المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 24 أبريل 2024
المشاركون في الجلسة العلمية الأولى للمؤتمر العالمي للإفتاء يؤكدون أهمية تفعيل "الإفتاء الجماعي"
بواسطة : 03-08-2021 01:43 صباحاً 6.2K
المصدر -  
أكد مشاركون في الجلسة العلمية الأولى للمؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصرية (الإفتاء الجماعي ومؤسساته.. الواقع والمأمول)، أهمية تفعيل الإفتاء الجماعي في مؤسسات الفتوى.
وقال رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة، في كلمته خلال الجلسة، "إن معايير الاجتهاد الجماعي تتمثل في ثلاثة أركان، الأول إدراك النص الشرعي، والثاني إدراك الواقع، والثالث هو النص ما بين المطلق والنسبي.. وهذه الأركان الثلاثة تكون المعيار الذي نقيس به الاجتهاد الجماعي الذي في بعض الأحيان نقبله لأنه التزم بتلك المعايير أو أدرك النص الشرعي، وهو النص المقدس من كتاب وسنة".
وأضاف أن هناك نصا شرعيا أخر قام به مجتهدون أتقياء، وصل عددهم إلى نحو 90 مجتهدا، ولكن بعضهم لم يتبعوا أو قصر أصحابه فيه، مشيرا إلى أن النص الشرعي يجب على الاجتهاد الجماعي أن يدركه، سواء كان نصا أو من اجتهادات الاتقياء العظماء.. لافتا إلى أن الواقع عوالمه كثيرة، من بينها علم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار.
وأكد أنه يجب على الاجتهاد الجماعي أن يدرك هذه العوالم بعمق، وكذلك مفتاح كل عالم منها، وكيف يتعمق في إدراكها، ومن هنا أنشأت كثير من المجامع الفقهية.. مختتما بالقول إن "الأمر الثالث، وهو النص الموجود بين هذا وذاك، وهو نص يشمل إدراك الأمة، فعندما يأتينا رأي من جهة ما على سبيل الاجتهاد الجماعي، فإننا نقيس على تلك المعايير الثلاثة وإلا علقنا عليه ورفضناه، والمجامع الفقهية نرى فيها أننا أمام اختلاف داخل المجمع، وذلك بإرادة المجمع نحو منحى لم يتفق عليه الجميع، ومن هنا تأتي الفتوى".
ومن جهته، قال الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى بدار الإفتاء "إن المجتمع الإنساني أصبح يعيش في ظل العصر الرقمي وكأنه في مكان واحد؛ مما أفرز أنماطا من الحياة لم تكن معهودة من قبل على كافة المستويات، وخاصة الأسرة، نتيجة ما تمتاز به هذه التقنية المتطورة من إلغاء الحدود والسرعة العالية في نقل الثقافات المتنوعة والتقاليد المختلفة".

وأضاف: أن "هذه الأنماط الجديدة، خاصة في مجال الأسرة والأحوال الشخصية طرحت نفسها بقوة خلال العقود الأخيرة على ساحة الخطاب الديني والبحث الفقهي بهدف معرفة الحكم الشرعي بخصوصها، ومع التسليم بأنه ليس بوسع الإفتاء الفردي أن يستوعب تلك المستجدات، فضلًا عن إدراك واقعها المعقَّد بصورة كاشفة؛ فإنه ينبغي أن يتصدر لمعالجة هذه القضايا المؤسسات والهيئات الإفتائية والفقهية من أجل إصدار فتاوى وأحكام شرعية ملائمة لواقع كل مسألة حتى نحقق مقاصد الشرع الشريف ونرفق بالناس، وذلك كله حتى تأخذ الفتوى بالناس نحو التحلي بالأخلاق والقيم الفاضلة، بما يسهم بشكل إيجابي في استقرار الأسرة والمجتمع".

