المصدر -  هذا الرجل العملاق بالشعر وفن الإلقاء والخطابة ، رجل يهابه جهابذة الرجال فهو متحدث لبق مفوه عالم بالأنساب وبالتاريخ خبير بالمناطق والأماكن محيط بشتى علوم المعرفة . اذا تحدث لا تريده ان يسكت، يتحدث بأ سلوب مقنع فصيح اللغة شيق ، وتجده بحر في الشعر اذا قال نصت له الجميع وإذا صمت الجميع لصمته . عرفته منذ نعومة اظافري ، ولا زلت اتذكر اول مناسبه رأيته فيها ، نعم فقد رأيته في محفل مهاب وهو حفل استقبال جلالة الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله اثناء زيارته لمدينة العلا، وكان سليمان المطلق ان لم تخني الذاكرة ضابط برتبة ملازم وقد كلف بتقديم حفل الاستقبال والقى قصيدة عصماء ترحيبا بجلالة الملك سعود، وعلة ما اذكر انه في تلك المناسبة قدم فيها ايضا الأستاذ سالم محمد الحداد قصيده ترحيبية وقدم الأستاذ ابراهيم فتوح رحمه الله كلمة اهالي العلا. كنت ان ذاك طفلا صغيرا في الصف الأول ابتدائي بمدرسة المنشية بالعلا ، ورغم طول المدة وتقادم السنين إلا ان رنين ذلك الحفل وكمت الترحيب لا تزال ترن في اذني الى يومنا هذا. وقد ولد ذلك الموقف حب لهذا الرجل واعجاب لم يفارق نفسي وبعد سنين من ذلك التقيت به في تبوك واخبرته بإعجابي واصبح بيننا نوع من المودة والتواصل الأخوي لفه الاحترام والإجلال والتقدير. وسليمان المطلق رحمه الله هو ابن العلا البار وهو من مواليدها وممن هام بها حبا واعطاها الكثير من اهتماماته وقصائده ، وهو شاعر مناسبات عظيم لم تمر مناسبة سعيدة ال وثّقها بقصيدة عصماء تطرب سامعها وتؤثر فيه ، وصدر له ثلاثة دواوين شعرية اولها ديوان (قبضة من اثر جميل) والثاني ديوان (احلام في آخر المشوار) والثالث ديوان (قفوا مع التاريخ). يقول شاعرنا في احد قصائده الجميلة مبتهلا للخالق عز وجل في قصيدة بعنان يا رب يـــــــارب

لك التحيات ياربنا والصلوات		*
*	ولك الفخامة والجلالة والهبات
ولك العزة والملك العظيم الواسع		*
*	فيه تطيعك الأرضون والسموات
ولك التجلي بأنوار تضاء باشراقها		*
*	ياخالق أكوانها الظلمات
ولك السلام ومنك يا غافر الذنب		*
*	يا منبه عيشنا وبه الممات
وأنت أرحم راحم متكمل أمرت		*
*	العلا فعلت بك الدرجات
وشديد القوى واعلم عالم		*
*	ما خفيت عليك في ملكك الخفيات
تعاليت في الملكوت لا تنال		*
*	بها وإنما إليك تصعد الدعوات
فبكن خلقن وأنت إن شئت		*
*	بكن تكون في الكون النهايات
يامن له في الخلق حكمة ومرئيه		*
*	له في كل شيء صاغه آيات
يمناك يمنى العطا والمن والجود		*
*	بابك واسع يارب والرحبات
أنت الكبير وأنت الجليل وأنت		*
*	الذي تعنو لعز جلالك الجبهات
ولك الحمد منا والتسابيح في كل		*
*	حين وما لك حين ولا أوقات
الكل إليك آت في خضوع وفي		*
*	خشوع تطوق أعناقهمو الخطيئات
فبك الفصل وبك الفضل وبك		*
*	العفو والمغفرات وبك المنجاة
فارحم برحماك من هو آت وبك		*
*	وقد مُلأتْ من خطاياه السجلات
فابرد عليك ببرد لطفك إنه		*
*	يرجوك صفحٌ فقد زلت به نزوات

