الصومال من الحرب الأهلية إلى الإستقرار و التعايش
استمرت الحرب الأهلية في الصومال لمدة 31 عاماً أي منذ العام 1990م..وشهدت اضطرابات سياسية وإنقلاب تلو الإنقلاب ضد الحكومة الشرعية و عم البلاد حالة من الفوضى والعنف والتشرذم وتمزيق النسيج الإجتماعي و فراغاً سياسياً أدخل البلاد في نفق مظلم وأتون صراعات لامحدودة عجز المجتمع الدولي السيطرة عليه. وتفرخت خلال مشاهد الإقتتال الداخلي والحرب الأهلية جماعات مسلحة وفصائل و عصابات مليشاوية في الشمال والجنوب والشرق والغرب حتى تحولت الصومال إلى دويلات وساحة حرب مفتوحة أكثر ضراوة وعنفاً وتدخلت الأمم المتحدة وأرسلت مراقبيها وفشلت في إنهاء النزاع ووقف نزيف الدم أو إحتواء الأزمة أو إقناع المقاتلين على ترك السلاح ووقف العنف..لكن في نهاية المطاف الصوماليون هم من أختاروا وقرروا طريق السلام والحوار مسلكاً آمناً لإنهاء الحرب التي دامت لثلاثة عقود من الزمن .. ورغم ما شهدته الصومال من عواصف وأحداث مرعبة ألقت بظلالها على المشهد السياسي والعسكري و الإقتصادي والإنساني و تجرع الشعب الصومالي ويلات النزوح و التشرد والفقر والظلم والقهر إلا أن جميع المكونات والقوى السياسية المختلفة تركت سلاحها واتجهت نحو الحل السياسي الشامل والعادل الذي يحقق الإستقرار والسلام للبلاد واجتمع الفرقاء على طاولة الحوار و استطاعوا أن يجاوزوا خلافاتهم ويطووا مخلفات الماضي و يفتحوا صفحة جديدة من التعايش والشراكة ليتم التوافق على حكومة جديدة تمخضت من رؤية وطنية غلبت مصلحة البلد على كل المصالح الضيقة والأنانية والحزبية وقدمت كل المكونات تنازلاتها من أجل الوصول إلى حل سياسي ينهي الحرب. .ليجتمع اليوم من جديد ممثلو الشعب الصومالي تحت قبة البرلمان للتصويت و منح الثقة لحكومة روبلي..لتصبح الصومال اليوم نموذجاً للتعايش والشراكة و مثالاً واقعياً للدول التي تشهد حروباً عبثية بأنه مهما طال الصراع المسلح والحرب فإن السلام والحل السلمي هو ما سيكون في النهاية.. ونلخص هذه التجربة المريرة التي عاشها الصوماليون أنه لا يمكن لطرف أو جماعة أو مكون سياسي أن يستولي على السلطة والثروة ويحكم بمفرده..