ونوه بدور الإفتاء الجماعي، متمثلا في فتاوی دار الإفتاء وبعض المجامع الفقهية، في معالجة مستجدات الأحوال الشخصية والأسرة في ظل العصر الرقمي، وذلك من خلال مبحثين، الأول: بيان المفاهيم التي تناولها البحث كالإفتاء الجماعي والأحوال الشخصية وبيان مشتملاتها، والثاني: الكشف عن سمات وملامح الإفتاء الجماعي في مسائل متنوعة تشمل أبواب الخطبة والزواج والطلاق والميراث.

ولفت إلى أن مصطلح الأحوال الشخصية يُعد مصطلحا قانونيا حديثا، يشمل الموضوعات المتعلقة بالأسرة والمواريث والهبات والوصايا، وهي أبواب وفروع ومسائل عالجها فقهاء الأمة عبر القرون.
ونوه بأن مؤسسات الإفتاء الجماعي، وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية، راعت التقدم الرقمي الحديث، فلم تقف منه موقف الجمود بل تعاملت معه انطلاقًا من واجبها الشرعي والوطني، خاصة في مسائل الأحوال الشخصية عبر مسارات متنوعة، منها إنشاء مواقع ومراصد عبر هذه الوسائل لما تمثله كإعلام جديد من أجل تفاعل مباشر مع جمهورها.

وبدوره، قال الشيخ أبو بكر عبدالله جمل الليل مفتي جمهورية جزر القمر إنه "بالرغم من حالة الفُرقة التي تعصِفُ بالأمة في الآونة الأخيرة، إلا أن الصفحات المشرقة لاجتماع الكلمة لم تغِب عن حاضر الأمة، كما كانت كذلك في ماضيها؛ فقد ظهرت مؤسسات وكيانات شرعية متخصصة حملت على عاتقها جمعَ كلمةِ علماء الأمة وتوحيد جهودِهم في مواجهة النوازل والمستجدّات؛ مما نتج عنه خير كثير".

وأوضح أنه يأتي على رأس تلك الكياناتِ، الأمانة العامة لِدورِ وهيئات الإفتاء في العالم، والتي أنشئت عام 2015 كمظلة جامعة للمؤسسات الإفتائية، رسالتها إيجاد منظومةٍ عِلميَّةٍ وتأهيليَّةٍ للقيادات المسلمة في العَالَم ترْسَخُ عندهم قِيمَ الوسطيَّةِ والتعايُش، وتقود قاطرةَ تجديد الخطاب الدِّينيِّ في مجال الفتوى والإفتاء.
وعن الإفتاء الجماعي والرقمنة في دار الإفتاء بجزر القمر، قال الشيخ أبو بكر إنه "نظرا لأهمية الإفتاء الجماعي ومنافعه وفوائده؛ اتخذتْ دار الإفتاء القمرية (الإفتاء الجماعي) منهجا لها؛ حيث أَوجد مجلس الإفتاءِ في نظامها الجديد، والمكوَّن من 11 عضوًا (9 دائمِين، و2 منتدبين من الخبراء المتخصصين في المجالات الأخرى)".
وأضاف: "لضرورة الإفتاء الجماعي؛ باشر المجلس أعماله -قبل اعتماده- حيث يعقد جلساته الدورية والاستثنائية؛ لمناقشة الاستفتاءات والقضايا الواردة إليه من قِبَل الأفراد والمؤسسات والدولة، ومع وقوعِ جائحة فيروس كورونا، ساهم في التخفيف من وطأة الجائحة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة هذا الوباء، حيث عقد المجلس عدة جلسات دورية واستثنائية مع الأطباء واللجان المختلفة والجهاتِ المسؤولة لتدارس الحالة وتكييفها ثمّ إصدار الفتوى المناسبة للحالة؛ ومراجعتها دوريا".

