تجهيل الأجيال، وظهور جيلٍ بعيدٍ عن العلم والمعرفة، وبعيد عن قيم الإسلام وتسامحه، وبعيد عن حب الوطن وقيم الوطنية".
عن حماية الأعيان المدنية
نظريا تتمتع الأعيان المدنية بحماية كافية وفق الاتفاقيات والمواثيق الدولية يورد تقرير حالة التربية والثقافة والفن بأن القانون الدولي الإنساني "وفر حماية عامة وخاصة للأعيان المدنية في كل من اتفاقية جنيف الرابعة 1949م والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف 1977م واتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح 1954م، وبالرغم من هذه الحماية في القانون الدولي، إلا أن مليشيا الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح لم تحترم قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني بل عملت وبشكل ممنهج على تدمير البنى التحتية والمقدرات الأساسية للسكان المدنيين في مختلف المدن والقرى اليمنية"، لكن تساؤل المستشار محمد قشمر يذهب باتجاه الآليات وواقع ما قدمه المجتمع الدولي لوقف جريمة حرب من هذا المستوى، يقول: " السؤال هو هل أبقى الحوثيون شيئا لم يعتدوا عليه؟ ما هي النتائج التي توصل إليها المجتمع الدولي في هذا الصدد، للأسف الشديد هم يدركون أن الحوثي جماعة إرهابية انقلابية، لكن ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها تجاههم كجماعة" يشير إلى آلية ضئيلة الآثر قامت بها بعض الدول وهي إضافة أسماء في القوائم السوداء ويؤكد "لا يمكن أن يكون لها جدوى حقيقية".