المصدر -
ما يزال الوسط الثقافي المغربي والعربي تحت وقع صدمة رحيل الكاتب الشاب محسن أخريف، الذي اختطفه الموت أثناء تسيير فعالية ثقافية في مدينة تطوان شمال المغرب. صدمة وصلت لدى البعض حد الغضب، مطالبين بتعويض عائلة الشاعر الراحل.
"خبر صاعق بمعنى الكلمة" هكذا وصف أصدقاء الشاعر الراحل محسن أخريف خبر رحيله المفاجئ. فالشاعر والناقد الشاب الذي لم يتجاوز عمره الأربعين عاما توفي وهو يستلم الميكروفون من الكاتبة المغربية فضيلة الوزاني التهامي في فعالية ثقافية في إطار ما يعرف بعيد الكتاب في مدينة تطوان، شمال المغرب.
تقول الكاتبة المغربية التي شهدت لحظة وفاته: "كنت أدير الجلسة، وكان الميكروفون بيدي وكنا على وشك الانتهاء، فوجئت بالشاعر محسن أخريف يتقدم بسرعة ليمنع متطفلا من إفساد اللقاء، تناول الميكروفون وقبل أن يسلمه، تجمد ثم سقط على ظهره فوق السجاد المبلل يصارع الموت."
إذ أن اللقاء الثقافي كان يقام داخل خيمة تقليدية في الخارج، وتصادف اللقاء مع سقوط الأمطار في ذلك اليوم ما تسبب في تبلل السجاد. صديق الراحل، الشاعر المغربي إدريس علوش، ما يزال تحت وقع الصدمة، إذ يقول في حديثه معDW عربية: "تلقيت الخبر بنفس الصعقة التي تلقاها محسن. كنت معه قبل يومين من وفاته في فعاليات "عيد الكتاب". ويضيف الشاعر المغربي: "سياسة التقشف التي يعاني منها القطاع الثقافي في المغرب هي التي قتلت محسن. أعتقد أن التجهيزات لم تكن تتوفر على شروط السلامة نظرا لعدم جودتها. الميكروفون في حد ذاته لم يكن مكهربا، لكن محسن وقف فوق سجاد مبلل، كان تحته على ما يبدو سلك أو أسلاك عارية."
وحسب المقربين من الراحل فإنه تم فتح تحقيق جنائي في الواقعة من طرف النيابة العامة في مدينة تطوان أو ما يعرف في المغرب بوكيل الملك، غير أنه لغاية كتابة هذه السطور ما يزال التحقيق مستمرا.
أعماله وثقت للموت والرحيل
"محسن هو شاعر شهيد"، هكذا يصف مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير في تصريح لDW عربية الشاعر الراحل الذي جمعته به علاقة صداقة محورها محبة الكتاب على حد تعبيره. ويقول مخلص الصغير عن الموت المبكر للدكتور والناقد محسن أخريف: "لقد تعرفت عليه سنة 2002 في مدينة العرائش جاء يحمل معه ديوانه الأول "ترانيم الرحيل" ليقدمه في إحدى الفعاليات، والغريب أن ديوانه الأخير عنونه "بمفترق الوجود" وكأن الشاعر كان يقدم لنا من خلال أعماله وثيقة وداع."
بالإضافة إلى الأعمال الشعرية والنثرية لمحسن أخريف، كان للراحل دور كبير في العمل الثقافي في شمال المغرب، وهي منطقة من المناطق التي لا تشهد نشاطا ثقافيا كبيرا مثل المدن المركزية كالرباط والدار البيضاء. إذ يقول الشاعر إدريس علوش الذي ينتمي أيضا لرابطة أدباء الشمال التي كان يرأسها محسن أخريف:" بفقدانه نكون قد خسرنا ليس فقط شاعرا وكاتبا وإنما فاعلا كبيرا في البرمجة والتنظيم الثقافيين، لقد كانت للمرحوم قابلية هائلة على التواصل. بل إن لحظة الوفاة كانت لحظة تواصل. إذ كان يأخذ الميكروفون ليمنع أحد المتطفلين من إفساد ذلك اللقاء الثقافي." ويتابع إدريس علوش :"لقد كان كله حماس وطاقة، بل كنا نهيئ لبرامج ثقافية أخرى بعد شهر رمضان منها فعاليات معرض الكتاب الجهوي في مدينة الحسيمة."
الثقافة هل هي قطاع "مُهمَل"؟
بعد انتشار خبر وفاة الراحل محسن أخريف، الذي يتمتع برصيد إبداعي كبير نال عنه جوائز مغربية ودولية، تحول الفضاء الأزرق للفيسبوك إلى فضاء للمرثيات خصها أغلب المثقفين المغاربة لصديقهم الراحل. كما طرحت تساؤلات عدة عن دور الإهمال في وفاة الراحل وعن الإمكانيات المتواضعة للدولة في قطاع الثقافة.
