لعبة المزمار ما بين المارشل آرتس والهيب هوب
تلقيت العديد من الرسائل والاتصالات والتعليقات على مقالي «رقصة المزمار من جدة التاريخية لرؤية مستقبلية» الذي نشر في صحيفة غرب «23/06/2019» فاقت توقعاتي حتى أن بعضها وردني من خارج السعودية، وبعضها من مواطنين ومقيمين لم يروا لعبة المزمار في حياتهم.
والحقيقة أني بدأت فكرة الكتابة عن لعبة المزمار في أواخر شهر شعبان الماضي بعد أن قرأت عدد من المقالات الصحفية هاجمتها بشراسة وناشدت الجهات المختصة بمنعها إثر مشاجرة «غشنه» نشبت في أحد أحياء جدة بين لاعبين من جدة وآخرين من مكة المكرمة خلال اللعب.
ولعلمي بهذه اللعبة وممارستي لها في الصغر فهي ما كنا نبتهج به في مناسباتنا وأفراحنا الاجتماعية والرياضية، رأيت أنه من الضروري إنصافها لأنها ظُلمت، فالمشكلة ليست في اللعبة إنما في الأشخاص والجماعات الذين أساءوا اليها بحماقتهم وجهالتهم، فأجريت بحث مضني لتوثيق ما أعرفه عنها بالرجوع إلى العديد من المصادر التاريخية عن مدينة جدة ومجتمعها منها كتاب «جدة.. حكاية مدينة» لمؤلفه الأستاذ محمد يوسف طرابلسي، و «جدة والجداويون في ذاكرة الإنسان»، لـ أ.د عبد الرزاق سليمان أحمد أبو داود، و «تاريخ جُدة من أقدم العصور حتى نهاية العهد العثماني» للأستاذ عبد الإله بن عبد العزيز باناجه، وجميعها أكدت أنها اللعبة الشعبية الأولى لأهالي جدة منذ زمن بعيد، وكانوا يتعلمونها من الصغر ويمارسونها في المناسبات البهيجة، ويحدث أحياناً مشاجرات بين خصوم يتولى شيخ الحارة وكبار رجالاتها السيطرة عليها مع العقلاء من اللاعبين، وبالفعل حدث أن أزهقت بعض الأرواح خلال اللعب، وفي العصر الحديث كان للدولة دور كبير في السيطرة على تلك الممارسات السلبية.
وعلى ما اعتقد أن غياب دور عمد وشيوخ الحارة في الوقوف على المزامير حالياً اتاح فرصة للحمقى والجهلة والصيع أن يشوهوا جوهر اللعبة، فعلى ما أذكر في صغري كنت أسمع بأشهر المزامير وعمد الأحياء الذين لا يجرؤ أحد أن يثير المشاكل في حضورهم مثل الشيخ محمود أبوداود الذي كان من أشهر لاعبي المزمار واصبح عمدة لمحلة القريات والثعالبة لنحو 25 عام، الشيخ صالح أبو الشامات عمدة الكندرة، الشيخ عمر باعيسى في حارة الشام، والشيخ جميل سلامة في البغدادية وغيرهم.
وعلى ضوء ما توصلت إليه من بحثي فإنني أشدد على أهمية الحفاظ على هذه اللعبة بجوهرها الجميل كأحد الفنون الشعبية الأصيلة بدلاً من إهمالها وتركها للجهلة والصيع والحمقى، وإبعاد أجيالنا الصاعدة عنها فيصبحون عرضة لفقدان الهوية الثقافية مع ضرورة تطويرها بما يتناسب مع تطلعاتهم بتحويلها إلى فن استعراضي ورياضي عالمي يواكب العصر الحديث ويستفاد منه اقتصادياً من خلال الفنون والصناعات والعروض المرتبطة به أسوة بما تم من تطوير لألعاب الفنون القتالية للدفاع عن النفس الـ martial arts «الكونغ فو، الكاراتيه، الجودو...الخ» التي تحولت إلى ألعاب رياضية تنافسية واستعراضية انتشرت من بلدان الشرق الأقصى للعالم، فلقد نبهني أحد الأصدقاء من خبراء «لعبة المزمار» بأنها «لعبة» وليست «رقصة» وأصلها مهارة الدفاع عن النفس بالعصا تؤدى من قبل الفتوات والأبطال لصد الهجوم من شخص أو أكثر وتسمى بـ «المقاشعة» وهي من فعل قشَعَ كقشَع القوْمَ أي فَرّقَهُمْ وأذهبهم.
