المصدر -
يعد فصل الشتاء المقبل هو محور الدراسات والتحركات المتعلقة بالغاز الروسي في أوروبا؛ فالقارة تعتمد بشكل كبير على موسكو في التدفئة.
وتعد روسيا تاريخياً أكبر مورد للغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي، ورغم محاولات الأخير تقليل الاعتماد على الغاز الروسي بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية في 2014، إلا أن روسيا لا تزال توفر حوالي 40% من استهلاك الغاز في التكتل.
إلا أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، وقرار واشنطن قبل أيام حظر واردات الغاز من روسيا؛ إلى جانب مخاوف من إمكانية اتخاذ الأخيرة قرارا عقابيا مضادا بحظر صادرات الغاز لأوروبا، يشعل القلق في القارة العجوز.
وحتى اليوم، تستبعد دول التكتل الأوروبي اتخاذ قرار بحظر واردات الغاز الروسي، رغم سير واشنطن في هذا الاتجاه، لاعتماد الدول الأوروبية بشكل كبير على واردات الغاز الروسي مقارنة بأمريكا التي تستورد ٨% فقط من احتياجاتها من روسيا.
تحذيرات وإحصاءات
وقبل أيام، حذرت شركة الطاقة الفرنسية "إنجي"، من أن "مخزونات الغاز في أوروبا ستكون غير كافية إذا تم اتخاذ قرار بقطع الإمدادات من روسيا".
قالت كاثرين مكغريغور، الرئيسة التنفيذية للشركة لرويترز إن "مخزونات الغاز في أوروبا ستكون غير كافية إذا تم اتخاذ القرار بقطع الإمدادات من روسيا".
وأشارت مكغريغور بشكل عام إلى أن "الاتحاد الأوروبي يعتمد على الغاز الروسي بنسبة 40%، وبعض الدول الأوروبية بنسبة 90%، وحتى 100%".
وإحصائيا، تتفاوت درحة اعتماد الدول الأوروبية على واردات الغاز الروسي، إذ تعتمد التشيك ولاتفيا وملدوفا عليه بنسبة 100%، ثم المجر بنسبة 95%، وسلوفاكيا 85%، وبلغاريا 75%، وصربيا 69%، مع الأخذ في الاعتبار حجم اقتصاد هذه الدول مقارنة بألمانيا على سبيل المثال.
الإحصاءات نفسها التي تعود إلى استهلاك عام 2020، تفيد أيضا بأن ألمانيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 66.2%، وبولندا بنسبة 55%، ورومانيا 45% وإيطاليا ٤٣%، واليونان 39%.
فيما تعتمد فرنسا بنسبة 17% وهولندا بنسبة 26%، وإسبانيا بنسبة ١٠.٤% على الغاز الروسي.
وإجمالا يعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في نسبة تفوق الـ38% من احتياجاته من الغاز الطبيعي سنويا.
سيناريوهان للمستقبل
ونتيجة تصاعد الحرب في أوكرانيا ودخول النفط والغاز تحت طائلة العقوبات المفروضة على روسيا، قام فريق من العلماء من الأكاديمية الوطنية للعلوم في ألمانيا، بنشر تحليل سريع عن وضع أوروبا في حال توقف إمدادات الغاز الروسي.
وتحدث التحليل عن سيناريوهين أساسيين، الأول هو مبادرة روسيا بمنع صادرات النفط والغاز لأوروبا والولايات المتحدة، كرد فعل على قرار واشنطن والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
أما السيناريو الثاني، هو اتخاذ الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا، قرارات بمنع واردات النفط من روسيا على غرار الولايات المتحدة.
وفي كلا السيناريوهين، ستصبح الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا، أمام أزمة طاقة غير مسبوقة، في ظل الاعتماد الكبير على الواردات النفطية من روسيا، وفق ما نقلته مجلة دير شبيجل عن التحليل الذي حدد شروطا حاسما لتبقى أزمة الطاقة المتوقعة "تحت السيطرة".
ووفق التحليل، استوردت الدول الأوروبية حوالي 1768 تيراواط / ساعة من الغاز الطبيعي من روسيا في عام 2019، فيما استوردت ألمانيا وحدها 450 تيراواط/ ساعة، وهو ما يمثل حوالي 50% من إجمالي متطلبات السوق، في نفس العام.
وتابع التحليل "إذا كانت ألمانيا قد ملأت بالفعل مستودعات التخزين من أجل الشتاء المقبل، فسيكون هناك احتياطي للغاز بطاقة 275 تيراواط، أي أكثر من نصف حجم الغاز الذي يتم استيراده من روسيا".