ونوه بأنه على الرغم من الإمكانات المحدودة جدا لدار الإفتاء القمرية ومجلس الإفتاء فيها، إلا أنه يتعامل مع الرقمنة بقدر، فعلى سبيل المثال، يتعامل أعضاء المجلس في مجموعة (واتس آب) في كثيرٍ من الحالات، كما أن المجلس يستقبل الاستفتاءات عليه من الداخل والخارج ويرد عليها، كما ينشر المجلس الفتاوي على الصفحة الرسمية عبر (فيس بوك)، ويتواصل مع المستفتين فيها عبر برنامج المحادثات (ماسنجير)؛ إضافةً إلى الإجابة على أسئلة المشاهدين في التليفزيون الوطني (ORTC) عبر برنامج (فاسألوا أهل الذكر).

وأوضح عدة نتائج، منها أهمية وضرورة الإفتاء الجماعي واشتداد الحاجة إليه في هذا العصر، وأن الاجتهاد والإفتاء الجماعي هو إرجاع لدور العلماء في الأمة، وإحياء لمواقف العلماء وتفاعلهم مع المجتمع، وذلك من خلال تصديهم لكل النوازل والقضايا والمسائل المستحدثة التي تعرض على الأمة الإسلامية مع وجوب مراعاة واقع المجتمع في الإفتاء؛ وذلك بمراعاة طبيعة البلاد وما جرى به عمل المفتين في البلاد، وما يسنه ولاة الأمر من الأنظمة المعتبرة.

واختتم مفتي جزر القمر، كلمته، بالتأكيد على دور الأمانة العامة لدُورِ وهيئات الإفتاء في العالم في تفعيل الإفتاء الجماعي في مؤسسات الفتوى، والعمل على تحقيق المصداقية في مؤسسات الإفتاء الجماعي بأن تصبح ذات مكانة مقدرة ومحترمة لدى جمهور المسلمين عامة وفي الأوساط العلمية بصفة خاصة، وأن تكون محل ثقة وطمأنينة فيما تقرره وتفتي به من أحكام واجتهادات مع ضرورة السعي في تطوير مؤسسات الإفتاء الجماعية في الدور وهيئات الإفتاء في العالم، من حيث التشكيل بأن تتشكل من الفقهاء الراسخين، والخبراء الناصحين، والباحثين المتمرسين، ومن حيث المرجِعِية بتعميم الفتاوى الصادرة من هذه المؤسسات وإلزام الكافة بها، ومن حيث الاستفتاءات المقدمة بأن يتم التركيز على النوازل المعاصرة تأصيلا وتنزيلا.

وقال الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، خلال الجلسة العلمية الأولى للمؤتمر العالمي لدار الإفتاء، "إن الإفتاء يتعلق ببيان حكم الله، أما تنفيذ الإفتاء يحتاج إلى سيف العدالة وقول القضاء.. ولا شك أن الإفتاء الجماعي مهم في الوقت الحاضر، وهي أشد إلحاحا اليوم عن ذي قبل، حتى إنه يكاد يكون بديلا عن الإفتاء الفردي".
وشدد النجار على أن مشكلات العالم أصبحت معقدة ومتداخلة والعلاقات الأسرية لم تعد كسابق عهدها في السير على مقتضيات الأعراف؛ فبعد أن كان الإيجاب والقبول كافيا لإتمام العقد، اليوم تغيّر ذلك المعنى وأصبح العقد يتم بين طرفين بينهما مسافات بعيدة.. مشيرا إلى أن موضوعات التعاقد كانت بسيطة، واليوم تغير هذا المعنى وأصبحت متداخلة ومركبة تحتاج إلى تدخل خبير أو عالم، ومثل ذلك يصعب فيه الوصول إلى الرأي الشرعي الفردي، ومن ثم تنشأ الحاجة إلى الإفتاء الجماعي.

وأضاف: أن مجمع البحوث، أكبر هيئة علمية، في أول مؤتمر له منذ قرابة 60 عاما قد نبه إلى حفظ الدين بالإفتاء الجماعي، فجاء في قراره الأول سنة 1962م أن القرآن والسنة النبوية الشريفة هما مصدرا الأحكام الشرعية، وأن السبيل لمواجهة الحوادث المتجددة ومراعاة المصالح أن يتخير المفتي من بين الأحكام الفقهية، وإلا فالاجتهاد الجماعي المطلق.. والمفتي إذا لم يقدر على تصور موضوع الفتوى فلن يقدر على الوصول إلى المنهج الصحيح".

