المصدر -
لا بندق ولاعود حطب..؟!!
بهذا العنوان يروي الاعلامي القدير علي بن عبده الجبيلي رحلتة عن البحث عن مرق الهوى يقول
دايما الشخص المعلول _اجاركم الله متغير المزاج.. متقلب الاحساس
يرغب في أكلة أو مشروبا ثم يعتذر عن الأكل أو الشرب
ويتقلب في نومه وجلوسه وحركته وكما قيل لا يدري أين حوض البركة.. ولذلك فطن أجدادنا أن يعالجو أمراض ذوي الأمزجة المتقلبه بسبب أوجاعهم بأكلات شعبيه خفيفه تحتوي على الصوديوم والبوديوم والكركم
من منتجات الطبيعة ومايعدل مزاج مريضهم الذي يدلف رويدا إلي النقاهه.. فاخترعو أكلة الفرقه ومرق الهوى... والعيش بالغلف والمجلعم واكلة الويكة والحلبة بالسليط... الخ
المهم ماعلينا من هذا كله
في ثاني او ثالث أيام الفطر من عيدنا الفائت
تقطعت بي السبل نفسيا.. كانت شراييني تعج بضجيج الدهون والدسم وبقايا المشبك والزنبطية.. وقفصي الصدري يعتلج بضم اضلاعه فقدا ووجدا...
و جهازي الهضمي مضطرب ومشاعري منكسرة
قلت لأسرتي صباحا دعونا نطلع نحط لفة على شاطئ الكورنيش قبالة الجامعه... ذهبنا.. شعرنا أن لا جديد يغير من حواسنا
فلنذهب إلي حبيبتنا الغاليه صبيا...
فلنواصل إلي سوقها الشعبي..
اليوم الدنيا باردة في الحركة والناس معايدة واصلو شمالا لحلة غوان (وأم الخشب)
فلنفطر في عشش بيش.. الخرسانيه
ولكن للأسف كان العمالة يفطرون خارجها ويبشرون أن الافتتاح مع وجبة الغداء سيكون ظهرا..؟!!!
حسنا على هذا المزاج النادر.. تشغيل وافتتاح مطعم في عز "اصفنهار" في يوم كأن مات فيه كافر؟!!
لا بأس فللناس فيما يشتهون مذاهب..
إذا غداءنا وفطورنا في درب بني شعبة
قالو الأبناء ياابتي بالدرب حديقة العجائب وكل الخدمات بها...
فقلت عسى مالحقت حدائق الحمراء المعلقه في مدخل المحافظة الجنوبي..؟!!
لا بأس فلنذهب إليها ونضحي بكبدة ومقلقل المنادي الحضرمية في البلدة حتى إشعار آخر
وصلنا إلي موقع الحديقة المزعوم فإذا بوابته مغلقة بالضبة والمفتاح وعلى مدخلها علقت ورقة صغيره تشي أن الحديقة في حالة اجازة عيدية ومن حقها المعايده مع رفيقاتها ليتم صيانة مرافقها حينذاك...
ضحكت بغصة الجوع والألم ونقر الكوليسترول الصامت في شراييني...
ياابتي هنا مطعم عائلي شهير على الطريق الدولي دعنا ندلف إليه...
لا... لا.. سنذهب قليلا إلي بلدة الشقيق افتقدتها كثيرا لي فيه زملاء وأصدقاء واحبة...
بل سنذهب نشاهدها من الطريق العام فحسب.. فإن ظفرنا بإستراحة جميلة أو مطعم مجمل فلا بأس من زيارته فلا بد أن الشقيق قد تطورت خدميا كثيرا بعد كل هذه السنوات...
حسن لقد فعلنا.. كل الطرق تؤدي إلي الشقيق
الا طرق المطاعم المتميزه والمرافق الاستثمارية والإستراحات وايقنت أن الاستثمار مفهوم مجتمعي لا يفقهه الا ذوي همة وحظ عظيم..
لا بأس أن نطرق باب حبيبتنا وجارتنا الغاليه الحريضه.. انها على بعد دقائق فحسب ولابد انها قد سبقتنا في استثمار الخدمات والنزل والإستراحات أسوة بباقي مثيلاتها...