  ويقول في قصية اخرى بعنوان(دعاء وتسبيح) يناجي فيها ربه سبحانه وتعالى: دعاء وتسبيح

يارب لطفك أنت العالم الداري		*
*	الواحد الأحد الرحمن والباري
قدرت لكن بلطف منك مرحمة		*
*	أنت الجدير بها ياعامر الدار
جعلت رحماك والأقدار سائرة		*
*	جنباً لجنب وما شئت هو الجاري
وإن غضبت فإن الحلم يسبقه		*
*	ما ضاقت حلماً ولا حتى بكفار
ولا تصيب بشر من خلقت وإن		*
*	عتوا وعاثوا إلا بعد إنذار
فالعفو عفوك بالألطاف مقترن		*
*	تعفو وتنجي حتى من النار

إلى ان يقول:

واقبل دعائي يامن أنت تسمعه		*
*	في ظلمة الليل أكتب صدق أذكاري
أنت الغفور الذي يرجى تمننه		*
*	واجعل قبولك للإستغفار أقداري

وكما ذكرت سابقا فشاعرنا رحمه الله له العديد من القصائد يناجي بها الخالق ويتوسل اليه ويطلب العفو من الكريم والمغفرة من الغفار والتوفيق من رب الناس سبحانه وتعالى، وله العديد من القصائد في حب الوطن وحب مسقط الرأس مدينة العلا وفي قصائده يبث اشواقه للوطن وحنينه لتراب الوطن وتمنياته للوطن بالعزة والرقي، يقول في احد قصائده الوطنية: فليحيى الوطن

نادت بلادي فلبينا مناديها		*
*	وقد سبقنا مع الزحف لنحميها
أرض الطهارة فالرحمن طهرها في		*
*	الأرض منذ كان قد أرسى رواسيها
لبيك ياوطني لبيك ماطرفت		*
*	عيني وتفديك ياوطني مآقيها
لبيك والكعبة الغراء قبلتنا		*
*	وفخرنا بخليل الله بانيها
والحجر والحجر المعلوم أن به		*
*	يمين ربي تجلت في أعاليها
والمروتين ومسعى كل معتمر		*
*	وزمزم لوفود الله تسقيها
والغار والشعب والبطحاء عاطرة		*
*	بنفح أحمد بالدنيا وما فيها

إلى ان يقول:

سلمت يابلدي من كل غائلة		*
*	وعشت للشرعة السمحاء تحميها
وطاب فيك الجنا من كل يانعة		*
*	وجاءك الغيث من دجن غواديها
وثَمْ لبيك بل مليون تلبية		*
*	نادى فحقك منا أن نُلبيها

ومن جميل قصائده قصيدة بعنوان(رحلة بلا عودة ) يقول فيها:

