ولا قصر فى الأعمار طول السهر
يقلب المجتمع السعودي برمته خلال الشهر الفضيل نظام النوم فيصبح النهار ليلاً والليل نهاراً . وبعد انتهاء رمضان تبدأ المعاناه من عدم القدرة على النوم قبل طلوع الفجر على الأقل تقديراً والعوده لما كانوا عليه قبل ذلك من الاستيقاظ في الصباح الباكر. يتداول حالياً الحديث في معظم المنازل والمجالس عن اضطراب النوم وتغير حالات الاستيقاظ في شوال. نستطيع تسمية مايمر به من يواجه هذه المشكلة "متلازمة جت لاق رمضان" ، وذلك لما يحدث من نمط نوم عكسي وتأثر الساعة البيولوجية للإنسان وصعوبة العودة للحياه الطبيعية.
حال معظم الناس بعد رمضان يبقون مستيقظين إلى ساعات متأخرة من الليل وينامون نهاراً. نوم غير منتظم يؤدي إلى صدمة عند العودة للأعمال بعد انتهاء إجازة العيد وضرورة الاستيقاظ في ساعات مبكرة للاستعداد للعمل. ونلاحظ البعض من الموظفين مع بدء الدوام يواجه بعض الأعراض الجسدية والنفسية كقلة النشاط والتركيز، الإعياء،تعكر المزاج، والصداع. ومن المحزن أنه لا يوجد علاج سحري لهذه المعضلة. ويختلف الأشخاص في العودة لروتينهم الطبيعي السابق، فالبعض يستغرق أسبوع والبعض شهر أو أكثر. لكن ما أود التأكيد عليه بأنه لا يوجد مايدعي للقلق فهي مرحلة وقتية وسيعود الانتظام في البرنامج اليومي بالتعود.
النوم وظيفة بيولوجيّة للجسد وله العديد من الفوائد كالحفاظ على الصحة الجسدية و النفسيّة. وهو من الاحتياجات الأساسيه التي ناقشها هرم ماسلو وركز على أهميته لتمكين الجسم من القيام بوظائفه و أداءه اليومي على أكمل وجه. وبناء على إحصائية مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية توصي الأشخاص البالغين ب 7-9 ساعات يومياً من النوم.
يتسبب السهر في الكثير من الأمراض الجسديّة بسسب التأثير السلبي على انتظام وظائف الجسد الفسيولوجية. لذلك لابد من المحافظة على ساعات النوم الموصى بها ليلاً والمحاولة لاستعادة نظام النوم الطبيعي. ومن النصائح التي يمكن الاستفادة منها هي تغيير أوقات النوم والاستيقاظ بالتدريج. كما أن التعرض للإضاءة القوية عند الاستيقاظ من داخل المنزل سيساعد في ضبط الساعة البيولوجية لأنه يخفض معدل هرمون النوم. و العوده للسنة الكونية وجعل النهار للعمل والكسب والليل للراحة والنوم كما قال تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)) -سورة النبأ- هو العلاج الأقوم.
ضللونا الشعراء عندما تغزلو بالسهر وسحر ضوء القمر، وللأسف خدعنا الشاعر عمر الخيام حين قال:
فــــما أطـــال الـنوم عـــــمراً
ولا قصر فى الأعمار طول السهر
وغررت بنا الحبيبة فيروز وامتدحت السهر حين غنت الليل مش للنوم أصل الليل للسهر.
لكن يبقى النوم هو الصديق الصدوق الذي يرمم الجسد ويجدد الخلايا ويعتني بك. لذا أناشدكم أيها الشعراء أن تصدقو القول معنا و تتغنوبالنوم.