غدينا إليها السير ووجدنا حالها مصابا بعدوى قرينتها الجازانية الشقيق..
بل في حال أكثر بؤسا بالرغم من موقعها على ناصية الطريق الدولي الشهير أيضا...
لو سمحت أين أقرب مطعم محترم يمكن أن ندلف إليه بشوق أيها السيدالمحترم...؟!!
أشار إلي ناصية جبلية تعلو شمال الطريق وقال بعدها ب٤كيلو فقط هناك مطعم كبير...
ضحكت وانا أغالب وجعي وجوعي وقلة نومي.. وحيلتي وهواني على الناس...
ثم ذهبت استعرض لهم شريط ذكرياتي ومغامراتي المهنية إعلاميا ووظيفيا على امتداد هذه المساحات الشاسعه واستذكر أسماء شخصيات عظيمة من أمراء ال سعود الكرام َرجالات دولة من طراز رفيع الذين رافقتهم في مهام عمل إعلامية أو وظيفيه على امتداد هذا الساحل المهيب خلال أكثر من ٤٠سنة ماضيه
وكنت في داخلي في قمة التأثر على من رحل منهم عليهم رحمة الله وانا استشعر الأيام التي مضت سراعا.. سراعا وطوتنا معها وكيف أن انفاسي تشعرني بقرب رحيلي...
فازدادت آلام صدري اظطرابا وزهدا وأصبحت معدتي خاوية كمن معي في رحلتي ونحن نتوهم غداءا ساحليا لا نظير له...
أصبحنا على مقربة من القحمة ونحن في منتصف القايلة واوهامنا تزيد وهمتنا تتناقص...
إذا وصلناك ياقحمة بعد عناء...
ما فتأت أن ترت وراء ظهري داخل الموتر دعوة شيطانية من مديرة الأسرة.. ( حرام وقد شبطابنا هذا المشوار الطويل العريض من صبح الله ولا فطور ولا غداء انه ماعاد نرجع الا من عمق....؟!!!
عمق مرة وحدة...؟!!
نعم عمق ننوخ ركابنا ونريح ناقة مسيرنا ونجلس في تلك السهاوي الجميلة نتناول غداءنا....ويستعيد كل منا فيها ذكراه.. فإنها بحسب السيد قوقل على بعد نصف ساعة فحسب...
عجيب على هذه الفكرة الشيطانية التي وافقت هوى في نفسي
قلت لهم إذا فلنواصل الهمة حتى الميقات ننوي العمرة ونحرم من هناك للديار المقدسة..
قالو نسيت إجراءات الاحترازات وبرنامج توكلنا وتطبيق العمره وانت الوحيد الذي لم يتطعم بعد..
الهد لك حتى نصل إلي محطة عمق... ونقضي غرضنا ونعود
قلت صحيح..لابأس فعيناي مشتاقة لرؤية أولئك العجيز من ذوي الهمم وهن يعجن ويخبزن ويحندن السمك ويطبخن القدور والمغشات
تذكرت تلك الوالده التي كانت تجهز الخمير ثم تضع بصمة كفها عليه ترققه وتحننه لتقوم بخبزه داخل التنور الحامي ارضاءا لزبائنها التترى..
قلت لها ياخالة ممكن تعطيني غوايشك هدية..؟!!
نظرت إلي نظرة شذر مذر... هذه هدية ولدي الضابط
ربي يمد في عمره ولن افرط فيها.. َ!!!
وجهت لي بكلماتها رسائل لا حصر لها ابتلعت منها ماتيسر وقلت والله كفوة ياخالة محافظة على تراثك الشعبي حتى وابنك في هذا المستوى الاجتماعي...
تركت صاحبة المصاغ ورحت استذكر كبار السن من باعة السمك البحري الطازج
قلت لعل السوق قد حظي بلمسة تنظيمية رائعة وحديثة من بلدية عمق تساير روح العصر وتحافظ على خصوصيته بعد كل هذه الشهرة التي اكتسبها
وعسى الخدمات المحيطة بالسوق قد أضيفت عليها لمسات الرضا...