واختتم النجار، كلمته، بالتأكيد على الحاجة إلى دراسة الفقه على نحو جديد، قائلا إن "منهج الفقه المقارن أصبح بحاجة إلى تجديد، فدارسة الفقه المذهبي يمكن أن تشكل عقلية عصرية، وأعني بذلك الفقه المقارن بمذاهبه المختلفة، فلا يمكن أن أعزل الدراسات القانونية عن الدراسات الفقهية.. هذا المفهوم يجب أن يتغير، ويجب أن تكون الدراسة شاملة لكل الآراء الفقهية".

ومن جهته، قال الدكتور محمود إسماعيل مشعل أستاذ الفقه المشارك بكلية الإمام مالك للشريعة والقانون بدبي ووكيل الشريعة والقانون بدمنهور جامعة الأزهر، في كلمته، "إن منصب الفتوى الشرعية من أهم المناصب الدينية؛ لتعلقها بحاجة الناس إلى بيان حكم الشرع في أفعالهم وأقوالهم وأحوالهم؛ خاصة فيما ينزل بهم من المستجدات والنوازل والملمات".
وأضاف أنه "تزداد هذه الحاجة تأكيدا وإلحاحا في ظل ما يمر به العالم في هذه الآونة من انتشار فيروس كورونا المستجد، رغم أنه قد رُصدَت تسابقات على الفتوى في ظل الجائحة؛ فبعض المشايخ كان في سباقٍ مع الكورونا في الرد على إخوانه وزملائه، وظهرت فتاوى قد تصل أحيانًا إلى حد التناقض، كما في موضوع تفسيرات الوباء وما نتج عنه من مسائل مستجدة، وكما في موضوع صلاة الجمعة مثلا.. وهذا ليس فقط في الفتوى بل في الطب أيضا، فهناك كلام ونصائح وتوجيهات وتفسيرات من أطباء بلغت حد التناقض فيما بين أهل الاختصاص، وهذا لا ينبغي أن يكون لا في الفتوى ولا في الطب؛ لأنه يشوش على الناس أمورهم كثيرا".

نوه مشعل بأن دار الإفتاء المصرية أدلت بدلْوها في التعامل مع ظروف هذا الوباء، بصفتها أعرق المؤسسات الإفتائية في العالم كله، والتي استطاعت أن تجمع شتات هيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة مؤسسة إفتائية كبرى، وهي الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كما أنها لم تألُ جهدا في تقديم معالجة شرعية وإفتائية للكثير من المسائل والإشكالات التي استجدت مع ظهور جائحة كورونا.
ولفت إلى تنوع نداءات جماعة من العلماء المعاصرين في القرن الـ14 الهجري إلى إنشاء ما أطلق عليه "المجامع الفقهية"، موضحا أن ذلك تحقق على مراحل في العهود السابقة، وصارت فكرة "المؤسسية الإفتائية" حاضرة ومتداولة، حتى تم الوقوف على معطيات "العصر الرقمي" الذي نعيش فيه طفرات تقنية هائلة، وحيال ذلك تحتم الاستفادة منها في مجال الإفتاء، رصدًا وتحليلًا، واستشرافًا للمستقبل من خلال المؤشر العالمي للفتوى، فنتخذ السبيل إلى توحيد الفتوى أزمنة نوازل الأوبئة.

وأعرب عن أمله في أن يستجيب "المؤشر العالمي للفتوى" لشمول نظام الرصد والتحليل ومجال الابتكارات التقنية من (التطبيقات الذكية) التي يتجاوز دورها وأثرها حدود المكان، لتخاطب القاطنين في أبعد بقعة في العالم بما تقدمه من الخدمة الإفتائية.