الأديب طاهر زمخشري والابتهالات الدينية
تعتبر الابتهالات الدينية من أهم مظاهر رمضان الأدبية والفنية، ويعد الأديب الراحل طاهر زمخشري أحد أبرز الشعراء السعوديين الذين برزوا وابدعوا في هذا المجال إلى جانب ابداعاته الأدبية والفنية الأخرى، فقد تميزت قصائده الدينية بأنها من عيون الشعر العربي، وبعذوبة كلماتها ووجدانيتها وروحانيتها وموسيقية أبياتها التي أضفت عليها شاعرية مرهفة جذبت إليها كبار المنشدين والفنانين العرب، إذ قام المطرب والملحن المصري الكبير عباس البليدي في أواخر أربعينيات القرن الميلادي الماضي بتلحين وغناء قصيدته «دعاء»:
إلـهٰى خطايا ضقت ذرعا بحملها وأنت على محو الخطيئة أقدرُ
أواصل سعِيي كلُّ ما فى جوانحى ذنوبٌ وفى الخدين دمع مُحيَّرُ
فواكب بها «البليدي» في حينه كبار المنشدين المصريين مثل الشيخ طه الفشني والسيد النقشبندي.
كما شدا الفنان السعودي الكبير الجسيس سعيد أبو خشبة في منتصف الخمسينيات الميلادية بألحانه على مقام «البنجكاه» الحجازي بإحدى أشهر وأهم قصائد الزمخشري الدينية في العصر الحديث «رباه»:
رباه كفارتي عن كل معصية إني اتيت، وملء النفس إيمان
أتيت أطرق باباً كل مجترم أتاه يرجع عنه، وهو جذلان
فلاقت نجاحاً منقطع النظير في حينها وانتشرت انتشاراً واسعاً وأصبحت من الابتهالات الخالدة التي تذاع وتغنى في كافة المناسبات الدينية والاجتماعية.
وفي مطلع الستينيات استمتع عشاق الابتهالات الدينية في أرجاء الوطن العربي بروحانية ووجدانية وأحاسيس كلمات الزمخشري الدينية حينما شدت سلطانة الطرب الفنانة السورية مها الجابري الملقبة بـ"أمّ كلثوم سوريا" بقصيدته «الله أكبر» بألحان الموسيقار السوري الكبير الراحل راشد الشيخ:
بما كنت أخفي أصبح الطرف يجهر وفوق خدودي، دمعة تتحير
ذنوب طوت آماد عمري وسودت صحائف أيامي، ففاض التحسر
وقام العالم الأزهري المنشد الكفيف الشيخ محمد الفيومي بإنشاد قصيدة «النفس المؤمنة» بألحان الشيخ الكفيف مرسي الحريري لتصبح من الأناشيد الدينية الخالدة التي تناقلتها فرق الانشاد عبر السنين الى عصرنا الحالي، وشدت بها أصوات في شتى محافل الانشاد الديني في العالم.
إيه يا نفس إلى الله أنيبي ثم توبي
واذا وسوس شيطاني بإثم لا تجيبي
واذكري الله ففي صوتك تكفير ذنوبي
وثقي أن وراء الغيب علام الغيوب
وهو الله
ومع الحاجة إلى ابتهالات دينية لموسم رمضان 1401هـ/1981م قامت إذاعة جدة بإعداد برنامج رمضاني تضمن ابتهالات دينية من قصائد الزمخشري أداها على طريقة المجس فنان الشباب القدير علي عبد الكريم منها:
إلهي خطايا ضقت ذرعاً بحملها وأنت لها باللطف تمحو وتغفر
رحمت فلم أقصر فعادت خطيئتي علي بهم وهو للنفس يهصروا
وعلى ضوء النجاح الذي حققته تلك الابتهالات استمر البرنامج في رمضان 1402هـ/1982م فرسخ في قلوب عشاق الابتهالات ابداعات قصائد الزمخشري الدينية.