وكتب العلماء في الأكاديمية الشهيرة في التحليل "استيراد الغاز السائل من أجزاء مختلفة من العالم يمكن أن يحل محل الغاز الطبيعي الروسي".
ووفق التحليل ذاته، تبلغ سعات مستودعات التخزين المتاحة في البلدان الأوروبية الأخرى 1100 تيراواط ساعة، والتي يمكن أن تعوض "إلى حد كبير" الـ1768 تيراواط/ ساعة التي يتم استيرادها حاليًا من روسيا، وطالب التحليل بسرعة ملئ مستودعات التخزين بالكامل.
كما طالب التحليل بأن تكون عملية شراء وتوفير إمدادات الغاز والنفط تحت إشراف الدول بالكامل، والاستغناء عن استخدام الغاز في محطات توليد الطاقة الكهربائية واستخدام الفحم بدلا منه، حتى لو كان ذلك على حساب المناخ.
الشتاء كلمة السر
التحليل الألماني رغم تفاؤل بعض نقاطه، تحدث عن سيناريو أسوأ مرتبط بالظروف الجوية، وقال "حتى في حال بذل كل الجهود الممكنة لاحتواء أزمة الطاقة المتوقعة، وجاء الشتاء القادم أكثر برودة، وبالتالي كانت الحاجة للغاز أكبر بكثير من الشتاء الحالي".
ووفق هذا السيناريو، ستعاني الدول الأوروبية وبينها ألمانيا من نقص في الغاز في حال توقفت الإمدادات الروسية، مما يعني، وفقًا للوضع الحالي، أن مجموعات صناعية كبيرة ستضطر إلى الإغلاق"، ما يحمل تداعيات سلبية على الاقتصاد الأوروبي.
لكن مركز بروغل البلجيكي للأبحاث قال في تقرير حديث "إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يريد الجلوس وتعليق الآمال على الطقس المعتدل في الشتاء القادم، فإنه يملك خيارات للتحرك".
وتابعت "من حيث المبدأ، تسمح البنية التحتية الحالية في أوروبا بأحجام واردات إضافية من النرويج وشمال أفريقيا، وكميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال، والتي يمكن أن تصل إلى (17 تيراوات في الساعة/ الأسبوع) وتحل محل الواردات الحالية (المنخفضة) من روسيا (18 تيراواط ساعة / الأسبوع)".
وأضافت "يتم أيضًا الاحتفاظ بكمية معينة من الغاز بشكل دائم في مخازن تحت الأرض، ويمكن استخدام هذا الغاز المخزن في ظل ظروف الطوارئ، مما يوفر أداة طوارئ أخرى في حال انقطعت الامدادات الروسية".
وبناءً على ظروف عام 2021، يمتلك الاتحاد الأوروبي بالتالي قدرة استيراد فائضة تبلغ 1800 تيراوات ساعة من موردين آخرين؛ وهم النرويج ودول شمال أفريقيا وأذربيجان، وذلك يمكن أن يسمح للاتحاد الأوروبي من الناحية النظرية، باستبدال تدفقات الغاز الروسية بالكامل على المدى الطويل (وصلت الواردات الروسية إلى 1700 تيراواط ساعة في عام 2021)".
حلول إضافية
وبعيدا عن بدائل الغاز الروسي وإمكانية تغطية الواردات الروسية من مناطق أخرى، عرضت وكالة الطاقة الدولية خطة لخفض واردات الغاز الروسي بنحو الثلث قبل الشتاء المقبل، وفق ما نقلته صحيفة جارديان البريطانية.
ومن بين بنود هذه الخطة، خفض المستهلكين الأوروبيين حرارة أجهزة التدفئة في المنازل بمعدل درجة واحدة، لتوفير الغاز، فضلا عن فرض ضرائب على شركات الوقود الأحفوري، وتأجيل الإغلاق المزمع لعدد من محطات الطاقة النووية خاصة في ألمانيا، وبناء المزيد من محطات توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية.
ووفق المصدر ذاته، فإن خفض المستهلكين درجة حرارة أجهزة التدفئة درجة مئوية واحدة في المنازل، سيوفر حوالي 10 مليارات متر مكعب من الغاز في غضون عام، من إجمالي واردات الغاز الروسية البالغة 155 مليار متر مكعب، ويمكن أن يصبح ذلك مفيدا إذا تم تنفيذه جنبًا إلى جنب مع الإجراءات الأخرى في الخطة.
