ليتنا نكون جميعاً شجعاناً

يعتقد الكثير من البشر أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها عند الخطأ ، كونها دليل انكسار للشخصية ، علماً أن الاعتذار المقصود يعني الاقتناع التام بأن هناك خطأ ينبغي تصحيحه، وهو ما أوجب الاعتذار، وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ وحجمه، وأن نخطئ فنعتذر لا يعني أننا أشخاص ضعفاء وسيئون، بل أقوياء وشجعان وجيدون ، والجميل في ذلك الاعتذار مبكراً ، وشجاعة الاعتذار لا يتقنها إلَّا الكِبار، ولا يحافظ عليها إلا الأخيار، ولا يغذِّيها وينمِّيها إلَّا الأبرار.
لأننا نحاول إصلاح أخطائنا، ولانُصر عليها ، والرجوع عن الخطأ فضيلة وعمل جيد ، حتى مع الله سبحانه وتعالى والكمال لوجه الله (( كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون)).
وليس هناك من بشر معصوم عن الخطأ بعد الرسل، ومن هذا المنطلق فإن أشد المكابرين الرافضين للاعتذار، هم من الذين يصنفون أنفسهم كطبقة مثالية تتعالى على الناس تعتبر أنفسها أنها لا تخطئ ولاتتراجع عن تصرفاتها حتى وإن شهد به الجميع ، ولا تعتذر لمن هم دونها مرتبة، وفي هذا شيء من الصفات الشيطانيه والأخلاق الكريهة ، كما يجب علينا تهدئت الوضع وفهم الخطأ جيداً دون تسرع وأن نُحسن الظن في كلا الطرفين للمصلحة العامة ، لذلك من الواجب أن لا تظن بكلمة خرجَت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير مَحملًا"، حتى قال الإمام الشافعي: "التمس لأخيك سبعين عذرًا"
فكم من أُسر تفكَّكَت! وكم من أواصِر تقطَّعَت! وكم من زيجات طُلِّقَت! وكم من أطفال شرِّدت! بسب عدَم القدرة على الاعتذار، بل يَنقلب الحال إلى خصومة شَديدة، وشحناء مديدة، قبل أن تؤثِّر في الآخرين تَقتل صاحبها كمدًا وعنادًا!
وماهي إلا كلمة صَغيرة لا يتجاوز عدَد حروفها أربعة "آسف" ربَّما تُطفئ الغضب وتُؤلف القلوب وتنهي الخصام ، ورغم ذلك فإنَّ الكثيرين يَستثقلون نطقَها تكبُّرًا أو أشرًا أو بطرًا ، ظنًّا منهم أنَّ الاعتذار يقلِّل من قَدرهم، أو ينتقص مِن قيمتهم، أو ينال من مَكانتهم ، ليتنا نكون جميعًا شجعانًا ، فنعتذر لِمن أخطأنا في حقِّهم، ولنكن جميعًا كرماء ، فنقبل الاعتذارَ ممَّن أخطأ في حقِّنا ، وأخيراً اللهم أصلح قلوبنا وأهدنا جميعاً لما تُحب وترضى .