“الزافر”… حين يُستَغل المكان وتُشوَّه الهوية
من المؤسف أن يتحوّل أحد أجمل المعالم التراثية في المملكة، كقرية "ذي عين" الأثرية في منطقة الباحة، إلى مجرد خلفية صامتة لعمل درامي يفتقر إلى أدنى درجات الدقة والاحترام للهويّة المحلية. هذا ما فعله مسلسل “الزافر”، الذي عُرض في رمضان، فخيب التوقعات وأثار الكثير من علامات الاستفهام.
المسلسل الذي جرى تصويره في قلب منطقة الباحة، لم يُراعِ أهم ما يميز هذه المنطقة: لهجتها، ثقافتها، وأصالتها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين دمج لهجات من مختلف مناطق الجنوب في قالب واحد، دون رابط منطقي أو سبب فني مقنع، مما أحدث تشويشًا في هوية العمل وشتاتًا لغويًا لا يُغتفر.
أما الأزياء، فحدث ولا حرج، مزيج عشوائي من الملابس التقليدية من مختلف مناطق المملكة، تُرتدى وكأنها أزياء استعراضية في مهرجان، لا رموز تراثية تعبّر عن تاريخ ومكان.
ولتجاوز هذا الخلل الجوهري، خرج القائمون على العمل بعبارة عجيبة: “اللهجة والأزياء مبتكرة”، في محاولة للتملص من إخفاقهم في تجسيد البيئة التي اختاروها بأنفسهم لتكون مسرحًا لأحداثهم.
أن تُصوَّر مشاهد في قرية "ذي عين" العريقة لا يكفي ليكون العمل “جنوبيًا”، ولا يعطيه الحق في تجاهل عمق المنطقة التاريخي والثقافي.
والمؤلم أن الجمال المعماري والبصري الذي كان يمكن أن يكون مصدر فخر، أُفرغ من محتواه، وبات مجرد صورة خلف ممثلين يتحدثون بلهجات لا تشبه أهل المكان، ويرتدون ملابس لا تعكس هويتهم، ويقدمون قصة بلا جذور.
الابتكار في الدراما ليس مبررًا لتشويه التراث، ولا ذريعة لتجاوز الحقائق، ما حدث في “الزافر” ليس تجديدًا ولا اجتهادًا، بل سوء فهم فادح لمفهوم الأصالة، ومحاولة فاشلة لصنع “دراما جنوبية” بعيون بعيدة عن الجنوب وثقافته.
مسلسل “الزافر” لم يكن ظافرًا بشيء، بل كان خاسرًا في رهان الهوية والصدق الفني.
وحين يُضحّى بالمكان والإنسان من أجل حبكة مبتورة ولهجات متداخلة وأزياء مسطّحة، فالمشكلة لا تكمن في الصورة… بل في الرؤية.
همسة
أيا باحةَ الحُسنِ والإشراقِ والعطرِ،
فيكِ سنا المجدِ قد لاحَ على الدهرِ،
سكنتِ الفؤادَ، فكنتِ الحلمَ منتسبًا،
وبينَ الجبالِ سَنا العلياءِ والفخرِ،
هنا زهرانُ، وغامدُ سُلالةُ عزّةٍ
و المخواةِ تاريخٌ يُسطَّرُ على السطرِ
سلامٌ على عقيق الأصالةِ والوفا،
وفي القلب لذي عينَ حبٌ خالدٌ، ماله عمرِ
المسلسل الذي جرى تصويره في قلب منطقة الباحة، لم يُراعِ أهم ما يميز هذه المنطقة: لهجتها، ثقافتها، وأصالتها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين دمج لهجات من مختلف مناطق الجنوب في قالب واحد، دون رابط منطقي أو سبب فني مقنع، مما أحدث تشويشًا في هوية العمل وشتاتًا لغويًا لا يُغتفر.
أما الأزياء، فحدث ولا حرج، مزيج عشوائي من الملابس التقليدية من مختلف مناطق المملكة، تُرتدى وكأنها أزياء استعراضية في مهرجان، لا رموز تراثية تعبّر عن تاريخ ومكان.
ولتجاوز هذا الخلل الجوهري، خرج القائمون على العمل بعبارة عجيبة: “اللهجة والأزياء مبتكرة”، في محاولة للتملص من إخفاقهم في تجسيد البيئة التي اختاروها بأنفسهم لتكون مسرحًا لأحداثهم.
أن تُصوَّر مشاهد في قرية "ذي عين" العريقة لا يكفي ليكون العمل “جنوبيًا”، ولا يعطيه الحق في تجاهل عمق المنطقة التاريخي والثقافي.
والمؤلم أن الجمال المعماري والبصري الذي كان يمكن أن يكون مصدر فخر، أُفرغ من محتواه، وبات مجرد صورة خلف ممثلين يتحدثون بلهجات لا تشبه أهل المكان، ويرتدون ملابس لا تعكس هويتهم، ويقدمون قصة بلا جذور.
الابتكار في الدراما ليس مبررًا لتشويه التراث، ولا ذريعة لتجاوز الحقائق، ما حدث في “الزافر” ليس تجديدًا ولا اجتهادًا، بل سوء فهم فادح لمفهوم الأصالة، ومحاولة فاشلة لصنع “دراما جنوبية” بعيون بعيدة عن الجنوب وثقافته.
مسلسل “الزافر” لم يكن ظافرًا بشيء، بل كان خاسرًا في رهان الهوية والصدق الفني.
وحين يُضحّى بالمكان والإنسان من أجل حبكة مبتورة ولهجات متداخلة وأزياء مسطّحة، فالمشكلة لا تكمن في الصورة… بل في الرؤية.
همسة
أيا باحةَ الحُسنِ والإشراقِ والعطرِ،
فيكِ سنا المجدِ قد لاحَ على الدهرِ،
سكنتِ الفؤادَ، فكنتِ الحلمَ منتسبًا،
وبينَ الجبالِ سَنا العلياءِ والفخرِ،
هنا زهرانُ، وغامدُ سُلالةُ عزّةٍ
و المخواةِ تاريخٌ يُسطَّرُ على السطرِ
سلامٌ على عقيق الأصالةِ والوفا،
وفي القلب لذي عينَ حبٌ خالدٌ، ماله عمرِ