وتعد روسيا تاريخياً أكبر مورد للغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي، ورغم محاولات الأخير تقليل الاعتماد على الغاز الروسي بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية في 2014، إلا أن روسيا لا تزال توفر حوالي 40% من استهلاك الغاز في التكتل.
إلا أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، وقرار واشنطن قبل أيام حظر واردات الغاز من روسيا؛ إلى جانب مخاوف من إمكانية اتخاذ الأخيرة قرارا عقابيا مضادا بحظر صادرات الغاز لأوروبا، يشعل القلق في القارة العجوز.
وحتى اليوم، تستبعد دول التكتل الأوروبي اتخاذ قرار بحظر واردات الغاز الروسي، رغم سير واشنطن في هذا الاتجاه، لاعتماد الدول الأوروبية بشكل كبير على واردات الغاز الروسي مقارنة بأمريكا التي تستورد ٨% فقط من احتياجاتها من روسيا.
تحذيرات وإحصاءات
وقبل أيام، حذرت شركة الطاقة الفرنسية "إنجي"، من أن "مخزونات الغاز في أوروبا ستكون غير كافية إذا تم اتخاذ قرار بقطع الإمدادات من روسيا".
قالت كاثرين مكغريغور، الرئيسة التنفيذية للشركة لرويترز إن "مخزونات الغاز في أوروبا ستكون غير كافية إذا تم اتخاذ القرار بقطع الإمدادات من روسيا".
وأشارت مكغريغور بشكل عام إلى أن "الاتحاد الأوروبي يعتمد على الغاز الروسي بنسبة 40%، وبعض الدول الأوروبية بنسبة 90%، وحتى 100%".
وإحصائيا، تتفاوت درحة اعتماد الدول الأوروبية على واردات الغاز الروسي، إذ تعتمد التشيك ولاتفيا وملدوفا عليه بنسبة 100%، ثم المجر بنسبة 95%، وسلوفاكيا 85%، وبلغاريا 75%، وصربيا 69%، مع الأخذ في الاعتبار حجم اقتصاد هذه الدول مقارنة بألمانيا على سبيل المثال.
الإحصاءات نفسها التي تعود إلى استهلاك عام 2020، تفيد أيضا بأن ألمانيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 66.2%، وبولندا بنسبة 55%، ورومانيا 45% وإيطاليا ٤٣%، واليونان 39%.
فيما تعتمد فرنسا بنسبة 17% وهولندا بنسبة 26%، وإسبانيا بنسبة ١٠.٤% على الغاز الروسي.
وإجمالا يعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في نسبة تفوق الـ38% من احتياجاته من الغاز الطبيعي سنويا.
سيناريوهان للمستقبل
ونتيجة تصاعد الحرب في أوكرانيا ودخول النفط والغاز تحت طائلة العقوبات المفروضة على روسيا، قام فريق من العلماء من الأكاديمية الوطنية للعلوم في ألمانيا، بنشر تحليل سريع عن وضع أوروبا في حال توقف إمدادات الغاز الروسي.
وتحدث التحليل عن سيناريوهين أساسيين، الأول هو مبادرة روسيا بمنع صادرات النفط والغاز لأوروبا والولايات المتحدة، كرد فعل على قرار واشنطن والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
أما السيناريو الثاني، هو اتخاذ الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا، قرارات بمنع واردات النفط من روسيا على غرار الولايات المتحدة.
وفي كلا السيناريوهين، ستصبح الدول الأوروبية، وبينها ألمانيا، أمام أزمة طاقة غير مسبوقة، في ظل الاعتماد الكبير على الواردات النفطية من روسيا، وفق ما نقلته مجلة دير شبيجل عن التحليل الذي حدد شروطا حاسما لتبقى أزمة الطاقة المتوقعة "تحت السيطرة".
ووفق التحليل، استوردت الدول الأوروبية حوالي 1768 تيراواط / ساعة من الغاز الطبيعي من روسيا في عام 2019، فيما استوردت ألمانيا وحدها 450 تيراواط/ ساعة، وهو ما يمثل حوالي 50% من إجمالي متطلبات السوق، في نفس العام.
وتابع التحليل "إذا كانت ألمانيا قد ملأت بالفعل مستودعات التخزين من أجل الشتاء المقبل، فسيكون هناك احتياطي للغاز بطاقة 275 تيراواط، أي أكثر من نصف حجم الغاز الذي يتم استيراده من روسيا".
