المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 21 أكتوبر 2025
د.هاشم بن محمد الحبشي
د.هاشم بن محمد الحبشي
د.هاشم بن محمد الحبشي

البعوضة "فما فوقها" , من الإعجاز القرآني إلى علم وتقنية النانو، آية تتحدى الزمان, البوابة إلى عالم النانو

إعداد الدكتور هاشم محمد الحبشي - عالم وباحث في علم وتقنية النانو، شيفرة النانو9630 ـ وعضو الهيئة العلمية العليا للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، عضو هيئة مجلس العلماء العرب.
قال تعالى"إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا"

آيةٌ تتحدى العصور والعقول، وتفتح للإنسان باب التأمل في أعماق الخلق.
فالبعوضة، التي قد يزهد فيها الناظر لصِغرها، تتحول في القرآن إلى رمزٍ للقدرة الإلهية ودقة الصنعة، وإلى مفتاحٍ علميّ يقودنا في هذا العصر إلى عوالم النانو، حيث تتجلى عظمة الخالق في أدقّ تفاصيل المادة.
البعوضة: ليست مجرد حشرة

سُبحان من جعل من أصغر المخلوقات أعظم الدروس..!
إن البعوضة ليست مجرد كائن طائر مزعج، بل هي مختبر حي للطيران، والهندسة، والطب، والاستشعار.

نظام طيران متفوق:
أجنحتها ترفرف بمئات الذبذبات في الثانية، بتصميم ديناميكي يفوق كفاءة طائرات الهليكوبتر في استقرارها وقدرتها على المناورة.

جهاز تغذية دقيق:
خرطومها مكوّن من ست سكاكين ميكروسكوبية تعمل بتناغم دقيق لشق الجلد دون ألم، لتبدأ عملية الامتصاص بانسيابية مذهلة.
منظومة استشعار متقدمة:
مزودة بـ رادارات حرارية تميّز فروق الحرارة وثاني أكسيد الكربون لتحديد موقع الهدف بدقة متناهية.

منظومة استشعار متقدمة:
مزودة بـ رادارات حرارية تميّز فروق الحرارة وثاني أكسيد الكربون لتحديد موقع الهدف بدقة متناهية.

صيدلي معجِز:
تفرز مادة مخدّرة حتى لا يشعر الإنسان باللدغة، ثم تضيف مضادًا للتخثّر لتسهيل سحب الدم.
بل والأعجب أن الأنثى فقط هي من تقوم بهذه العملية لحكمةٍ خَلقيةٍ دقيقةٍ في دورة الحياة.

"فَمَا فَوْقَهَا": البوابة إلى عالم النانو

لمّا قال تعالى "فما فوقها"، فتح بذلك بابًا علميًا يتجاوز حدود البصر إلى عوالِم ما دون المرئي — عوالم الجزيئات والذرات والنانومواد.
وهنا يدخل الإنسان في أصغر المقاييس التي عرفها العلم، حيث يتغير كل شيء: اللون، والقوة، والخواص.
في مقياس النانو (جزء من المليار من المتر):

الذهب لا يعود أصفر، بل يتلألأ بالأحمر أو البنفسجي.

المواد تصبح في آنٍ واحد أقوى وأخف وأشد تفاعلاً "انابيب الكربون النانومترية".

وتتحول الجسيمات الصغيرة إلى مفاتيح للطب والطاقة والتقنية.

علم وتقنية النانو لم يأتيا من فراغ، بل استوحيا من هندسة الطبيعة الإلهية التي تجسدت في الكائنات الدقيقة، ومن بينها البعوضة.
في الطب:
- إبر نانوية مستوحاة من خرطوم البعوضة لتوصيل الأدوية دون ألم.
- أنظمة توصيل دقيقة تحاكي توازنها في امتصاص الدم.
- شرائح نانومترية تراقب المؤشرات الحيوية داخل الجسم.

في الطاقة والبيئة:
- خلايا شمسية تعتمد على البنية النانومترية لزيادة الكفاءة.
- مرشحات نانومترية تنقي المياه من أدق الملوثات.
- مواد بناء ذكية مقاومة للحرارة والرطوبة والملوثات.
هكذا، أصبح الإنسان يقتبس من خلق الله ليبدع تقنيات تخدمه، وهو في الحقيقة يتعلم من صنعة الخالق دون أن يدرك أنه يعود إلى المثل القرآني الأول، "البعوضة وما فوقها".
بين الإيمان والإنكار

قال تعالى:
"فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا"

فالإيمان والعلم لا يفترقان،
المؤمن يرى في البعوضة وعالم النانو دليلًا على إحكام الخلق وعظمة الخالق،
أما من أنكر، فإنه يقف حائرًا أمام الدليل ولا يبصر النور الذي بين يديه.
من البعوضة إلى النانو... رحلة الإيمان بالخلق

لقد أعطانا القرآن المفتاح حين قال: «فما فوقها»،
وأعطانا العلم المفتاح حين كشف عالم النانو.
بين الوحي والعلم تتشكل خريطة واحدة للحقائق،
تبدأ من جناح بعوضة وتنتهي إلى أسرار المادة والكون.
image


بواسطة : د.هاشم بن محمد الحبشي
 0  0  1.1K