كذلك تحويل الزومال «الغناء المصاحب للمزمار» إلى فن عالمي قياساً على فن غناء الراب ورقص الهيب هوب الذي غزى العالم حتى أننا أصبحنا ندرجه في الكثير من فعاليتنا المحلية بعد أن كان غناء ورقص شوارعي في أحياء مدن أمريكا الشعبية بدأه في السبعينيات الميلادية الأمريكان الأفارقة للتعبير عما يتعرضون له من عنصرية وظلم وما يعانونه من فقر وبطالة، وتطور ليصبح فن انقسم إلى نوعين نوع يسمى بالراب ما تحت الأرض أو السفلي تستخدمه عصابات الإجرام والمخدرات، وآخر إيجابي وجاد تبناه عدد من نجوم الفن، ولعب نجم البوب «مايكل جاكسون» دوراً بارزاً في ذلك حينما حوله إلى فن غناء ورقص استعراضي غزى به ثقافات العالم، فجلب منه مئات الملايين من الدولارات أضافت إلى الناتج القومي الأمريكي، فتسابقت فرق الهيب هوب الشوارعية للانضمام إلى فرق النجوم العالمية بدلاً من فرق عصابات الإجرام والمخدرات.
وبرأيي لو أن نجوم فننا السعودي الآن اهتموا بلعبة المزمار وتطويرها أسوة بما فعله رواد الفن السعودي أمثال الموسيقار طارق عبد الحكيم، الموسيقار عمر كدرس، الموسيقار د. غازي علي، الفنان لطفي زيني لكان للعبة المزمار شأن آخر.
والحقيقة أني بدأت فكرة الكتابة عن لعبة المزمار في أواخر شهر شعبان الماضي بعد أن قرأت عدد من المقالات الصحفية هاجمتها بشراسة وناشدت الجهات المختصة بمنعها إثر مشاجرة «غشنه» نشبت في أحد أحياء جدة بين لاعبين من جدة وآخرين من مكة المكرمة خلال اللعب.
ولعلمي بهذه اللعبة وممارستي لها في الصغر فهي ما كنا نبتهج به في مناسباتنا وأفراحنا الاجتماعية والرياضية، رأيت أنه من الضروري إنصافها لأنها ظُلمت، فالمشكلة ليست في اللعبة إنما في الأشخاص والجماعات الذين أساءوا اليها بحماقتهم وجهالتهم، فأجريت بحث مضني لتوثيق ما أعرفه عنها بالرجوع إلى العديد من المصادر التاريخية عن مدينة جدة ومجتمعها منها كتاب «جدة.. حكاية مدينة» لمؤلفه الأستاذ محمد يوسف طرابلسي، و «جدة والجداويون في ذاكرة الإنسان»، لـ أ.د عبد الرزاق سليمان أحمد أبو داود، و «تاريخ جُدة من أقدم العصور حتى نهاية العهد العثماني» للأستاذ عبد الإله بن عبد العزيز باناجه، وجميعها أكدت أنها اللعبة الشعبية الأولى لأهالي جدة منذ زمن بعيد، وكانوا يتعلمونها من الصغر ويمارسونها في المناسبات البهيجة، ويحدث أحياناً مشاجرات بين خصوم يتولى شيخ الحارة وكبار رجالاتها السيطرة عليها مع العقلاء من اللاعبين، وبالفعل حدث أن أزهقت بعض الأرواح خلال اللعب، وفي العصر الحديث كان للدولة دور كبير في السيطرة على تلك الممارسات السلبية.
