المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 27 نوفمبر 2024
محافظة عنيزة  (جوهرة القصيم)
محمد العتيق
بواسطة : محمد العتيق 23-12-2018 04:58 صباحاً 51.3K
المصدر - تقرير المحرر  


محافظة عنيزة (جوهرة القصيم) أو (باريس نجد) -كما يحلو للبعض أن يسميها-.
تتربع على أرض زراعية خصبة منتجة على مدار العام، وهي تمتلك مقومات سياحية كبيرة، كما يشتهر أهلها ببراعتهم في التجارة في جميع المجالات، حتى باتت مقصداً لكل من أراد أن يتعلم أسس التجارة.
ومدينة عنيزة تضرب بعمقها في التاريخ فقد كانت مورداً مائياً قديماً في طريق الحجاج العراقيين والتجار وعابري الصحراء في الجزيرة العربية، وقد وصلها رحالة من مختلف أنحاء العالم، وكتبوا عنها الشيء الكثير، ومنهم العالم العلامة (ابن الجزري ) رحمه الله .
وقبل الأرض، ومقوماتها، وخيراتها، دعوني أحدثكم عن سكانها؛ أصحاب القلوب الطيبة، والوجوه المبتسمة، والأيادي البيضاء، التي جبلت على حبّ الخير وإسداء المعروف بدون انتظار مقابل، ولا حتى كلمة شكر وثناء.
ومع كل هذا النقاء، أجدني أقف وكلي استغراب من عجلة النجاح التي تدور بلا توقف ليلاً و نهارا، صيفاً وشتاءً، لتثمر نجاحات متواصلة، تحدوها همم عالية، لا تفتر عن العمل المستمر.
جهودهم المبذولة بلا كلل تجعلك تظنّ أن عملهم فقط يدور في عجلة محافظتهم، وأنهم متفرغون لذلك، والحقيقة أنهم يزاولون أعمالا حكومية، ولديهم أسر ومسؤوليات، ومع شحّ وقتهم إلا أنهم يسخّرون جميع إمكاناتهم للرقي بمحافظتهم.
فهذه المحافظة الأعجوبة قد خرج منها وزراء وعلماء ودكاترة ومهندسون وطيارون ومعلمون ومحاضرون وأشخاص ذوو مناصب كبيرة في الدولة، ولعل من أقدمهم - على حسب علمي- وزير الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - الشيخ عبد الله بن سليمان الحمدان -رحمه الله- كما خرج منها علماء كبار في الفقه والحديث والتوحيد مثل ابن سعدي وابن عثيمين - رحمهما الله تعالى - وغيرهم الكثير، ولكن المقام لا يتسع لذكرهم جميعا.
عنيزة؛ تلك المدينة الحالمة التي تستمد من رجالها ومن أهلها قيمة لا مثيل لها بالإبداع والعمل الرائع والمنظم، وليس هذا وليد اليوم بل هو نتاج سنوات ماضية طويلة، تعاقبتها أجيال، وورثها أبناء عن آباء، وأخذها آباء عن أجداد، حتى باتت من مدن القصيم المتقدمة إذا لم تكن في مقدمتها.
عنيزة، تلك المحافظة الجميلة التي يبعث ذكرها على السعادة بمجرد تذكر اسمها، فكيف بمن زارها وتجول فيها وجلس مع أهلها الكرام الذين يرحبون بالضيف ويكرمونه انطلاقا من أخلاقهم وطباعهم التي جبلوا وتربوا عليها.
ولطالما كنت أتساءل عن أسباب هذا النجاح، وأسباب تقدم وازدهار هذه المحافظة في كل مجالاتها ، ولم أجد الجواب حتى تشرفت في يوم قريب بالجلوس في واحد من مجالسهم العامرة التي كان فيها كبار رجالاتهم يتحدثون عن أحد مشاريعهم، وحينما استمعت لحديثهم وخططهم، واسترعى انتباهي ترتيب الحديث وإدارة الكلام بطريقة احترافية؛ الكل فيها يدلي بدلوه، وكل الآراء محترمة، وخلال ساعة من الزمن كانوا قد خلصوا لإصدار بيان وتوصيات قدموا فيها كل شي كخريطة طريق مرسومة تبدو وكأنها قد نفّذت قبل أن تبدأ على أرض الواقع، فبعد مشيئة الله تعالى وإذنه لا شي يقف في طريق تنفيذها، فكل الأمور ميسرة، وكل العوائق قد أزيلت من هؤلاء الرجال الكبار الكرام.
وقتها عرفت السر الكبير والصعب وراء هذه النجاحات الكبيرة، التي تستعصي على الرجال في الغالب، إلا على أهل هذه المحافظة، وعرفت لما كل ما يقدمون عليه ينجح بتوفيق الله تعالى؛ وذلك أن محافظة لديها مثل هؤلاء الرجال الأوفياء الذين يتنازلون عن كل شي في سبيل رفعة مدينتهم، وفي سبيل ارتفاع اسمها، ويعملون على وحدة كلمتها وصفها، لن تتوقف فيها عجلة التقدم ، ولن يكون لها سقف للنجاح .
ولعلي بعدما ذكرت لا ألام في حب المحافظة، ولا في حب أهلها الكرام، الذين أكرموني إكرام الشهم للكرام ، حتى أني عددت نفسي منهم وكل الشرف لي في ذلك، فالنسبة إلى الشرفاء تزيد الرجل شرفا، وإلى الكرام تزيده كرما.
ومدح الرجال وما فيهم ليس عيباً وليس انتقاصاً من غيرهم، بل هو من شيم الأخيار، ويُعرف به الكرام، فما ذكرته إنما هو بيان لما في القلب من حقيقة رأيتها وأحببت أن أذكرها، ومهما قلت أو كتبت فإن الكلمات ستكون ناقصة ، ولا تكفي فيها المجلدات لأخطها.
وحسبي في الختام أني اجتهدت في قول الحقيقة التي لم أجامل فيها، ولم أتحدث فيها بما ليس واقعاً، وعنيزة ترحب بكل أهلها من كل الوطن، فالكل أهل، والكل إخوة، ولعل من زارها لامني أني لم أذكر كل شيء عنها، ولم أوفها حقها .
تلكم أيها الكرام عنيزة .. وكفى .


image

image

image

image