إذ كتبت القاصة المغربية لطيفة باقا على صفحتها على فيسبوك: "لا أدري لماذا كلما أردت نطق اسم "محسن أخريف" يزل لساني باسم "محسن فكري" يبدو أن المسافة بين الطحن والصعق قصيرة جدا." تقول الأديبة المغربية في إشارة إلى مقتل بائع السمك محسن فكري طحنا في شاحنة للنفايات في مدينة الحسيمة الشمالية، بعد أن صادرت الشرطة سلعته من الأسماك ورمت بها في شاحنة النفايات.
من المسؤول عن تعويض عائلة الراحل؟
الدكتور محسن أخريف ترك وراءه زوجة وطفلا صغيرا. وحسب الشاعر إدريس علوش الذي حضر أول أمس مراسم جنازة الفقيد، فإن أسرة الفقيد ماتزال غير قادرة إلى الآن على استيعاب ما حدث، ولم يتحمل والداه ولا زوجته هذا الرحيل المفاجئ.
ويقول المترجم خالد الريسوني الذي ينتمي أيضا لأدباء الشمال: "أتساءل بعد العزاء والجنازة، ما مصير الأسرة المفجوعة التي كان الفقيد معيلها الأول؟ ماذا ستقدم وزارة الثقافة المغربية المنظم الأول حاليا لعيد الكتاب، وشركاؤها عمالة إقليم تطوان وبلدية تطوان، وحتى وزارة التربية الوطنية التي كان يشتغل بها الفقيد؟ ألا تستحق أسرته الصغيرة على الأقل التمتع براتبه كاملا باعتباره كان يقدم خدمة للوطن وللثقافة الوطنية وللشعب المغربي قاطبة؟"
من جهتها اكتفت وزارة الثقافة المغربية بتقديم العزاء لأسرة وأصدقاء الفقيد، دون الإشارة إلى حد الآن لأي إمكانيات التعويض. ويقول الشاعر إدرس علوش بهذا الصدد أن المساطر القانونية في مثل هذه القضايا صعبة جدا، لذلك يناقش عدد من المثقفين المغاربة إمكانية التقدم بعريضة للسلطات العليا في البلاد، لتقديم منحة استثنائية لعائلة الفقيد، باعتباره توفي في مهمة ثقافية تخدم المغاربة في المقام الأول.
التعويض هو الأمر الذي أكد عليه مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير في حديثه مع DW عربية: "وإن كان أي تعويض لا يعوض محسن أخريف"، على حد تعبيره. خسارة عبر عنها أصدقاء كثر للراحل ومنهم الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار الذي كتب عن رحيله: "حين يموت شاعر في عز شبابه نحزن. لكن حين يموت شاعر هادئ ومحبوب وذو أخلاق رفيعة فحتى الحزن يصير بلا معنى. الشاعر هو من يمر في هذه الحياة ويترك الأعشاب والعطر في أثره."
"خبر صاعق بمعنى الكلمة" هكذا وصف أصدقاء الشاعر الراحل محسن أخريف خبر رحيله المفاجئ. فالشاعر والناقد الشاب الذي لم يتجاوز عمره الأربعين عاما توفي وهو يستلم الميكروفون من الكاتبة المغربية فضيلة الوزاني التهامي في فعالية ثقافية في إطار ما يعرف بعيد الكتاب في مدينة تطوان، شمال المغرب.
تقول الكاتبة المغربية التي شهدت لحظة وفاته: "كنت أدير الجلسة، وكان الميكروفون بيدي وكنا على وشك الانتهاء، فوجئت بالشاعر محسن أخريف يتقدم بسرعة ليمنع متطفلا من إفساد اللقاء، تناول الميكروفون وقبل أن يسلمه، تجمد ثم سقط على ظهره فوق السجاد المبلل يصارع الموت."
إذ أن اللقاء الثقافي كان يقام داخل خيمة تقليدية في الخارج، وتصادف اللقاء مع سقوط الأمطار في ذلك اليوم ما تسبب في تبلل السجاد. صديق الراحل، الشاعر المغربي إدريس علوش، ما يزال تحت وقع الصدمة، إذ يقول في حديثه معDW عربية: "تلقيت الخبر بنفس الصعقة التي تلقاها محسن. كنت معه قبل يومين من وفاته في فعاليات "عيد الكتاب". ويضيف الشاعر المغربي: "سياسة التقشف التي يعاني منها القطاع الثقافي في المغرب هي التي قتلت محسن. أعتقد أن التجهيزات لم تكن تتوفر على شروط السلامة نظرا لعدم جودتها. الميكروفون في حد ذاته لم يكن مكهربا، لكن محسن وقف فوق سجاد مبلل، كان تحته على ما يبدو سلك أو أسلاك عارية."
وحسب المقربين من الراحل فإنه تم فتح تحقيق جنائي في الواقعة من طرف النيابة العامة في مدينة تطوان أو ما يعرف في المغرب بوكيل الملك، غير أنه لغاية كتابة هذه السطور ما يزال التحقيق مستمرا.
