قطر والشعور بالقوة الزائفة
من وجهة نظري أن على قطر أن تبتعد عن الإحساس المتعاظم بذاتها ، هذه الدويلة منحها الحليف التركي إحساسا متضخما بذاتها وجعلها في صدام مع اشقاءها وأبناء لحمتها ، بغض النظر عن الاختلاف في التوجهات السياسية ينبغي ان تفسر قطر اَي اتجاه نحو التصالح معها تفسيرا عقلانيا واخلاقيا بدلا من رفع مظلمة الحصار عليها او التعالي بكونها أضحت قوية الى الحد الذي دفع اشقاءها لمصالحتها، تركيا التي تعتقد انها تدير سياسة ذكية في مواجهة مخططات خطرة وان على جميع المسلمين واولهم العرب ان يدخلوا بيت الطاعة والنظر الى العلاقات الدولية والسياسة الخارجية وفق منظور السيد التركي ذي النزعة الارطغرلية الذي يفهم كل شيء ويحدد الصواب والخطأ وان أخطاءه صوابا ينبغي اتباعه كي يفني الخونة ويبني دولة الأتراك .!
استطاع الأتراك الحديثون تطويع الوعي العربي وتلقينه عبر المسلسلات أسس الطاعة والانقياد للعرق التركي الذي لن يتحقق انتصارا بدونه المهموم بالحفاظ على نسله كي لا يجف والباحث عن الارض الخصبة لأجياله القادمون ، الذي يضرب مخلبه في ارض الآخرين بالقوة والجسارة وبهذا تصبح وطنا تركيا لا يحكمه الا السيد التركي فيما اصحاب الارض اتباعا يمن عليهم هذا السيد بإحسانه وخيره وحمايته وكل من عارضه فهو خائن لا يستحق وطنه الذي احتله السيد التركي وأصبح وطنا له بالقوة هكذا يقول مسلسل ارطغرل الذي يستعطف وجداننا بكلمات إسلامية ليمرر في لا وعينا تفوق التركي وأصالته وشرفه الرفيع وتميزه العرقي المختلف .
ان مسلسل ارطغرل لا يصور حقيقة الشخصية التاريخية كما هي بورعها وتقواها وتواضعها وعدم استبدادها وعنصريتها وان الذكاء الفردي هو حصيلة وعي اجتماعي غير خاضع أو ملغيا لعقله تحت دعوى المؤامرات والتحديات .
ان العقل وسيلة ترشدنا الى وعي الأمور المختلفة بشكل سليم ، المسلسلات التركية ليست معيارًا تربويا حقيقيا ان يكون المرء ذكيا هذا يعني ان الامر يتطلب وعيا بحقيقة قيمة وحقيقة غيره أيضا ، أنا لا اعتمد عليها في نظرتي للحياة والنَّاس الا بقدر ضئيل ، انها ترسخ مبدأ الاستبداد الذي يجعل من الفرد مادة قداسة مطلقة ومصدر الحقيقة الأوحد ومخزن معرفة كل شيء ، إن بطولات الناس العاديين تتحول الى امتياز خاص به وحده والى انه مصدر الهامهم الذي ما كانوا بمقدورهم القيام به لولاه ، نحن نحترم الأتراك لكننا للأسف نمهد لهم السبيل الى الاستيلاء على عقولنا ووجداننا وإخراجنا من الندية القائمة على منطق التعادل الحر الواعي بذات القيم المشتركة التي نؤمن بها الى التبعية الخاضعة التي تستسيغ منطق الخطأ بوصفه حقيقة صدرت من سيد لا يخطيء مطلقا فالصواب الذي نحن عليه خطأ يراه ما لم يكن هو مصدره وما لم تكن ذاتيته هي المقصد في ذلك الصواب .
إن قطر في تشكيلة جغرافيا المنطقة أشبه بالدودة الزائدة في الجسم محتقنة بالسموم وتسبب الألآم ليس لانها مهمة ولكنها أضحت خطرة قد تؤدي الى اسوء المضاعفات فيما لو لم يتم استئصالها .