عناصر الاستراتيجية الجذابة
في رأيي، وبينما يتم العمل على قدمٍ وساق، وبروح وطنية عالية، وهمة منقطعة النظير، على بعض الاستراتيجيات، فإن بعض هذه الاستراتيجيات يتم العمل عليها من منظور فني خالص وقد تحتاج النظر إلى عوامل وعناصر تزيد من نسب النجاح.
يعتبر الجزء الفني بتحليلاته وارقامه وبياناته واهدافه من أهم أجزاء الإستراتيجية،
إلا أن التأكد من وجود عناصر أخرى متممة، من وجهة نظري، قد تزيد من نسب نجاح الاستراتيجية. ومن متتمات النجاح، التأكد من وجود عناصر القوة الناعمة ضمن الاستراتيجية. ومن هنا، فإنني اقترح التأكد من ادراج العناصر التالية، وإن بدت بديهية في بعض الأحوال:
أ- قدرة الاستراتيجية على التأثير:
١- من وجهة نظري، يعتمد نجاح الاستراتيجية على قدرة الاستراتيجية في التأثير على:
-الأفراد
-المؤسسات الحكومية
-القطاع الخاص بما فيه الاستثمار الأجنبي
-وغيرهم
وجذب هؤلاء (جميعاً بقدر الامكان) نحو القطاع سواءً:
-بالاستثمار
-العمل
-التعليم
-التدريب
-التطوير
-التمويل
-وغير ذلك
والالتفاف لدعم القطاع بالسياسات والأنظمة وغير ذلك. وحيث تتركز بعض الاستراتيجيات في طرحها على تنفيذ الجانب الفني، أقترح توضيح خطة الالتحام مع المتأثرين المحتملين، وأعتقد بأن هذا هو الجزء الصعب، حيث يتم تصميم استراتيجية جذابه.
٢- أما الجزء الأسهل نسبياً والبديهي، فهو خطة مستدامة تقوم على تحديد مواطن ضعف السياسات والإجراءات التي قد تعيق تنفيذ الاستراتيجية وتحقيق أهدافها. وعندئذٍ، يتم استخدام القنوات الرسمية في التصعيد لتعديل أو تطوير مواد الأنظمة والسياسات بما يتماشى مع مستهدفات الاستراتيجية.
ويبقى العنصرين أعلاه فاعلين ما دام هناك حاجة لتنمية القطاع المستهدف من جهة والحفاظ على كل مكتسب من جهة أخرى. ففي النهاية، تتغير الظروف مما قد ينعكس على المكتسبات سلباً أو إيجاباً بحسب طبيعة التعاطي معها.
ب- حشد الموارد لتنفيذ الاستراتيجية:
في رأيي، لا يمكن للاستراتيجية أن تنجح دون معرفة عناصر تغذية نجاحها، وهذا بديهي، وهو ما يحتاج إلى حشد. وفيما يلي بعض الموارد التي اقترح التأكد من وضوح حشدها أثناء اعداد الاستراتيجية:
١- الأنظمة والسياسات الداخلية:
من وجهة نظري، فإن نجاح الاستراتيجية مرهون بالأنظمة والسياسات وآلية ادارتها فيما يتقاطع مع القطاع المستهدف بالتنمية من جهة، والقدرة على ضبط هذه السياسات والأنظمة والتشريعات طوال فترة تنفيذ الاستراتيجية. ويجب أن تتجلى ارادة إنجاح وتمكين وتنمية القطاع المستهدف من خلال الإرادة أولاً، كما أسلفت، ثم باستخدام الأدوات النظامية التي تتزامن مع الاعلان عن هذه الاستراتيجية، بحيث لا يُسمح بأي اجراء نظامي من شأنه التأثير السلبي أو الإيجابي على هذه القطاعات إلا بعد موافقة الجهة التشريعية القائمة بالإشراف على هذا القطاع بما لا يدع مجالاً للشك بوجود تأثيرات فورية أو مستقبلية قد تتسبب في انحراف الوصول للأهداف.
كما أن استحداث أنظمة وسياسات وتشريعات جديدة تواكب مستهدفات الاستراتيجية أمرٌ في غاية الأهمية، لأن الحاضر هو نتيجة الماضي، وبالتالي لا يمكن صناعة المستقبل بأدوات الماضي وإنما بأدوات جديدة ومنها الأنظمة والتشريعات والسياسات.
