المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 28 نوفمبر 2024
خليفة الدرمكي يكتب شجنه تحت «سدرة الخرازيات»
احمد المقبالي - سلطنة عمان
بواسطة : احمد المقبالي - سلطنة عمان 01-11-2020 12:10 مساءً 7.1K
المصدر -  
عن مؤسسة «لبان» يقدم الكاتب خليفة الدرمكي مشروعه الجديد في توثيق الأمكنة، فيأتي كتابه «سدرة الخرازيات» بغلاف يمثل عتبة للمضمون، حيث يبدو «جذع سدرة مسجد الجلبة»، باعتبارها «الجارة البعيدة القريبة» لتلك الواقعة في علاية بلدة اليمن بعين سعنة، بولاية إزكي، مقدمًا إهداء الكتاب إلى الذين عاصروا هذه الشجرة «فتعملقت أحلمها مع ظلالها، وكبرت آمالها على فضاءاتها، فكانت لهم حكاية زمن أصيل وذكرى لمكان جميل، ليبقى للزمان وحشته وللمكان اشتياقه».
واعتبر الدرمكي أن هذا الكتاب «محاولة للملمة مشاهد وذكريات قديمة مبعثرة، وأحلام وردية حدثت بين عامي 1985م و1995م، وما زال عبقها عالقا في ذاكرتي وتختزلها بحب وتتذكرها بحنين» مضيفًا إنها أيضا «محاولة» اعتبرها «قاصرة» لتوثيق «بعض معالم وأسماء الأماكن في بلدتي وشغفي الأول، قبل أن يطويها النسيان، وتتلاشى صورها، وتمحو معالمها من الذاكرة تعاقب الأيام ومرور السنين».
وفي المفتتح الأول يشير المؤلف عن اختياره لهذه السدرة موضحًا أنه تخليدًا لمكانتها التي تربّعت على عرش القلوب لسنوات طويلة، وظل اسمها حكاية فصول لا تنتهي من الجمال، وهو كردّ جميل لها بعد أن جار عليها الزمان وتمكّن منها الإنسان، كما أنها مثلت محطات عبور لمشاهد من الزمن الجميل اختزلتها الذاكرة، فشكّلت وما حولها النصيب الأوفر والسواد الأعظم من مشاهد هذا الكتاب، ويورد بيتين للشاعر الشيخ أبي الأحول سالم بن محمد الدرمكي في وصف شجرة سدر:
لا أنـــس مـــا بقيت حياتي سدرة
أغصانها حملت شبيه الجوهر
ما كان أحلى نبقه في أكله ِ
فكأنما سقيت بماء السكر
وتمضي صفحات الكتاب في تطواف جميل، على مشاهد سريعة، يلتقطها الدرمكي بسلاسة ومهارة، بدون تطويل للفكرة، بل يغلفها كأنها صورة، أو تمضي على شكل قصة قصيرة، يبدو الحدث محسوبا على الماضي وذكرياته وخصوبة موروثاته.
لا يقدم المؤلف أفكاره ضمن مقالات تقريرية، إنما بإتقان سردي متمسك بفنية الحكاية، حيث يمكن قراءة «سدرة الخرازيات» كمجموعة تقارب بين القصة والنصوص المفتوحة، من ضمن النصوص نقرأ نص «يرى الشاهد.. ما لا يرى الغائب»:
تزايد أعداد الوافدين على أطراف ومحيط البلدة بعد افتتاح أول مصنع للطابوق الإسمنتي في البلدة الذي كانت أرضه تنقسم إلى قسمين، قسم لصناعة وصف الطابوق، والقسم الآخر كملعب لكرة قدم ترابي سمي بملعب المصنع، والتي وجدت فيه أقدام الفتية المغبرة تلك الأيام طريقها للطابوق المصفوف على حوافه فتكسّر البعض منها بركلات من أخطأ الكرة، والبعض الآخر منها مزّقت الأحذية وشرذمت الأصابع، كما نالت الوجوه والشفاه من تربته ورمله جزم البرد القارس، الذي لا يغلبه ولا يليّنه إلا دهان الفازلين الهندي الأصل.