طرحت أسئلة كثيرة وكأنني غائب عن هذا الكوكب منذ مئات السنين
وأمر آخر ولحكمة أجهلها صمت جوالي وانغلق على ذاته بعد انتهاء البطارية ولم أجد شاحنا مناسبا له في السيارة.. ولم أرغب التوقف في محطات البنزين للبحث عن بقالة تضم شواحن يفزع لي أحدها برد الريعة لجوالي لتصوير َورصد ملامح الجمال في سوق عمق التاريخي لبيع السمك والاكلات الشعبيه فيه...
من بعيد والكل يستشرف الوصول إلي الهدف المحدد يحسبون مسافة الطريق والوقت المتبقي.. والأجواء التراثية التي نزداد لها شوقا ولهفة لحظة بلحظة...
حلت علينا بعد طول بعد واشتياق
ملامح الذكرى من سهاوي وبسطات وجدار من طين وحصير...
مكان يشي بكل مشاعر الكآبه والحزن
بسطات صغيرة لا ثمة لسمك طازج
خمسة أو ستة من باعة البسطات يزاولن التدخين علانية أمام الزبائن وهم يعرضون عليهم محتوى خزاناتهم الباردة من سمك لا تعرف من أي بحار الدنيا قد جلبوه لك...
هل هذا السلوك التسويقي المتدني يليق بكم كشباب سعودي يعرض بضاعته بهذا الشكل...؟!!
لا توجد احابة
ذهبت لبائع غير مدخن فلم أجد بضاعة بحرية تليق بتقديمها للأسرة بعد كل هذا العناء
توكأت متوجعا على عصايا... ذهبت لأحدهم اشتريت معه تشكيلة منوعه وقلت له سيدي ايجدر بكم بالرغم من هذا البحر اللازردي المهيب الممتد أمامكم وهذه السمعة القديمة أن تبيعو لزبائنكم سمك مثلجا عفى عليه الزمن..؟!!
لم يعيرني اهتماما شطب بضاعته ووضعها لي داخل كيس نايلون وسلمها لي ببرود
وقال هات ١٥٠ريال فقط ل٢كيلو من سمك بارد...
عدت إلي السيارة وانا في قمة الصدمة...
قلت فلنبحث عن جلسة أو سهوة نظيفة ونذهب إلي تلك العجوز الأنيقة
أو المرأة ذات المصاغ...
بحثنا فلم نلقى الا بائعة أو طباخة واحدة فحسب ومن حولها عمالة غير وطنية تناولت منا اغراضنا لطبخها مع إضافات اخرى
سألناها بحزن عن حال السوق وعن باقي، زميلاتهن وعن ذات المصاغ المذهب...فلم يزدنا صمتها الا حزنا على حزن
وفهمنا أن الرحيل قد حل بهن وبباعة كثر وغادرو دنيانا الفانية...
لجأنا لسهوة يشعرك نسيم هواءها على بعد بضعة أمتار من السوق جلسنا على أسرة قد عفى عليها الزمن
انتظرنا غداءنا الذي وصلنا بعد أن لقينا من أمرنا نصبا..
كان سمك باردا يضج طعمه بالملح والبهارات الهنديه على عكس مطالبنا ونكهة لا تستساغ لمكان مثله تضرب له بطون الأكباد
احزنني صوت الهواء وحفيف سعف النخيل اليابس على حواف السهوه وزادني إلي الماضي وجدا... على وجد...
لاح في خاطري صحتي التي اذكرتني أيضا بقرب الرحيل فكيف لشراييني المغلقه أن تتحمل مزيدا من طعم الملح والبهارات المغالي فيه في مطبوخهم
كل شي حولي يذكرني بشي...
طلبت من الأسرة أن نغادر اسفا هذا المكان الذي جئنا إليه من بعيد على غير عنوة
عمق.... ما انت بعمق
ولكن إذا جيتك عنوة عاد ياخبت البقر سميني ثور...
بل طيلة طريق العوده وانا اردد المثل المحلي الشهير
( سوقنا سوق ام الخشب.. روحنا لا بندق ولا عود حطب)
حسرة عليك يا سوق عمق التراثي
وحسرة على ذات الغوايش وزميلاتها الفضليات والمسنون من ذوي الهمم في المنتج والاستقبال والتوديع
وحسرة أكبر على تردي أحوالك تحت بصر ونظر الجميع من غادي ورائح ومجتمع مدني حديث بكل مؤسساته التنظيمية والإشرافية المتخصصة؟!!!!!!!
