علم الحقوق التي لايسع العرَّاف جهلها
في حديث ماتع ذو شجون مع الشيخ عبدالعزيز بن خضر الحارثي أحد المراجع المعروفة، لقبيلة الحنشة بني الحارث في التراث القديم للقضاء بين الناس قبل القضاء الشرعي الآن.
حيث استخصلت منه ما يشبه المرافعات الشرعية ومن ثم الأحكام، فابحرت معه بمجداف قلمي المتواضع، في بحر علمه الواسع، الذي ورثه أباً عن جد فقال: الحمدلله عابدين الرحمن، متعوذين من الشيطان، والله يديم النعمة، ويكفينا شر النقمة، الخطأ يقع مهما كان الإنسان حريصاً على عدم الوقوع به، فإن وقع الخطأ يذهب المخطئ عليه، أو من ينوب عنه لأحد عراف القبيلة، أو عاقلة المخطئ فيقص الخطأ ويرفع مظلمته ويطلب الحق ثم يبشر به.
فيضع المعدال عن المخطئ، والمعدال هو أن يكون المخطئ أو عاقلته تحت حكم الحكام والعراف بالحقوق.
فالمعدال ينقسم إلى قسمين
فالأول: معدال سُدَّة وهو أن يتقبل المخطئ أو عاقلته الحكم دون أن يناقش أو أن يبدي عن أسباب الخطأ ولماذا بدر منه.
والآخر: معدال فتَّشه هو أن يسأل الحكام أو العراف جميع الأطراف عن سبب الخطأ ويتناقشون مع الطرفين.
ثم تجتمع الخصوم والحكام في مكان وزمان يحدد مسبقاً وينظر في الخطأ وتوابعه، ومن ثم يتم الحكم حيث ينقسم الحكم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: حكم مقصور أي إن لم يرضى أحد الخصمين بالحكم فلا ينشر، ولا يسأل عن جدوى وصلاحية الحكم أبداً.
الثاني: حكم منشور أي إن لم يرضى أحد الخصمين أو عاقلة الطرفين عن هذا الحكم فيسأل عن هذا الحكم عند حكام وعراف آخرين، فيقص عليهم القضية والحكم، فإن قالوا: هذا مناسب مضى الحكم، وإن قالوا: لكم أكثر أن كان للمخطئ عليه، أو عاقلته أو عليكم أقل أن كان الحكم على المخطئ، أو عاقلته. فينقض( يفجر) الحكم ثم يحكم بحكم غير الحكم الأول.
القسم الثالث: أن يحكم للخصمين، أو للعاقلة، ويقول الحكام أو العراف نحكم بهذا الحكم وعليه أسية إن حصل مثل هذه القضية أو الخطأ فإننا نحكم ونرضى بمثل هذا الحكم.
ثم يكون الحكم المقدر:
إما منصوبة وهذه المنصوبة هي الحكم فتكون غير محددة فهي وليمة أو مبلغ مالي أو بكليهما، أو ملفى فتكون وليمة أو مبلغ مالي أو بكليهما لكن الملفى يكون محدد.
وإن كان هناك مع الوليمة مبلغ مالي فيتم إرجاع ثلث المبلغ لمن حكم عليه ويسمى (المثلث) وهو حق القبيلة أو العاقلة فيتم ارجاعه للمخطي.
الخلاصة: أن هذه الأحكام أحكام صلحية مفادها الصلح، وأن أغلبها أحكام صورية فحواها الإعتذار ورد الإعتبار للمخطئ عليه وعاقلته، وإنذار للآخرين ولمن سمع بهذا الحكم أن الخطأ ممنوع منعاً باتاً.
ختاماً: هذا ما حصيت وعليكم قصيت، من العلوم والسلوم، وعلمي وسلامتكم.