الحاجة لتطوير خدمات ذوي الإعاقة على الرحلات
تلقيت رسالة من الزميل الكفيف الأستاذ أنور النصار المدير التنفيذي لجمعية كفيف بالرياض انتقد فيها «وجبة الراكب الكفيف» التي ذكرتها في مقالي «الخطوط السعودية وفعاليات ذوي الإعاقة القادمة» لما فيها من تمييز ضد المسافر الكفيف عن المسافرين الآخرين.
واتفق معه في ذلك، فتخصيص خدمة وجبات خاصة بالمكفوفين على الرحلات يكرس فصلهم عن المجتمع ويخالف التوجهات العالمية في دمجهم ومساواتهم بالآخرين، هذا ما خلصت إليه من دراسة أجريتها عام 1994م بالسفر بمفردي كمعاق بصرياً على الخطوط البريطانية إلى أمريكا والتنقل بالقطارات بين بعض مدنها وزيارة مركز اللايت هاوس لخدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل بنيويورك، بهدف تطوير الفكرة بحكم ارتباطي بها منذ تقديمي لها وحتى تنفيذها على الخطوط السعودية في عام 1992م إبان عملي بها. فتغيرت وجهة نظري تجاهها وكتبت بدلاً عنها فكرة اسميتها «العناية الجوية بالإعاقة البصرية» طرحت فيها توحيد طريقة عرض وجبات الطعام على الرحلات لتصبح ملائمة لظروف عموم المسافرين بدلاً من توفير وجبات خاصة بذوي الإعاقة، فالصينية والوجبات المقدمة على الرحلات تراعي تناسق الألوان والتجميل لفتح الشهية وإشباع العين وقد لا تلائم ظروف الركاب المعاقين، المرضى، كبار السن، الأمهات اللاتي يحملن أطفال في حجورهن...الخ. بالإضافة إلى تقديم مقترحات لتحسين ظروف الرؤية لعموم المسافرين خصوصاً في حالات الطوارئ مثل تسرب الضغط الجوي أو الهبوط الاضطراري التي قد تسبب عجزاً بصرياً للركاب بسبب وجوب خلع نظاراتهم، وكثافة الضباب، الدخان، الحريق..الخ، وبقيت تلك الفكرة قيد أدراجي طيلة هذه الفترة وسأنشرها بإذن الله في الطبعة الثانية من مؤلفي القادم «حصاد الظلام».
وقياساً على ارتفاع نسبة المعاقين في بلادنا وازدياد احتياجاتهم للسفر لأسباب مختلفة أرى أنه من الضروري الآن مراجعة وتقييم خدمة «وجبة الراكب الكفيف» وعامة خدمات المسافرين ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة على الرحلات، والعمل على تطويرها بهدف تحسين ظروف سفرهم بالاعتماد الذاتي بأقصى حد ممكن بكل يسر وسهولة بما يتفق مع أنظمة وإجراءات الخدمة والسلامة الجوية واتفاقية «حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» التي انضمت إليها المملكة العربية السعودية في 24/06/2008م.
فخدمة «وجبة الراكب الكفيف» بنيت على في الأساس على دراسة عملت فيها مع فريق عمل مكون من إدارة جهاز الطعام، والتجهيز، والتموين، وإجراءات الخدمة الجوية، تم خلالها زيارة ميدانية لمعهد النور بمكة المكرمة مطلع العام 1992م واستطلاع آراء منسوبيه من المكفوفين عن الصعوبات التي تواجههم أثناء السفر وتمثلت في « الوصول إلى الموظف في صالة المطار والانتقال إلى الطائرة، أماكن الجلوس داخل المقصورة، صينية الوجبة، إيجاد الحقائب والأمتعة في محطة الوصول» ثم الاطلاع على انظمة وإجراءات الطعام في القسم الداخلي للمعهد والخروج بمقترحات لمعالجة تلك المشاكل، وتنظيم ورشة بمطبخ التجارب في تموين السعودية بحضور فريق عمل الدراسة ونخبة من الطُّهاة حيث تم إعداد فكرة وجبة الطعام للراكب الكفيف روعي فيها تمكين الكفيف من الاستمتاع بتناول الوجبة بالاعتماد على نفسه من خلال تقديم لائحة طعام مكتوبة بطريقة برايل توضح أسماء ومواقع محتويات الصينية حسب عقارب الساعة، وإعداد وجبات اللحوم أو السمك دون عظم أو شوك، وأنواع السلطات والحلويات بطريقة وأحجام سهلة التناول باليد، وتقديم منديل قماشي مع الصينية لوقاية الثياب من الأطعمة، وتوفير بطاقة إرشادات السلامة على الطائرة ومجلة بطريقة برايل بالتعاون مع المكتب الإقليمي للجنة الشرق الأوسط لشؤون المكفوفين بالرياض، وخصص للخدمة رمزًا في أنظمة الحجز الآلي بالخطوط السعودية وإشعار الاتحاد العالمي لتموين الطائرات «IFCA» والاتحاد العالمي للخدمة الجوية «IFSA» بها لاعتمادها. وتم وعرضها في المؤتمر السنوي للاتحاد العالمي لتموين الطائرات «IFCA» على إثره نالت الخطوط السعودية جائزة «ميركري» في العام 1992م وهي أرفع الجوائز مرتبة في مجال التموين الغذائي للطائرات وذلك مكافأة للابتكار الإبداعي والجهود المتميز للفكرة من حيث درجة الإبداع والابتكار والإضافة ومستوى الجودة وفاعليه التطبيق للفكرة التي أدت إلى تحسين وترقية مستوى الخدمة وتحقيق أثر إيجابي في اقتصادياتها وتعزيز المستوى الصحي ورضا العميل، وقال عنها رئيس هيئة التحكيم آنذاك "إن إبداع السعودية في ابتكار هذه الخدمة ينقل مهام «إفكا IFCA» من مجرد تقديم وجبات طعام على رحلات شركات الطَّيران فقط، بل يُضاعف نطاق المسؤولية الإجتماعية للمنظمة تجاه هذه الفئات من المُسافرين"، وفي العام 1993م نالت جائزة الإتحاد العالمي للخدمة الجوية IFSA، وجائزة مجلة On-board Service Magazine عن أفضل صورة خدمة طعام على الرحلات.