أعماله وثقت للموت والرحيل
"محسن هو شاعر شهيد"، هكذا يصف مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير في تصريح لDW عربية الشاعر الراحل الذي جمعته به علاقة صداقة محورها محبة الكتاب على حد تعبيره. ويقول مخلص الصغير عن الموت المبكر للدكتور والناقد محسن أخريف: "لقد تعرفت عليه سنة 2002 في مدينة العرائش جاء يحمل معه ديوانه الأول "ترانيم الرحيل" ليقدمه في إحدى الفعاليات، والغريب أن ديوانه الأخير عنونه "بمفترق الوجود" وكأن الشاعر كان يقدم لنا من خلال أعماله وثيقة وداع."
بالإضافة إلى الأعمال الشعرية والنثرية لمحسن أخريف، كان للراحل دور كبير في العمل الثقافي في شمال المغرب، وهي منطقة من المناطق التي لا تشهد نشاطا ثقافيا كبيرا مثل المدن المركزية كالرباط والدار البيضاء. إذ يقول الشاعر إدريس علوش الذي ينتمي أيضا لرابطة أدباء الشمال التي كان يرأسها محسن أخريف:" بفقدانه نكون قد خسرنا ليس فقط شاعرا وكاتبا وإنما فاعلا كبيرا في البرمجة والتنظيم الثقافيين، لقد كانت للمرحوم قابلية هائلة على التواصل. بل إن لحظة الوفاة كانت لحظة تواصل. إذ كان يأخذ الميكروفون ليمنع أحد المتطفلين من إفساد ذلك اللقاء الثقافي." ويتابع إدريس علوش :"لقد كان كله حماس وطاقة، بل كنا نهيئ لبرامج ثقافية أخرى بعد شهر رمضان منها فعاليات معرض الكتاب الجهوي في مدينة الحسيمة."
الثقافة هل هي قطاع "مُهمَل"؟
بعد انتشار خبر وفاة الراحل محسن أخريف، الذي يتمتع برصيد إبداعي كبير نال عنه جوائز مغربية ودولية، تحول الفضاء الأزرق للفيسبوك إلى فضاء للمرثيات خصها أغلب المثقفين المغاربة لصديقهم الراحل. كما طرحت تساؤلات عدة عن دور الإهمال في وفاة الراحل وعن الإمكانيات المتواضعة للدولة في قطاع الثقافة.
إذ كتبت القاصة المغربية لطيفة باقا على صفحتها على فيسبوك: "لا أدري لماذا كلما أردت نطق اسم "محسن أخريف" يزل لساني باسم "محسن فكري" يبدو أن المسافة بين الطحن والصعق قصيرة جدا." تقول الأديبة المغربية في إشارة إلى مقتل بائع السمك محسن فكري طحنا في شاحنة للنفايات في مدينة الحسيمة الشمالية، بعد أن صادرت الشرطة سلعته من الأسماك ورمت بها في شاحنة النفايات.
من المسؤول عن تعويض عائلة الراحل؟
الدكتور محسن أخريف ترك وراءه زوجة وطفلا صغيرا. وحسب الشاعر إدريس علوش الذي حضر أول أمس مراسم جنازة الفقيد، فإن أسرة الفقيد ماتزال غير قادرة إلى الآن على استيعاب ما حدث، ولم يتحمل والداه ولا زوجته هذا الرحيل المفاجئ.
ويقول المترجم خالد الريسوني الذي ينتمي أيضا لأدباء الشمال: "أتساءل بعد العزاء والجنازة، ما مصير الأسرة المفجوعة التي كان الفقيد معيلها الأول؟ ماذا ستقدم وزارة الثقافة المغربية المنظم الأول حاليا لعيد الكتاب، وشركاؤها عمالة إقليم تطوان وبلدية تطوان، وحتى وزارة التربية الوطنية التي كان يشتغل بها الفقيد؟ ألا تستحق أسرته الصغيرة على الأقل التمتع براتبه كاملا باعتباره كان يقدم خدمة للوطن وللثقافة الوطنية وللشعب المغربي قاطبة؟"
من جهتها اكتفت وزارة الثقافة المغربية بتقديم العزاء لأسرة وأصدقاء الفقيد، دون الإشارة إلى حد الآن لأي إمكانيات التعويض. ويقول الشاعر إدرس علوش بهذا الصدد أن المساطر القانونية في مثل هذه القضايا صعبة جدا، لذلك يناقش عدد من المثقفين المغاربة إمكانية التقدم بعريضة للسلطات العليا في البلاد، لتقديم منحة استثنائية لعائلة الفقيد، باعتباره توفي في مهمة ثقافية تخدم المغاربة في المقام الأول.
التعويض هو الأمر الذي أكد عليه مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير في حديثه مع DW عربية: "وإن كان أي تعويض لا يعوض محسن أخريف"، على حد تعبيره. خسارة عبر عنها أصدقاء كثر للراحل ومنهم الشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار الذي كتب عن رحيله: "حين يموت شاعر في عز شبابه نحزن. لكن حين يموت شاعر هادئ ومحبوب وذو أخلاق رفيعة فحتى الحزن يصير بلا معنى. الشاعر هو من يمر في هذه الحياة ويترك الأعشاب والعطر في أثره."