وبرحيل الزمخشري في 1407هـ/1987م تاركاً خلفه ذلك الإرث الأدبي بما فيه ديوان شعري لم ينشر خاص برمضان «دعاء السحر» شهدت الابتهالات والأناشيد الدينية تراجعاً في المعاني والكلمات فالكثير منها تحول من عيون الشعر العربي إلى مجرد كلمات أناشيد دينية تفتقر إلى العذوبة والوجدانية والروحانية وغير جاذبة لكبار الفنانين.
وأمام هذا الوضع بادر فنان العرب محمد عبده عام 1431هـ/2010م بإحياء قصيدة «رباه» بتوزيع جديد فاستعادت شهرتها لتصبح أحد أشهر الابتهالات الدينية رواجاً في الفضائيات والإذاعات العربية في المواسم والفترات الدينية.
كما قامت فرقة الإنشاد الديني المصرية العالمية بإحياء قصيدة «النفس المؤمنة» في العام 2013م في حفل أقامته على مسرح معهد الموسيقى العربية بالقاهرة مع مجموعة من الابتهالات الدينية الأخرى بقيادة المايسترو عمر فرحات، واستمرت الفرقة في تقديمها ضمن حفلاتها داخل وخارج مصر، أخرها حفلها الإنشادي على مسرح الجمهورية في 09 فبراير 2019م بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام.
ولابد من الإشادة بتلك المبادرات التي أحيت تلك القصائد الدينية الرائعة للزمخشري في ظل تراجع القوة الابداعية للإنشاد الديني، ومما يؤخذ على فرقة الإنشاد هو نسبة «النفس المؤمنة» إلى ملحنها الشيخ مرسي الحريري بصفتها من الابتهالات الدينية التراثية المصرية بدلاً من نسبتها إلى صاحبها الأديب طاهر زمخشري، على العكس مما فعله محمد عبده الذي نسب أبيات قصيده «رباه» إلى صاحبها الزمخشري.
ومن هنا أتوجه إلى الجهات المعنية بحقوق الملكية الفكرية في بلادنا باستعادة الأعمال التراثية السعودية المنتشرة في أرجاء الوطن العربي وتوثيقها لأصحابها، وتحفيز الفنانين السعوديين على إحياء قصائد الشعراء السعوديين الدينية وتطويرها للارتقاء بفن الابتهال والإنشاد الديني السعودي المعاصر إلى مصاف الإنشاد الديني العالمي.
إلـهٰى خطايا ضقت ذرعا بحملها وأنت على محو الخطيئة أقدرُ
أواصل سعِيي كلُّ ما فى جوانحى ذنوبٌ وفى الخدين دمع مُحيَّرُ
فواكب بها «البليدي» في حينه كبار المنشدين المصريين مثل الشيخ طه الفشني والسيد النقشبندي.
كما شدا الفنان السعودي الكبير الجسيس سعيد أبو خشبة في منتصف الخمسينيات الميلادية بألحانه على مقام «البنجكاه» الحجازي بإحدى أشهر وأهم قصائد الزمخشري الدينية في العصر الحديث «رباه»:
رباه كفارتي عن كل معصية إني اتيت، وملء النفس إيمان
أتيت أطرق باباً كل مجترم أتاه يرجع عنه، وهو جذلان
فلاقت نجاحاً منقطع النظير في حينها وانتشرت انتشاراً واسعاً وأصبحت من الابتهالات الخالدة التي تذاع وتغنى في كافة المناسبات الدينية والاجتماعية.
