المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 21 أكتوبر 2025
وسميه محمد العبيدان
وسميه محمد العبيدان

ضياع اللغة.. حين يُربّى الطفل بين جهازين ولسانين

في زحام هذا العصر الرقمي، أصبحت الأجهزة الذكية جزءًا من حياة أطفالنا، بل تجاوزت دور الأداة إلى دور المربّي، والمسلّي، وأحيانًا المعلم البديل. نرى أطفالًا يقضون ساعات طوالًا أمام الشاشات، حتى أثناء تناول الطعام، لا يُرفع عنهم الجهاز، ولا تُقطع عنهم الصورة أو الصوت.
في الوقت نفسه، تغيب بعض الأمهات – عن وعي أو عن إرهاق – عن هذا المشهد التربوي المهم. لا حوار، لا قراءة، لا سرد للقصص، ولا حتى سؤال عابر عن تفاصيل اليوم. والنتيجة؟ جيل من الأطفال ضاع بين لغتين، لا هو أتقن لغته الأم، ولا هو تملّك ناصية اللغة الثانية.
نسمع اليوم أطفالًا يتحدثون بجمل مشوّهة، نصفها عربي ونصفها الآخر إنجليزي، لا يتقنون واحدة، ولا يَسلَمُ حديثهم من التشتّت. والأخطر من ذلك، أن هذا الخلل اللغوي قد يتطور إلى ضعف في التعبير، وفقر في المفردات، وصعوبة في الفهم، وكلها عوائق تؤثر على التحصيل الدراسي، والثقة بالنفس، والقدرة على التواصل السليم.
ثم، حين يتحرك الطفل بحيوية، أو يطلب اللعب، أو يرفع صوته، سُرعان ما يُوصم بفرط الحركة أو تشتت الانتباه! وكأننا نسينا أن اللعب والحركة جزء من فطرة الطفولة، وأن السكون الدائم ليس علامة هدوء، بل ربما علامة انطفاء.
ما تحتاجه الطفولة ليس شاشة، بل صوت الأم، ودفء الأب، وحديث الأسرة. يحتاج الطفل أن يُحادث بلغته الأم، أن يُقرأ له قبل النوم، أن يُسأل عن أحلامه، أن يُستمع له دون استعجال. فاللغة لا تُكتسب من الأجهزة، بل من التفاعل الحي، ومن الدفء العاطفي، ومن المواقف اليومية التي تُشكّل وجدان الطفل ومخزونه اللغوي.
دعوا الإنجليزية لمقاعد الدراسة، واللغة الأكاديمية، والعالم المهني لاحقًا. أما البيت، فيجب أن يبقى واحةً للعربية؛ فهي الذاكرة، والجذور، والهوية.
إن ضاعت اللغة في البيت، ضاع الكثير. وإن غاب الحوار، غابت العلاقة. فلتكن بيوتنا ناطقة بالعربية، عامرة بالقصص، مليئة بالحب، لأن هذا ما يحتاجه الطفل ليكبر على وعي، وهوية، وتوازن.
 0  0  1.8K