المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 9 مايو 2024
وناسي مروى - الجزائر
وناسي مروى - الجزائر

عن وناسي مروى - الجزائر

استاذة ادب عربي ..خريجة المدرسة العليا الوطنية للادب
مقيمة بالجزائر...ومقدمة دروس بالتنمية البشرية ومؤلفة روايات وكتب

أم مكلومة

إلى ولدي رسالة خالدة باقية ..
ولدي كانت تلك اللحظة التي ولدت فيها أشبه بوصفهم الدخول إلى الجنة ، كنت بمثابة الملاك بين يدي ، وأنا أضمك أحضنك وأشمك وأتأملك وأنت تتشبث بملابسي وتحتمي بي من دنيا قاسية جدا خاصة على الأمهات أمثالنا ،وكذلك الآباء .
كنت آنذاك محظوظة لأني رزقت بك لوهلة كنت أتخيلك تحبو وتضحك وتناديني ماما ،فكنت أتخيلني وأنا أراقب أولى خطواتك نحو قلبي لترتمي بين أحضانه مجددا كي تهرب إلي من كل ما يؤذيك ، كنت أتخيلني أرافقك الى مدرستك وقلبي معك وأنظر إليك تارة واستعيد طريقي تارة أخرى خوفا عليك من الوحدة..
أتأملك وأنت تبحر بين ألعابك وأتوسم فيك خيرا كبيرا .
وانا أنظرك إليك ألفيتني أراك كما حلمت بك ، كما طمحت ورسمت .
سألتني أحلامي بك قائلة : أرني أنظر إليك .
كنت أتوسل الوقت حتى يهدهد خطواتك في المهد ، وأن يؤجلها حتى أمتع ناظري بك وأنت طفل وديع صغير .
أحبك قلبي حبا منقطع النظير ، فضلتك على كل من حولي ، كنت الفؤاد وما حوى ،أنت الحشا والقلب والوريد والشريان ، أنت أقرب الأحبة إلى قلبي
كان طريقك بقلبي معبدا بدعواتي التي تظل تحرسك عند نومك وحتى في يقظتك تلازمك أكثر مني حتى ظليت أزاحمها .
ولدي !
لما أنا اليوم عاجزة عن وصفك .
لماذا يخونني برك وأنت الذي اخلفت الوعد الذي قطعته لي وأنت صغيرا أن ترعاني إذا كبرت وأن تمسك بيدي ، وتأخذني في جولة إلى الحديقة ، وكنت تعدني برحلة الى البقاع المقدسة .
أتذكر أن لك قلبا طيبا ووعودا صادقة لكن لا أحب أن اتذكرك بهذا البيت :
ولما اشتد ساعده رماني..
لن ألومك وقد خفضت لك جناح النسيان .
بني صفعة الابن موجعة ودمعة العقوق مرهقة تشق تقاسيم وجهي وترديه جحيما ورمادا تكتحل به عيون أم مرهقة ، لبست ثياب الخذلان الرثة ، وقد عادت إلى حيث كنت طفلا بريئا تداعب وجهها وتأبى أن تفارق الابتسامة محياي .
أتذكر عندما وعدتني أن تحبني أكثر من زوجتك وأبنائك وكل أحبتك لأني بالفطرة حبيبتك الأولى .
بني لم أكن أعي إني إذا ما زوجتك أقمت مأتمي وليس عرسا ، زوجتك ، وأعدمتني .
فرحت بك عريسا فاختنقت فرحتي في أولها .
زغرد لك قلبي عريسا فأرديته قتيلا .
نثرنا الورد بطريقك وحرمك فقدت فرحي إلى مثواه الأخير .
اليوم أنا أم مكلومة ، اعتصرتها الأحزان وأثقل العقوق كاهلها ، فعادت أدراجها خائبة .
ما رزقت يوما بطفل وما كانت أم عريس يوما .
عدت أدراجي ولك ما تبقى من قلبي علني أنسى العقوق يوما .
 0  0  3.3K