بهذا العنوان يروي الاعلامي القدير علي بن عبده الجبيلي رحلتة عن البحث عن مرق الهوى يقول
دايما الشخص المعلول _اجاركم الله متغير المزاج.. متقلب الاحساس
يرغب في أكلة أو مشروبا ثم يعتذر عن الأكل أو الشرب
ويتقلب في نومه وجلوسه وحركته وكما قيل لا يدري أين حوض البركة.. ولذلك فطن أجدادنا أن يعالجو أمراض ذوي الأمزجة المتقلبه بسبب أوجاعهم بأكلات شعبيه خفيفه تحتوي على الصوديوم والبوديوم والكركم
من منتجات الطبيعة ومايعدل مزاج مريضهم الذي يدلف رويدا إلي النقاهه.. فاخترعو أكلة الفرقه ومرق الهوى... والعيش بالغلف والمجلعم واكلة الويكة والحلبة بالسليط... الخ
المهم ماعلينا من هذا كله
في ثاني او ثالث أيام الفطر من عيدنا الفائت
تقطعت بي السبل نفسيا.. كانت شراييني تعج بضجيج الدهون والدسم وبقايا المشبك والزنبطية.. وقفصي الصدري يعتلج بضم اضلاعه فقدا ووجدا...
و جهازي الهضمي مضطرب ومشاعري منكسرة
قلت لأسرتي صباحا دعونا نطلع نحط لفة على شاطئ الكورنيش قبالة الجامعه... ذهبنا.. شعرنا أن لا جديد يغير من حواسنا
فلنذهب إلي حبيبتنا الغاليه صبيا...
فلنواصل إلي سوقها الشعبي..
اليوم الدنيا باردة في الحركة والناس معايدة واصلو شمالا لحلة غوان (وأم الخشب)
فلنفطر في عشش بيش.. الخرسانيه
ولكن للأسف كان العمالة يفطرون خارجها ويبشرون أن الافتتاح مع وجبة الغداء سيكون ظهرا..؟!!!
حسنا على هذا المزاج النادر.. تشغيل وافتتاح مطعم في عز "اصفنهار" في يوم كأن مات فيه كافر؟!!
لا بأس فللناس فيما يشتهون مذاهب..
إذا غداءنا وفطورنا في درب بني شعبة
قالو الأبناء ياابتي بالدرب حديقة العجائب وكل الخدمات بها...
فقلت عسى مالحقت حدائق الحمراء المعلقه في مدخل المحافظة الجنوبي..؟!!
لا بأس فلنذهب إليها ونضحي بكبدة ومقلقل المنادي الحضرمية في البلدة حتى إشعار آخر
وصلنا إلي موقع الحديقة المزعوم فإذا بوابته مغلقة بالضبة والمفتاح وعلى مدخلها علقت ورقة صغيره تشي أن الحديقة في حالة اجازة عيدية ومن حقها المعايده مع رفيقاتها ليتم صيانة مرافقها حينذاك...
ضحكت بغصة الجوع والألم ونقر الكوليسترول الصامت في شراييني...
ياابتي هنا مطعم عائلي شهير على الطريق الدولي دعنا ندلف إليه...
لا... لا.. سنذهب قليلا إلي بلدة الشقيق افتقدتها كثيرا لي فيه زملاء وأصدقاء واحبة...
بل سنذهب نشاهدها من الطريق العام فحسب.. فإن ظفرنا بإستراحة جميلة أو مطعم مجمل فلا بأس من زيارته فلا بد أن الشقيق قد تطورت خدميا كثيرا بعد كل هذه السنوات...
حسن لقد فعلنا.. كل الطرق تؤدي إلي الشقيق
الا طرق المطاعم المتميزه والمرافق الاستثمارية والإستراحات وايقنت أن الاستثمار مفهوم مجتمعي لا يفقهه الا ذوي همة وحظ عظيم..
لا بأس أن نطرق باب حبيبتنا وجارتنا الغاليه الحريضه.. انها على بعد دقائق فحسب ولابد انها قد سبقتنا في استثمار الخدمات والنزل والإستراحات أسوة بباقي مثيلاتها...
غدينا إليها السير ووجدنا حالها مصابا بعدوى قرينتها الجازانية الشقيق..
