المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 13 يناير 2025
ربى عامر البردي
ربى عامر البردي
ربى عامر البردي

أنتِ وراء كل شيء



وراء كل رجل عظيم امرأة ، هل تساءلت يوما من يقف خلف هذه المرأة ؟.
خلال مسيرة حياتي الصغيرة التي لا تتجاوز الستة عشرة ربيعا ، كنت اسأل ...
من يقف خلفي ؟ .
كنت أطرح السؤال بشكل مغاير أيضا .. من يقف أمامي ؟ .
في البداية ، اختلقت فرضية .. مفادها أن المرأة تستمد القوة من أمها .
عندما تتجلى قزحية الرضيع الهش ، أول جملة تسمعها والدت ِك من قبل والدك : لم لم تنجبي ولدا؟
، في حين هي تردد : وضعتها أنثى لتكون شمسي .
عند أول نظرة خاطفة تلقينها لغرفة صغيرة بابها شبه مفتوحا ... تجدين فيها والدتك وهي تكوي
الثياب وترتبها بلطف على السرير ، ليأتي والدك فيرتديها ويغادر لعمله . بينما كان ردائها مغلفا
بالتجاعيد ...
كانت والدتك تخرج أسبوعيا بحثا عن عمل يروي فراغها ، تتفاجأ عند عودتها أن هنالك شروطا
يجب أن تتقيد بها قبل المقابلة الشخصية للمهنة نفسها .
ساعات عمل محدودة ، اختيار وظيفة معينة وفق لمنهج الأب .
فهل حظيت أمك بإكمال الجامعة ؟ ، على الأغلب لا ! .
وهل كانت تتلقى العلم لأجلها ؟ ، لا ! .." لقد كان لأجل خدمة أبنائك ".
فكرست أمك حياتها لأجل أن تكتبي أول حروفك ، وكرست تجاربها كلها في أن تلقنك دروسا في
التعامل مع كافة الكائنات والمواقف .
واعتصرت وجدانها لكي تُعين روحك .
وبصرف النظر عن كل الجهود التي قدمتَها ، لم تكن ستوج ْد في بقية قصتك .
كانت تضحياتها لا تنسى ، لكنها ظهرت في معظم حياتك .
لا زال عليك أن تكبري ، وتسيرين لوحدك .
إذن ، من كان يقف خلف والدتك عندما سارت لوحدها ؟.
كيف كانت تخرج من المنزل متشبثة بمقود القيادة ، وتمر بين أفعالهم الشائكة وهتافاتهم الجارحة
دون أن تعيقها عن جلب احتياجاتها ؟.
حدثتي نفسك ، كيف لها أن مرت من سطح البركة دون أن تغرق ؟ .
ربما لأن الوطن كان خلفها .
فحين تشرق الشمس ، يهتف الوطن لأن تمتطين عربتك وتنطلقين، يمنحك الحق في أن تحصلي
على مصروفك بنفسك ، يمنحك الفرص في استثمار مهارتك لنسج المستقبل .
لكن تربته لم تكن ستنبت إن لم تكوني خلف أولئك الأبناء الذين سقوها ...
لم تكن ستنهض منازله إن لم تكوني سقفها ووئامها ، كنت العون ، والولاء ، كنت الأم ، والشياد ،
كنت الأم لكل جندي ، وطبيب ومعلم .
كنت الأم للعلم ، كنت العلم خارج المدرسة .
إذن ، لقد كان وطنك يعطيك إزاء عرفانك فقط .
إذن ، من يقف خلفك فعلا ؟ ..
وبعد تفكير ...
اكتشفت أنه لا أحد ، مهجت ِك وقوت ِك وحدها هي من كانت تقف خلفك .
كن ِت أحيانا بحاجة إلى أناس ليسحبوا ذراعيك للأمام ، حتى تضخين الحب والإبداع والقوة وكل ما
تحظين به ..
لكن ما من أحد عرف يوما سر كيانك ، لا أحد منهم علم كيف كنت تنتجين قواك .
أنت اللغة لكل وطن ، وكل شعب ، وكل حاضر ، وكل مستقبل .
أنت هي أنت ، وأنت وراء كل شيء .
بواسطة : ربى عامر البردي
 0  0  558