وبحكم أن الذي تبنى الفكرة إدارتي جهاز الطعام والتموين فقد تم تنفيذ الشق المتعلق بخدمة الطعام وبقي ما لم ينفذ من الفكرة وهو تدريب العاملين على مهارة التعامل مع المكفوفين وترميز الأمتعة والحقائب واختيار أمكان جلوسهم في المقصورة بعيداً عن ضوضاء المحركات مراعاة لحاسة السمع التي يعتمد عليها الكفيف في التواصل، وسهولة الوصول إلى أبواب الطوارئ ودورات المياه.
واعتقد أنه في حال قيام الخطوط السعودية بتطبيق نفس الآلية التي اتبعت في بلورة خدمة وجبة الراكب الكفيف لتطوير خدمات المسافرين من ذوي الإعاقة من حيث تشكيل فريق عمل من كافة الإدارات المعنية بخدمات المسافرين واستطلاع آراء ومقترحات شريحة من ذوي الإعاقة وبلورتها في منظومة خدمات سفر متكاملة تشمل صالات المطار والطائرة فإنها ستقدم خدمة نموذجية لذوي الإعاقة تعزز ريادة الخطوط السعودية في هذا المجال.
واتفق معه في ذلك، فتخصيص خدمة وجبات خاصة بالمكفوفين على الرحلات يكرس فصلهم عن المجتمع ويخالف التوجهات العالمية في دمجهم ومساواتهم بالآخرين، هذا ما خلصت إليه من دراسة أجريتها عام 1994م بالسفر بمفردي كمعاق بصرياً على الخطوط البريطانية إلى أمريكا والتنقل بالقطارات بين بعض مدنها وزيارة مركز اللايت هاوس لخدمات الإعاقة البصرية وإعادة التأهيل بنيويورك، بهدف تطوير الفكرة بحكم ارتباطي بها منذ تقديمي لها وحتى تنفيذها على الخطوط السعودية في عام 1992م إبان عملي بها. فتغيرت وجهة نظري تجاهها وكتبت بدلاً عنها فكرة اسميتها «العناية الجوية بالإعاقة البصرية» طرحت فيها توحيد طريقة عرض وجبات الطعام على الرحلات لتصبح ملائمة لظروف عموم المسافرين بدلاً من توفير وجبات خاصة بذوي الإعاقة، فالصينية والوجبات المقدمة على الرحلات تراعي تناسق الألوان والتجميل لفتح الشهية وإشباع العين وقد لا تلائم ظروف الركاب المعاقين، المرضى، كبار السن، الأمهات اللاتي يحملن أطفال في حجورهن...الخ. بالإضافة إلى تقديم مقترحات لتحسين ظروف الرؤية لعموم المسافرين خصوصاً في حالات الطوارئ مثل تسرب الضغط الجوي أو الهبوط الاضطراري التي قد تسبب عجزاً بصرياً للركاب بسبب وجوب خلع نظاراتهم، وكثافة الضباب، الدخان، الحريق..الخ، وبقيت تلك الفكرة قيد أدراجي طيلة هذه الفترة وسأنشرها بإذن الله في الطبعة الثانية من مؤلفي القادم «حصاد الظلام».