بل في حال أكثر بؤسا بالرغم من موقعها على ناصية الطريق الدولي الشهير أيضا...
لو سمحت أين أقرب مطعم محترم يمكن أن ندلف إليه بشوق أيها السيدالمحترم...؟!!
أشار إلي ناصية جبلية تعلو شمال الطريق وقال بعدها ب٤كيلو فقط هناك مطعم كبير...
ضحكت وانا أغالب وجعي وجوعي وقلة نومي.. وحيلتي وهواني على الناس...
ثم ذهبت استعرض لهم شريط ذكرياتي ومغامراتي المهنية إعلاميا ووظيفيا على امتداد هذه المساحات الشاسعه واستذكر أسماء شخصيات عظيمة من أمراء ال سعود الكرام َرجالات دولة من طراز رفيع الذين رافقتهم في مهام عمل إعلامية أو وظيفيه على امتداد هذا الساحل المهيب خلال أكثر من ٤٠سنة ماضيه
وكنت في داخلي في قمة التأثر على من رحل منهم عليهم رحمة الله وانا استشعر الأيام التي مضت سراعا.. سراعا وطوتنا معها وكيف أن انفاسي تشعرني بقرب رحيلي...
فازدادت آلام صدري اظطرابا وزهدا وأصبحت معدتي خاوية كمن معي في رحلتي ونحن نتوهم غداءا ساحليا لا نظير له...
أصبحنا على مقربة من القحمة ونحن في منتصف القايلة واوهامنا تزيد وهمتنا تتناقص...
إذا وصلناك ياقحمة بعد عناء...
ما فتأت أن ترت وراء ظهري داخل الموتر دعوة شيطانية من مديرة الأسرة.. ( حرام وقد شبطابنا هذا المشوار الطويل العريض من صبح الله ولا فطور ولا غداء انه ماعاد نرجع الا من عمق....؟!!!
عمق مرة وحدة...؟!!
نعم عمق ننوخ ركابنا ونريح ناقة مسيرنا ونجلس في تلك السهاوي الجميلة نتناول غداءنا....ويستعيد كل منا فيها ذكراه.. فإنها بحسب السيد قوقل على بعد نصف ساعة فحسب...
عجيب على هذه الفكرة الشيطانية التي وافقت هوى في نفسي
قلت لهم إذا فلنواصل الهمة حتى الميقات ننوي العمرة ونحرم من هناك للديار المقدسة..
قالو نسيت إجراءات الاحترازات وبرنامج توكلنا وتطبيق العمره وانت الوحيد الذي لم يتطعم بعد..
الهد لك حتى نصل إلي محطة عمق... ونقضي غرضنا ونعود
قلت صحيح..لابأس فعيناي مشتاقة لرؤية أولئك العجيز من ذوي الهمم وهن يعجن ويخبزن ويحندن السمك ويطبخن القدور والمغشات
تذكرت تلك الوالده التي كانت تجهز الخمير ثم تضع بصمة كفها عليه ترققه وتحننه لتقوم بخبزه داخل التنور الحامي ارضاءا لزبائنها التترى..
قلت لها ياخالة ممكن تعطيني غوايشك هدية..؟!!
نظرت إلي نظرة شذر مذر... هذه هدية ولدي الضابط
ربي يمد في عمره ولن افرط فيها.. َ!!!
وجهت لي بكلماتها رسائل لا حصر لها ابتلعت منها ماتيسر وقلت والله كفوة ياخالة محافظة على تراثك الشعبي حتى وابنك في هذا المستوى الاجتماعي...
تركت صاحبة المصاغ ورحت استذكر كبار السن من باعة السمك البحري الطازج
قلت لعل السوق قد حظي بلمسة تنظيمية رائعة وحديثة من بلدية عمق تساير روح العصر وتحافظ على خصوصيته بعد كل هذه الشهرة التي اكتسبها
وعسى الخدمات المحيطة بالسوق قد أضيفت عليها لمسات الرضا...
