المتدين ليس غبياً لكن المشكلة أن الغبي أصبح متديناً
التكفير المطلق والتفسيق السائد والحزبية المقيتة باسم الدين نتيجة حتمية لفكر التبعية التي خلقها مبتدعو اللاتفكير واللاعقل فشربوها للقطيع من خلال تعطيل العقل ومبدأ "دعنا نفكر لك فأنت لاتفهم الدين" من أجل تبعية لا يجوز لك فيها أن تعترض ولا تتساءل ولا تفكر....
فالقطيع الغبي الذي لا يجرؤ على التفكير والبحث والتدبر بحجة الخوف من الشبهات أبعد ما يكون عن الإنسان وأقرب إلى الروبوتات الآلية المطيعة وفق برمجة أرادها اللاهوتيون الصحويون، وأي شخص خارج إطارها هو شخص أقرب إلى الفاسد غير السوي، وهو بحاجة ماسة إلى الهداية والمناصحة...
هكذا بكل بساطة تمكن الفكر المتشدد من تجنيد البسطاء فكراً وعلماً واعتقاداً، ونشرهم، لأن الهدف لم يكن توضيح تعاليم ومفاهيم الدين وبساطته كما أنزله الله، بل الإرهاب الفكري ورمي العقل في غيابة الجب وسوق الناس إلى مجاهل جحيم التبعية والعبودية....بحجة المؤامرة على الإسلام والخلافة في الأرض والوكالة على دين الله...
فالأفكار المتشددة ألبست على الناس دينهم حتى رسخ في وعي الذهنية الجمعية الميل للمبالغة في سد الذرائع وهشاشة الدين واعتقاد كل أمر حرام ما لم يرخص له ذلك المسمى بـ(المطوّع)، ليسجن المباح ويتم تعقيد الدين ويغدو الجميع مقيدين في ذمة مفت أو واعظ أو داعية ديدنهم التخويف والترهيب ونشر الكراهية والتطرف والغلو لتصبح الحياة رمزاً للكآبة وسجناً للخائفين وتبتلاً للمتطرفين حتى رأينا من الصغيرة جرم شنيع والأمة في خطر دائم والناس ينتظرهم عذاب شديد بمجرد أن سمع أغنية أو نظر إلى وجه امرأة ؛بالرغم من بساطة هذا الدين وسماحة الإسلام ورحمة الله الواسعة...حتى بتنا نعيش في زمن مليء بنماذج أقرب إلى الدراويش السطحيين علما وخلقا يقرؤون القرآن لايجاوز حناجرهم، كان نتاجها قطيع من الإرهابيين القتلة والمحرضين الفجرة والقطيع المبرمجين...
نعم برمج الفكر الصحوي المتشدد هؤلاء القطيع على أن يُخرجوا الناس من الملة بلمح البصر، طالما هم بعيدون عن فكرها ورأيها، و أن ننتقص من مخالفيهم مهما بلغ علمهم، وأن نتجهّم في وجوه الآخرين، ونشكك في ضمائرهم ونواياهم وتصرفاتهم، وأن نصف المسلمين المخالفين بالتغريبيين، الليبراليين، العلمانيين!.
من أجل هذا ينبغي أن نوقن أن من عطل عقله يكون قد تنازل عن جزئه الإنساني ورضي لنفسه الحياة البهيمية إن لم يكن هو في مرتبة أدنى منها. قال تعالى في سورة الأعراف : «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ»
ولذلك فقد احتفى القرآن الكريم بالعقل فجعل اليقين ثمرة التفكير العقلي شريطة الاقتران بالرؤية المنصفة المحقة بعيد عن التعصب والهوى وتقسيم المسلمين إلى أحزاب وفرق وطوائف ومذاهب ما أنزل الله بها من سلطان...وبالتالي فالمتدين الذي يفكر ويعبد الله على بصيرة ليس غبياً...بل المشكلة تكمن في الغبي الذي أصبح متدينا !!!!