٢- السياسات الخارجية:
على سبيل المثال، فإن التحول من وضع الاستهلاك إلى وضع الابتكار والانتاج خطوة عظيمة جداً. وهذه الخطوة تحتاج للتزامن مع صناعة وتطبيق أدوات سياسات وأنظمة خارجية ترتبط بتنمية القطاع المستهدف. ولعل صناعة معينة، على سبيل المثال لا الحصر، تحتاج إلى رفع الرسوم الجمركية للحد الذي يجعل شركات انتاج هذه السلعة تتخذ خطوات جدية في الانتقال للاستثمار في المملكة، لأنه وبكل بساطة، لا يوجد على انتاج هذه السلعة محلياً أي رسوم، بل هناك حوافز لانتاجها محلياً.
٣- نشر الثقافة المستهدفة في الاستراتيجية:
وكمثال، من أهم المكتسبات التي نراها في المجتمع السعودي هي ثقافة الأعمال التجارية. وهذه الثقافة ليست محض صدفة، بل هي موروث تم تناقله عبر الأجيال المختلفة. ولعلنا نلاحظ أننا تجاوزنا ثقافة التجارة إلى النسخة المحدثة وهي التجارة الإليكترونية. ومن وجهة نظري، فإن الخدمات تأتي في المرتبة الثانية بعد التجارة، وفي المرتبة الثالثة ثقافة الصناعة.
وفيما أصبح مفهوم (ثقافة) التجارة الاليكترونية من المسلمات، فإن قطاع الترفيه، على سبيل المثال، قد بدأ للتو بصناعة ثقافة ترفيه متقدمة داخل المملكة ولكن بخطوات، أو قفزات كبيرة. ولعل الفرد العادي يلاحظ من حين لآخر مصطلحات مثل الثورة الصناعية الرابعة أو الصناعة الرابعة إلا أن هذه (الثقافة الصناعية) حديثه ولم تصل لادراك الفرد العادي مثلما وصل مصطلح التجارة الاليكترونية والترفيه. وهذا ليس مدحاً في الأولى أو تقليلاً من الأخرى بقدر ما هو حجم الجهد المطلوب في حشد الموارد، والذي تحتاجه الاستراتيجية لخلق ثقافة تعتبر من المسلمات في دول أخرى مثل ألمانيا وفيتنام والصين على سبيل المثال.
ج- شروط متممة لنجاح الاستراتيجية:
وفي رأيي، وهي أيضاً من البديهيات، لكننا نحتاج للتأكيد عليها، هو وجود بعض الشروط المتممة لنجاح الاستراتيجية:
١- استدامة الاستراتيجية:
من المهم جداً أن نتأكد بأن الاستراتيجية (كائن حي) يتأثر بالمحيط، وبالتالي يتم تقييمه ومراجعته وتعديل الاستراتيجية على طول الرحلة. وأقترح تحديد تواريخ معينة دورية لاخضاع الاستراتيجية لفحص (مؤشرات حياة) لتصحيح أي انحرافات بشكل عاجل وهذا بديهي في صناعة الاستراتيجية لكننا نؤكد على ذلك ليس إلا.
٢- قيادة تنفيذ الاستراتيجية:
في رأيي، لا يمكن أن يكتب للاستراتيجية نجاح إذا لم تتوحد جهة التنفيذ بشكل تام بمرجعية عليا مباشرة. بل إن على جهة تنفيذ الاستراتيجية إدارة جميع ما ذكر أعلاه بمساحة كافية تضمن مرونة التعاطي مع المتغيرات المحلية والدولية. ففي النهاية، تتفيذ الاستراتيجية فعل، ولابد من تُواجه بردة فعل، وهو ما نسعى لاحتوائه مبكراً. وفيما تم منح جهة التنفيذ الصلاحيات اللازمة بالفعل، فستكون محاسبة على الأداء والإنحراف الايجابي والسلبي مع قدرتها على التعاطي في ظل ردود الفعل.
د- خلاصة:
إن تطور العالم من حولنا وبين الفعل ورد الفعل دروس مستفادة. وكتابة الاستراتيجيات والخطط التنفيذية يتطور يومياً وبسرعة عالية. وفي ما تحاول منتجات فرض نفسها على السوق، إلا أن الأخرى تستخدم القوة الناعمة لتسويق نفسها.
في الماضي، وبينما كانت الموارد والاتصالات محدودة، كان على الجميع تناول المتاح وتنفيذ الممكن. وبينما يتحول العالم من قرية صغيرة إلى بيتٍ واحد، فإن الأخذ بالمستجدات والتطلع لهزيمة المستحيل أصبح سمة الناجحين وبلادنا في مقدمتهم بقيادة سمو سيدي ولي العهد حفظه الله ورعاه.
إن اصبت فمن الله، وان اخطأت فمن نفسي.
_________
albadrf.wordpress.com