طرحت أسئلة كثيرة وكأنني غائب عن هذا الكوكب منذ مئات السنين
وأمر آخر ولحكمة أجهلها صمت جوالي وانغلق على ذاته بعد انتهاء البطارية ولم أجد شاحنا مناسبا له في السيارة.. ولم أرغب التوقف في محطات البنزين للبحث عن بقالة تضم شواحن يفزع لي أحدها برد الريعة لجوالي لتصوير َورصد ملامح الجمال في سوق عمق التاريخي لبيع السمك والاكلات الشعبيه فيه...
من بعيد والكل يستشرف الوصول إلي الهدف المحدد يحسبون مسافة الطريق والوقت المتبقي.. والأجواء التراثية التي نزداد لها شوقا ولهفة لحظة بلحظة...
حلت علينا بعد طول بعد واشتياق
ملامح الذكرى من سهاوي وبسطات وجدار من طين وحصير...
مكان يشي بكل مشاعر الكآبه والحزن
بسطات صغيرة لا ثمة لسمك طازج
خمسة أو ستة من باعة البسطات يزاولن التدخين علانية أمام الزبائن وهم يعرضون عليهم محتوى خزاناتهم الباردة من سمك لا تعرف من أي بحار الدنيا قد جلبوه لك...
هل هذا السلوك التسويقي المتدني يليق بكم كشباب سعودي يعرض بضاعته بهذا الشكل...؟!!
لا توجد احابة
ذهبت لبائع غير مدخن فلم أجد بضاعة بحرية تليق بتقديمها للأسرة بعد كل هذا العناء
توكأت متوجعا على عصايا... ذهبت لأحدهم اشتريت معه تشكيلة منوعه وقلت له سيدي ايجدر بكم بالرغم من هذا البحر اللازردي المهيب الممتد أمامكم وهذه السمعة القديمة أن تبيعو لزبائنكم سمك مثلجا عفى عليه الزمن..؟!!
لم يعيرني اهتماما شطب بضاعته ووضعها لي داخل كيس نايلون وسلمها لي ببرود
وقال هات ١٥٠ريال فقط ل٢كيلو من سمك بارد...
عدت إلي السيارة وانا في قمة الصدمة...
قلت فلنبحث عن جلسة أو سهوة نظيفة ونذهب إلي تلك العجوز الأنيقة
أو المرأة ذات المصاغ...
بحثنا فلم نلقى الا بائعة أو طباخة واحدة فحسب ومن حولها عمالة غير وطنية تناولت منا اغراضنا لطبخها مع إضافات اخرى
سألناها بحزن عن حال السوق وعن باقي، زميلاتهن وعن ذات المصاغ المذهب...فلم يزدنا صمتها الا حزنا على حزن
وفهمنا أن الرحيل قد حل بهن وبباعة كثر وغادرو دنيانا الفانية...
لجأنا لسهوة يشعرك نسيم هواءها على بعد بضعة أمتار من السوق جلسنا على أسرة قد عفى عليها الزمن
انتظرنا غداءنا الذي وصلنا بعد أن لقينا من أمرنا نصبا..
كان سمك باردا يضج طعمه بالملح والبهارات الهنديه على عكس مطالبنا ونكهة لا تستساغ لمكان مثله تضرب له بطون الأكباد
احزنني صوت الهواء وحفيف سعف النخيل اليابس على حواف السهوه وزادني إلي الماضي وجدا... على وجد...
لاح في خاطري صحتي التي اذكرتني أيضا بقرب الرحيل فكيف لشراييني المغلقه أن تتحمل مزيدا من طعم الملح والبهارات المغالي فيه في مطبوخهم
كل شي حولي يذكرني بشي...
طلبت من الأسرة أن نغادر اسفا هذا المكان الذي جئنا إليه من بعيد على غير عنوة
عمق.... ما انت بعمق
ولكن إذا جيتك عنوة عاد ياخبت البقر سميني ثور...
بل طيلة طريق العوده وانا اردد المثل المحلي الشهير
( سوقنا سوق ام الخشب.. روحنا لا بندق ولا عود حطب)
حسرة عليك يا سوق عمق التراثي
وحسرة على ذات الغوايش وزميلاتها الفضليات والمسنون من ذوي الهمم في المنتج والاستقبال والتوديع
وحسرة أكبر على تردي أحوالك تحت بصر ونظر الجميع من غادي ورائح ومجتمع مدني حديث بكل مؤسساته التنظيمية والإشرافية المتخصصة؟!!!!!!!