وفي مطلع الستينيات استمتع عشاق الابتهالات الدينية في أرجاء الوطن العربي بروحانية ووجدانية وأحاسيس كلمات الزمخشري الدينية حينما شدت سلطانة الطرب الفنانة السورية مها الجابري الملقبة بـ"أمّ كلثوم سوريا" بقصيدته «الله أكبر» بألحان الموسيقار السوري الكبير الراحل راشد الشيخ:
بما كنت أخفي أصبح الطرف يجهر وفوق خدودي، دمعة تتحير
ذنوب طوت آماد عمري وسودت صحائف أيامي، ففاض التحسر
وقام العالم الأزهري المنشد الكفيف الشيخ محمد الفيومي بإنشاد قصيدة «النفس المؤمنة» بألحان الشيخ الكفيف مرسي الحريري لتصبح من الأناشيد الدينية الخالدة التي تناقلتها فرق الانشاد عبر السنين الى عصرنا الحالي، وشدت بها أصوات في شتى محافل الانشاد الديني في العالم.
إيه يا نفس إلى الله أنيبي ثم توبي
واذا وسوس شيطاني بإثم لا تجيبي
واذكري الله ففي صوتك تكفير ذنوبي
وثقي أن وراء الغيب علام الغيوب
وهو الله
ومع الحاجة إلى ابتهالات دينية لموسم رمضان 1401هـ/1981م قامت إذاعة جدة بإعداد برنامج رمضاني تضمن ابتهالات دينية من قصائد الزمخشري أداها على طريقة المجس فنان الشباب القدير علي عبد الكريم منها:
إلهي خطايا ضقت ذرعاً بحملها وأنت لها باللطف تمحو وتغفر
رحمت فلم أقصر فعادت خطيئتي علي بهم وهو للنفس يهصروا
وعلى ضوء النجاح الذي حققته تلك الابتهالات استمر البرنامج في رمضان 1402هـ/1982م فرسخ في قلوب عشاق الابتهالات ابداعات قصائد الزمخشري الدينية.
وبرحيل الزمخشري في 1407هـ/1987م تاركاً خلفه ذلك الإرث الأدبي بما فيه ديوان شعري لم ينشر خاص برمضان «دعاء السحر» شهدت الابتهالات والأناشيد الدينية تراجعاً في المعاني والكلمات فالكثير منها تحول من عيون الشعر العربي إلى مجرد كلمات أناشيد دينية تفتقر إلى العذوبة والوجدانية والروحانية وغير جاذبة لكبار الفنانين.
وأمام هذا الوضع بادر فنان العرب محمد عبده عام 1431هـ/2010م بإحياء قصيدة «رباه» بتوزيع جديد فاستعادت شهرتها لتصبح أحد أشهر الابتهالات الدينية رواجاً في الفضائيات والإذاعات العربية في المواسم والفترات الدينية.
كما قامت فرقة الإنشاد الديني المصرية العالمية بإحياء قصيدة «النفس المؤمنة» في العام 2013م في حفل أقامته على مسرح معهد الموسيقى العربية بالقاهرة مع مجموعة من الابتهالات الدينية الأخرى بقيادة المايسترو عمر فرحات، واستمرت الفرقة في تقديمها ضمن حفلاتها داخل وخارج مصر، أخرها حفلها الإنشادي على مسرح الجمهورية في 09 فبراير 2019م بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام.
ولابد من الإشادة بتلك المبادرات التي أحيت تلك القصائد الدينية الرائعة للزمخشري في ظل تراجع القوة الابداعية للإنشاد الديني، ومما يؤخذ على فرقة الإنشاد هو نسبة «النفس المؤمنة» إلى ملحنها الشيخ مرسي الحريري بصفتها من الابتهالات الدينية التراثية المصرية بدلاً من نسبتها إلى صاحبها الأديب طاهر زمخشري، على العكس مما فعله محمد عبده الذي نسب أبيات قصيده «رباه» إلى صاحبها الزمخشري.
ومن هنا أتوجه إلى الجهات المعنية بحقوق الملكية الفكرية في بلادنا باستعادة الأعمال التراثية السعودية المنتشرة في أرجاء الوطن العربي وتوثيقها لأصحابها، وتحفيز الفنانين السعوديين على إحياء قصائد الشعراء السعوديين الدينية وتطويرها للارتقاء بفن الابتهال والإنشاد الديني السعودي المعاصر إلى مصاف الإنشاد الديني العالمي.