وعلى ما اعتقد أن غياب دور عمد وشيوخ الحارة في الوقوف على المزامير حالياً اتاح فرصة للحمقى والجهلة والصيع أن يشوهوا جوهر اللعبة، فعلى ما أذكر في صغري كنت أسمع بأشهر المزامير وعمد الأحياء الذين لا يجرؤ أحد أن يثير المشاكل في حضورهم مثل الشيخ محمود أبوداود الذي كان من أشهر لاعبي المزمار واصبح عمدة لمحلة القريات والثعالبة لنحو 25 عام، الشيخ صالح أبو الشامات عمدة الكندرة، الشيخ عمر باعيسى في حارة الشام، والشيخ جميل سلامة في البغدادية وغيرهم.
وعلى ضوء ما توصلت إليه من بحثي فإنني أشدد على أهمية الحفاظ على هذه اللعبة بجوهرها الجميل كأحد الفنون الشعبية الأصيلة بدلاً من إهمالها وتركها للجهلة والصيع والحمقى، وإبعاد أجيالنا الصاعدة عنها فيصبحون عرضة لفقدان الهوية الثقافية مع ضرورة تطويرها بما يتناسب مع تطلعاتهم بتحويلها إلى فن استعراضي ورياضي عالمي يواكب العصر الحديث ويستفاد منه اقتصادياً من خلال الفنون والصناعات والعروض المرتبطة به أسوة بما تم من تطوير لألعاب الفنون القتالية للدفاع عن النفس الـ martial arts «الكونغ فو، الكاراتيه، الجودو...الخ» التي تحولت إلى ألعاب رياضية تنافسية واستعراضية انتشرت من بلدان الشرق الأقصى للعالم، فلقد نبهني أحد الأصدقاء من خبراء «لعبة المزمار» بأنها «لعبة» وليست «رقصة» وأصلها مهارة الدفاع عن النفس بالعصا تؤدى من قبل الفتوات والأبطال لصد الهجوم من شخص أو أكثر وتسمى بـ «المقاشعة» وهي من فعل قشَعَ كقشَع القوْمَ أي فَرّقَهُمْ وأذهبهم.
كذلك تحويل الزومال «الغناء المصاحب للمزمار» إلى فن عالمي قياساً على فن غناء الراب ورقص الهيب هوب الذي غزى العالم حتى أننا أصبحنا ندرجه في الكثير من فعاليتنا المحلية بعد أن كان غناء ورقص شوارعي في أحياء مدن أمريكا الشعبية بدأه في السبعينيات الميلادية الأمريكان الأفارقة للتعبير عما يتعرضون له من عنصرية وظلم وما يعانونه من فقر وبطالة، وتطور ليصبح فن انقسم إلى نوعين نوع يسمى بالراب ما تحت الأرض أو السفلي تستخدمه عصابات الإجرام والمخدرات، وآخر إيجابي وجاد تبناه عدد من نجوم الفن، ولعب نجم البوب «مايكل جاكسون» دوراً بارزاً في ذلك حينما حوله إلى فن غناء ورقص استعراضي غزى به ثقافات العالم، فجلب منه مئات الملايين من الدولارات أضافت إلى الناتج القومي الأمريكي، فتسابقت فرق الهيب هوب الشوارعية للانضمام إلى فرق النجوم العالمية بدلاً من فرق عصابات الإجرام والمخدرات.
وبرأيي لو أن نجوم فننا السعودي الآن اهتموا بلعبة المزمار وتطويرها أسوة بما فعله رواد الفن السعودي أمثال الموسيقار طارق عبد الحكيم، الموسيقار عمر كدرس، الموسيقار د. غازي علي، الفنان لطفي زيني لكان للعبة المزمار شأن آخر.