وكتب العلماء في الأكاديمية الشهيرة في التحليل "استيراد الغاز السائل من أجزاء مختلفة من العالم يمكن أن يحل محل الغاز الطبيعي الروسي".
ووفق التحليل ذاته، تبلغ سعات مستودعات التخزين المتاحة في البلدان الأوروبية الأخرى 1100 تيراواط ساعة، والتي يمكن أن تعوض "إلى حد كبير" الـ1768 تيراواط/ ساعة التي يتم استيرادها حاليًا من روسيا، وطالب التحليل بسرعة ملئ مستودعات التخزين بالكامل.
كما طالب التحليل بأن تكون عملية شراء وتوفير إمدادات الغاز والنفط تحت إشراف الدول بالكامل، والاستغناء عن استخدام الغاز في محطات توليد الطاقة الكهربائية واستخدام الفحم بدلا منه، حتى لو كان ذلك على حساب المناخ.
الشتاء كلمة السر
التحليل الألماني رغم تفاؤل بعض نقاطه، تحدث عن سيناريو أسوأ مرتبط بالظروف الجوية، وقال "حتى في حال بذل كل الجهود الممكنة لاحتواء أزمة الطاقة المتوقعة، وجاء الشتاء القادم أكثر برودة، وبالتالي كانت الحاجة للغاز أكبر بكثير من الشتاء الحالي".
ووفق هذا السيناريو، ستعاني الدول الأوروبية وبينها ألمانيا من نقص في الغاز في حال توقفت الإمدادات الروسية، مما يعني، وفقًا للوضع الحالي، أن مجموعات صناعية كبيرة ستضطر إلى الإغلاق"، ما يحمل تداعيات سلبية على الاقتصاد الأوروبي.
لكن مركز بروغل البلجيكي للأبحاث قال في تقرير حديث "إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يريد الجلوس وتعليق الآمال على الطقس المعتدل في الشتاء القادم، فإنه يملك خيارات للتحرك".
وتابعت "من حيث المبدأ، تسمح البنية التحتية الحالية في أوروبا بأحجام واردات إضافية من النرويج وشمال أفريقيا، وكميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال، والتي يمكن أن تصل إلى (17 تيراوات في الساعة/ الأسبوع) وتحل محل الواردات الحالية (المنخفضة) من روسيا (18 تيراواط ساعة / الأسبوع)".
وأضافت "يتم أيضًا الاحتفاظ بكمية معينة من الغاز بشكل دائم في مخازن تحت الأرض، ويمكن استخدام هذا الغاز المخزن في ظل ظروف الطوارئ، مما يوفر أداة طوارئ أخرى في حال انقطعت الامدادات الروسية".
وبناءً على ظروف عام 2021، يمتلك الاتحاد الأوروبي بالتالي قدرة استيراد فائضة تبلغ 1800 تيراوات ساعة من موردين آخرين؛ وهم النرويج ودول شمال أفريقيا وأذربيجان، وذلك يمكن أن يسمح للاتحاد الأوروبي من الناحية النظرية، باستبدال تدفقات الغاز الروسية بالكامل على المدى الطويل (وصلت الواردات الروسية إلى 1700 تيراواط ساعة في عام 2021)".
حلول إضافية
وبعيدا عن بدائل الغاز الروسي وإمكانية تغطية الواردات الروسية من مناطق أخرى، عرضت وكالة الطاقة الدولية خطة لخفض واردات الغاز الروسي بنحو الثلث قبل الشتاء المقبل، وفق ما نقلته صحيفة جارديان البريطانية.
ومن بين بنود هذه الخطة، خفض المستهلكين الأوروبيين حرارة أجهزة التدفئة في المنازل بمعدل درجة واحدة، لتوفير الغاز، فضلا عن فرض ضرائب على شركات الوقود الأحفوري، وتأجيل الإغلاق المزمع لعدد من محطات الطاقة النووية خاصة في ألمانيا، وبناء المزيد من محطات توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية.
ووفق المصدر ذاته، فإن خفض المستهلكين درجة حرارة أجهزة التدفئة درجة مئوية واحدة في المنازل، سيوفر حوالي 10 مليارات متر مكعب من الغاز في غضون عام، من إجمالي واردات الغاز الروسية البالغة 155 مليار متر مكعب، ويمكن أن يصبح ذلك مفيدا إذا تم تنفيذه جنبًا إلى جنب مع الإجراءات الأخرى في الخطة.