*بقلم المستشارة /خزاري الصايل
السر هو أن تتعامل مع الكلمات , لأنها الموجهة نحو أهدافك , القائدة لمختلف عوالمك , هذه الكلمات صور ولوحات , تلون الباطن بألوانها شيئا فشيئا , أما المشاعر فتتعامل معها كما تتعامل مع الطفل , بالتقبل عموما وعدم الاعتراض والعطف أو الزجر , بحسب المقام ..
ولأن المحرك هي الكلمات شرعت الأذكار والدعوات في مختلف الأوقات , صباحا ومساءا والدخول والخروج و اللبس و الأكل وقبل النوم وعند الاستيقاظ , وأول الشهر , وعند رؤية الظواهر المختلفة , وأعظمها الصلوات الخمس بألوانها و أسرارها , وكما أن لها مقاصد روحية ايمانية علوية , فلها أيضا مقاصد في عمارة الدنيا و تكميلها وتنويرها , ومنها النفس والجسد و العقل و الكون ..
كل ذكر من الأذكار فيه كنز من المعاني , في الجانب الايماني الأساسي , و في الجانب الفكري والنفسي , وفي الجانب الجسدي , فيمتد تأثيره وينبسط نوره في كل هذه العوالم ..
قد تكون المشاعر غالبة أو مضطربة أو مشوشة بسبب حال معين , أو بسبب المحيط , اذا تجاهلتها وحركت لسانك بذكر الله , أو بكلمات وجمل طيبة تكررها , أو بدعاء لله ومناجاة , ستلاحظ أن المشاعر تتوجه نحو المعاني التي تكلمت بها , وتنتظم وتسكن , وهكذا تبدأ تردداتها تظهرفي جميع جسمك و أحوالك كالرقية ..
القلب هو مسرح الخواطر كلها , سواء كانت من النفس أو الشيطان أو الملك أو كان واردا ربانيا , وكل ذلك يكون ذاتيا أو انعكاسا من الخلق , فلا غرابة من كثرة تقلب القلب في الخواطر , وتغليب خاطر على خاطر و توجيه احتمال من تلك الاحتمالات يكون بالوعي بالكلمات الموجهة , و الأفكار , و المشاعر , و الأفعال والممارسات بعدها , كل ذلك برفق ولطف وهدوء , تبدأ بالكلمات وتتبعها المشاعر و الأفعال .. لو ضبطت هذه الدائرة , تلونت دائرة المشاعر بالألوان الزاهية و الصور الجميلة , فانعكست على أفعالك وحياتك ومن حولك .. لو عمر الباطن بالحضور , فيكون الصمت هو المعبر الأفصح حينها أكثر من الكلمات , فالصمت في حرم الجمال جمال , فيجري قارب الوجود نحو المراد , في انسجام وسريان .. لا تحتاج الى تجديف وحركات .. وكل ذلك موجود في الصلاة , ففيها الصمت , وفيها الكلمات , وفيها السكون , وفيها الحركات .. وهكذا هي الحياة .. كل مشهد فيها لوحة مقصودة تؤدي لما بعدها , في تداخل وتكامل وجمال ..