المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 26 أبريل 2024
أ.د. إبراهيم طلبة
أ.د. إبراهيم طلبة
أ.د. إبراهيم طلبة

| أستاذ الثقافة والفكر الإسلامي المعاصر

إشاعة الفاحشة... الوجه الآخر

لا يختلف اثنان أن الدعوة الصريحة إلى ارتكاب الفاحشة والرذيلة أو الحض على ممارسة الأخلاقيات السيئة أمر مرذول مبغوض وهو أمر ضد الفطرة السوية والشريعة الإلهية
ومن هنا حذر القرآن الكريم من إشاعة الفاحشة ونشرها إذ قال سبحانه :
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون) سورة النور الآية : ١٩
وفي هذا الصدد حذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من المجاهرة بالمعصية سترا للذنب وحتى لا ينتشر ويتعلمه من يجهله ففي الحديث الصحيح :
كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه»
ومع ذلك فإن ثمة ممارسات تتم وتؤول إلى إشاعة الفاحشة في المجتمع وتحويل السلام الأسري إلى حالة من الفوضى الأخلاقية والعلاقات المحرمة وتصوير المجتمع أنه في حالة سيولة جنسية صارخة عارمة
يحدث هذا ربما بدون قصد ولذا وجب التنويه والتحذير من ذلك.
ومن الصور والممارسات التي تؤول إلى إشاعة الفاحشة :
* في البرامج الفضائية عند استقبال أسئلة من الجمهور ليجيب عنها أحد الشيوخ الأفاضل ويسترسل السائل على الهواء في توصيف مشكلته وفضح المستور منها
فهذا نوع من إشاعة الفاحشة وتفصيل القول حول السؤال من تحرش ذوي المحارم أو غيره
ولا أرى مناسبة استقبال أي أسئلة على الفضائيات أو تخصيص برامج لذلك لأن جمهور المشاهدين قد يطبقون الجواب على حالتهم ويكون القياس غير صحيح
وحاجة المفتي إلى استيضاح بعض الأمور مما يدفع السائل للكشف والاستفاضة أمام ملايين الناس فيشيع وينشر الفاحشة في الذين آمنوا
وهذا محله إن صدقت النية الحوار الخاص بين المفتي والمستفتي ليعطي الجواب الشرعي المناسب لحاجة السائل.
ولا يخلو مكان من عالم بالحق فقيه بالشرع يجيب من يسأله فيما بينهم مع سهولة ويسر الوصول لأي عالم عبر الهاتف الخاص.
* ومن صور إشاعة الفاحشة ما ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ممن يدعون استقبال تساؤلات اجتماعية واسرية والرد عليها نقول: إن هذا ليس مكانها المناسب
إنها تفتح الأعين المغلقة وتمزق قماش الستر وتوقظ الأحلام في العقول وتشعل الغريزة الهادئة مما يؤول إلى محاذير مخيفة كنا في غنى عنها لو لم تنشر على الملأ
أرأيتم عاقلا يأتي إلى ملابسه الخاصة ويضعها في معرض مكشوف للناس فضلا عن أن تكون متسخة
ولا يقال بأنهم يقدمون خدمة للجماهير بحل مشكلاتهم وقضاياهم فهذه كلمة حق أريد بها باطل
إنهم ربما يحفزون السائل على الاسترسال وكشف العورات جذبا للمشاهد وإسالة للعاب المشاهدين.

ولكم وددت أن يكف مشايخنا الكرام عن استقبال أسئلة الجماهير عبر الفضائيات وأن يكون وجودهم للوعظ والتوجيه والتوعية والبلاغ المبين لا أن يكونوا سببا في نشر الفاحشة وشيوعها على الملأ حتى لو بدون تعمد.
ونداء إلى أولئك الذين يزعمون أنهم يساهمون في حل المشكلات الاجتماعية والأسرية من خلال برامجهم
كفو عن المجاهرة العلنية بالوقائع والأحداث لا تهتكوا ستر الفضيلة ولا تمزقوا حجاب الحياء ولا تكونوا كمن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
بواسطة : أ.د. إبراهيم طلبة
 1  0  14.1K