وقياساً على ارتفاع نسبة المعاقين في بلادنا وازدياد احتياجاتهم للسفر لأسباب مختلفة أرى أنه من الضروري الآن مراجعة وتقييم خدمة «وجبة الراكب الكفيف» وعامة خدمات المسافرين ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة على الرحلات، والعمل على تطويرها بهدف تحسين ظروف سفرهم بالاعتماد الذاتي بأقصى حد ممكن بكل يسر وسهولة بما يتفق مع أنظمة وإجراءات الخدمة والسلامة الجوية واتفاقية «حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» التي انضمت إليها المملكة العربية السعودية في 24/06/2008م.
فخدمة «وجبة الراكب الكفيف» بنيت على في الأساس على دراسة عملت فيها مع فريق عمل مكون من إدارة جهاز الطعام، والتجهيز، والتموين، وإجراءات الخدمة الجوية، تم خلالها زيارة ميدانية لمعهد النور بمكة المكرمة مطلع العام 1992م واستطلاع آراء منسوبيه من المكفوفين عن الصعوبات التي تواجههم أثناء السفر وتمثلت في « الوصول إلى الموظف في صالة المطار والانتقال إلى الطائرة، أماكن الجلوس داخل المقصورة، صينية الوجبة، إيجاد الحقائب والأمتعة في محطة الوصول» ثم الاطلاع على انظمة وإجراءات الطعام في القسم الداخلي للمعهد والخروج بمقترحات لمعالجة تلك المشاكل، وتنظيم ورشة بمطبخ التجارب في تموين السعودية بحضور فريق عمل الدراسة ونخبة من الطُّهاة حيث تم إعداد فكرة وجبة الطعام للراكب الكفيف روعي فيها تمكين الكفيف من الاستمتاع بتناول الوجبة بالاعتماد على نفسه من خلال تقديم لائحة طعام مكتوبة بطريقة برايل توضح أسماء ومواقع محتويات الصينية حسب عقارب الساعة، وإعداد وجبات اللحوم أو السمك دون عظم أو شوك، وأنواع السلطات والحلويات بطريقة وأحجام سهلة التناول باليد، وتقديم منديل قماشي مع الصينية لوقاية الثياب من الأطعمة، وتوفير بطاقة إرشادات السلامة على الطائرة ومجلة بطريقة برايل بالتعاون مع المكتب الإقليمي للجنة الشرق الأوسط لشؤون المكفوفين بالرياض، وخصص للخدمة رمزًا في أنظمة الحجز الآلي بالخطوط السعودية وإشعار الاتحاد العالمي لتموين الطائرات «IFCA» والاتحاد العالمي للخدمة الجوية «IFSA» بها لاعتمادها. وتم وعرضها في المؤتمر السنوي للاتحاد العالمي لتموين الطائرات «IFCA» على إثره نالت الخطوط السعودية جائزة «ميركري» في العام 1992م وهي أرفع الجوائز مرتبة في مجال التموين الغذائي للطائرات وذلك مكافأة للابتكار الإبداعي والجهود المتميز للفكرة من حيث درجة الإبداع والابتكار والإضافة ومستوى الجودة وفاعليه التطبيق للفكرة التي أدت إلى تحسين وترقية مستوى الخدمة وتحقيق أثر إيجابي في اقتصادياتها وتعزيز المستوى الصحي ورضا العميل، وقال عنها رئيس هيئة التحكيم آنذاك "إن إبداع السعودية في ابتكار هذه الخدمة ينقل مهام «إفكا IFCA» من مجرد تقديم وجبات طعام على رحلات شركات الطَّيران فقط، بل يُضاعف نطاق المسؤولية الإجتماعية للمنظمة تجاه هذه الفئات من المُسافرين"، وفي العام 1993م نالت جائزة الإتحاد العالمي للخدمة الجوية IFSA، وجائزة مجلة On-board Service Magazine عن أفضل صورة خدمة طعام على الرحلات.
وبحكم أن الذي تبنى الفكرة إدارتي جهاز الطعام والتموين فقد تم تنفيذ الشق المتعلق بخدمة الطعام وبقي ما لم ينفذ من الفكرة وهو تدريب العاملين على مهارة التعامل مع المكفوفين وترميز الأمتعة والحقائب واختيار أمكان جلوسهم في المقصورة بعيداً عن ضوضاء المحركات مراعاة لحاسة السمع التي يعتمد عليها الكفيف في التواصل، وسهولة الوصول إلى أبواب الطوارئ ودورات المياه.
واعتقد أنه في حال قيام الخطوط السعودية بتطبيق نفس الآلية التي اتبعت في بلورة خدمة وجبة الراكب الكفيف لتطوير خدمات المسافرين من ذوي الإعاقة من حيث تشكيل فريق عمل من كافة الإدارات المعنية بخدمات المسافرين واستطلاع آراء ومقترحات شريحة من ذوي الإعاقة وبلورتها في منظومة خدمات سفر متكاملة تشمل صالات المطار والطائرة فإنها ستقدم خدمة نموذجية لذوي الإعاقة تعزز ريادة الخطوط السعودية في هذا المجال.