قالت وداعاً فإني عنك راحلة		*
*	لا تنتظر عودتي حتى ولا حلما
حطمت قيدك من رجلي ومن عنقي		*
*	ولم أعد أشتكي من قيدك الألما
ولن أعود فإني خضت تجربة		*
*	لقيت من هول إبحاري بها سقما
طريقنا افترقت يمني ومسيرة		*
*	فدع طريقي فلا تخطو بها قدما
لقد محوتك من صفحات ذاكرتي		*
*	وما لتخطر على بالي ولا لمما
ولم يعد للهوى في مهجتي شعل		*
*	قد كان لي حلماً لكنه انعدما
والشوق كفنته الأمس بملفعتي		*
*	وقبره أصبحت أنصابه سحما
وانسى وان شئت لا تنسى وحتى وإن		*
*	بكيت دمعاً علي أم بكيت دما
والله لولا وفاء العيش ما نطقت		*
*	شفتي وداعا واطبقت عليها فما
وإنني برحيلي لست نادمة		*
*	فقد قتلت الأسى في القلب والندما
فما لمن سامني قهراً معاشرة		*
*	ولا وداد لمن في وده ظلما
وإن روحي ما انسلت سخيمتها		*
*	والكره في مهجتي ما انفك مضطرما
والصد حكمٌ به تنحل مشكلتي		*
*	مما أعاني وقلبي منك قد ورما
وبيننا لم يعد للصفح منزلة		*
*	وودنا حبله قد صار منصرما
واحمد الله أني اليوم عاقلة		*
*	وأن عودي من نار الأسى سلما
فقلت واحسرتي أني أضعت هَوى		*
*	ماكان يوماً بزيف الود متهما
وان نفسي قد كادت بلوعتها		*
*	بأن تطير وحيلي صار منهدما
لا تظلميني فما كنت سوى رجل		*
*	صار الهوى في فؤادي منك مزدحما
وقد حفظت هوانا أن يمس أذى		*
*	وقد رعيت رعاً في حبنا الذمما
تمهلي واسمعي مني بلا غضب		*
*	فالصلح خير لخلين لعلهما
يعون درساً ونار بما انطفأت		*
*	وربما حكما العقل أو احتكما
قالت سمعت كثيراً لست سامعة		*
*	وفر على نفسك التبرير والكلما
وهاجها الدمع فانهلت غواربه		*
*	وصار بعد بياض وجهها أدما
وثم أعطت بظهر غير ملوية		*
*	الاّ كلاما غدا في مهجتي حُمما
قالت لي الله إني لست باقية		*
*	حتى ولو صار هذا بيتك الحرما
هنا تيقنت أن الخيط منقطع		*
*	وأن أمر الهوى ما بيننا انحسما
*** *** ***
مات الهوى عندنا في سوء عاقبة		*
*	ولملم الشوق ثوب العشق وانهزما
وقد بقيت بلا ود ولا أمل		*
*	ولا ليال لها ذكرى ولا حلما
وقد سكبت على الأشعار محبرة		*
*	وقد كسرت على أوراقي القلما
*	*	*

وشاعرنا قدر له ان يصحب الكثير من اصحاب السمو الأمراء بحكم عمله ولوفائه وإخلاصه لوطنه فقد احبوه وقربوه منهم وخاصة صاحب السمو الأمير نايف بن عبد العزيز يرحمه الله، والمطلع على دواوينه يستشعر ذلك الحب والوفاء والذي يظهر من خلال قصائده الجميلة والرائعة. فقد قال في اكثر من قصيدة يمتدحهم ويلاطفهم ويناقشهم في بعض امور الدنيا. وقد قال عدة قصائد في اصحاب الجلالة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله رحمهم الله وكذلك سمو الأمير سلطان والأمير عبدالمجيد والأمير نايف رحمهم الله وكذلك الأمير مقرن حفظه الله وغيره الكثير. الحديث ذو شجون ولو اني اترك لنفسي العنان لما توقفت عن السرد ولكني ساكتفي بهذا القدر اليسير واسأل الله ان يقدرني على اكمال ما بدأت به من خواطر، فشاعرنا يرحمه الله لا تفيه اسطر ولكني احاول ان اعرف عليه من لا يعرفه ولو باليسير. والله اسال ان يتغمده برحمته وان يجزيه عنا خير الجزاء وان يرحم آبائنا وامهاتنا وجميع موتى المسلمين . كما اسأل الله ان يوفق ابنائه واحفاده لجمع مالم ينشر في الدواوين وان ينشروا ما بقي له من قصائد لم تنشر لتعم الفائدة فهو مدرسة لا يستهان بها.   أ.د. محمد حمد خليص الحربي اديب وكاتب سعودي – مكة المكرمة صاحب متحف الدكتورمحمد الحربي بالعلا