المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
السبت 22 نوفمبر 2025
وفاء سليمان وزنة
وفاء سليمان وزنة
وفاء سليمان وزنة

وجعٌ نختبئ خلفه: قراءة في الصمت الإنساني

وجعٌ نختبئ خلفه: قراءة في الصمت الإنساني

يمرّ الإنسان بلحظات يضيق فيها صدره بالكلمات، ويصبح الصمت ملجأً يختبئ فيه من ضجيج الألم.

وفي زمنٍ تتسارع فيه الحياة وتزدحم فيه التفاصيل، يتحوّل إخفاء الوجع إلى سلوكٍ يومي يمارسه الكثيرون دون أن ينتبهوا.

هذا الصمت ليس ضعفًا، بل لغة أخرى لا يتقنها إلا من عانق الحزن طويلًا.


نحن نتألم في صمتٍ عميق، لا نبوح بأوجاعنا، بل نخفيها خلف ابتسامةٍ باردةٍ، تُخفي ارتجافَ قلوبنا.

ورغم قدرتنا على التظاهر بالقوة، يبقى للصمت صوتٌ خافتٌ لا يسمعه إلا القليل … أولئك الذين يلمحون الحزن في أعيننا أو يشعرون ببرودة أناملنا حين تعجز عن دفءِ الحياة.

هذا النوع من الوجع الصامت يتكوّن غالبًا بسبب التجارب القاسية التي يمر بها الإنسان؛ أحداث لا يستطيع الحديث عنها، أو أشخاص لا يمكن مصارحتهم، أو مشاعر يخشى أن تُساء فهمها.

ومع مرور الوقت، يصبح الصمت آلية دفاعية، وسيلةً لحماية القلب من الانهيار أو التكرار المؤلم للحكاية.

ورغم أننا نمضي في حياتنا كأن شيئًا لم يكن،
إلا أنّ داخلنا نارًا صغيرة تحت رمادٍ كثيف.

تتوهّج كل ليلة بصمت، ثم تخبو… وكأنّ القلب اعتاد الوجع.
لكن هذا الاعتياد لا يعني انتهاء الألم، بل يعني أننا نتكيف معه ونتعايش مع ظله في أعماقنا.

الأبحاث النفسية تؤكد أن الإنسان يلجأ للصمت عندما يشعر أن كلماته لن تُفهم، أو عندما يخاف أن يزيد الحديث الجرح عمقًا.

ولهذا، يصبح الوجع الصامت جزءًا من طبيعة الكثيرين، يعبرون به الأيام دون أن يُظهروا ما في داخلهم، مكتفين بقدرتهم على الوقوف والمضي رغم كل شيء.

الصمت ليس نهاية الحكاية، بل مساحة آمنة يختبئ فيها القلب ليعيد ترتيب شتاته.

وربما لا يسمع الجميع هذا الوجع، لكن يكفي أن نسمعه نحن، وأن نعترف لأنفسنا بأننا نستحق التعافي والراحة.

إنّ الأوجاع التي نحملها بصمت تخلق في داخلنا إنسانًا أكثر رقة، أكثر فهمًا، وأكثر قدرة على احتواء الآخرين
بواسطة : وفاء سليمان وزنة
 0  0  837