المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024
أ. د. عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري
أ. د. عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري
أ. د. عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري

المسلسلات التاريخية





الأمم كلها في عصر التلفزيون والافلام والأنترنت تحاول العودة إلى تراثها لتصوغه للأجيال حتى يطلع عليه الأحفاد, وتحاول كل الأمم أن تلمع تاريخها, بل وتخترع تاريخًا من العدم في بعض الأحيان, لتصور للناس أنها تعود في أصولها إلى أمم ذات حضارة وعلم وقوة, وما تنتجه هوليود وشركات الإنتاج العالمية من أفلام لرعاة البقر أو لأمم اليونان والرومان ولفترات تاريخهم المختلفة يأتي من قبيل التمجيد للتاريخ الأوروبي وما يتبعه من حضارة غربية أمريكية أو غيرها, وهم في هذا السبيل يبذلون الأموال الطائلة ويستخدمون العقول الجبارة لإخراج هذه النوعية من الأفلام أو المسلسلات التي تهدف لتلميع ماضيهم, وليبروزا للأمم قاطبة أنهم من أهل الحضارة, وسواء كانت تلك حقيقة أم تزييف إلا أنهم يحاولون السيطرة على الماضي وطريقة عرضه كما سيطروا على الحاضر.
وفي الأمة الإسلامية والعربية هناك محاولات نادرة لإنتاج مسلسلات تلفزيونية تعالج بعض القضايا التاريخية وأكثر ما تبرز تلك المسلسلات والأفلام في شهر رمضان أكثر من غيرها, والحكم على تلك المسلسلات والأفلام يصعب أن يكون إجماليًا, ولكن من الملاحظ افتقاد الكثير منها إلى مرجعيات المختصين من المؤرخين, وبالتالي يقع الكثير من هذه المسلسلات في أخطاء وتشويه للحقائق التاريخية, أو صياغة بعيدة عن الواقع كربط المسلسل أحيانًا بقصة غرام, أو تزييف حقائق تاريخية بأهداف مختلفة, وتستغرب كيف تصاغ بهذا التشويه المتعمد, فإدخال قصص الحب في المسلسلات لا نراه إلا في المسلسلات العربية, بينما نجد قصصًا جادة وواقعية عند الآخرين, ومن المفترض في منتجي تلك المسلسلات أن يعودوا لأهل الاختصاص لأخذ الفكرة والمراجعة والتصحيح. كما يستفاد من كُتَّاب الحوار والسيناريو, إلا أنه ينبغي التأكد على المراجعات التاريخية العلمية لمثل هذه المسلسلات كما يفترض في محطات التلفزيون الخليجية وهي المستهلك الأول لهذا النوع من الإنتاج التلفزيوني أن تشترط على المنتجين, مراجعة المختصين لمثل هذه المسلسلات قبل إنتاجها.
وكما يخسر المنتجون على الماكياج والملابس والديكورات آلاف الدولارات فإن من الأولى قبل كل ذلك بذل المال في تصحيح العمل وتنقيحه أولاً وهذا ليس صعبًا وليس كثيرًا بل هو أول الخطوات التي ينبغي القيام بها.
وأنا هنا لا أدعو للحد من هذه المسلسلات بل على العكس أدعو للتكثيف منها ولكن بالشروط السليمة للرواية والقصة الصحيحة, وبالشروط الفنية الممتازة التي تخرج العمل جيدًا ومحببًا للأجيال حتى يمكن ربطهم بتاريخهم المجيد الذي لا يوجد عند أي أمة من الأمم الأخرى مثيلاً له وأن تكون تلك المسلسلات وسائل بناء وتحبيب للأجيال في ماضيها مما يساعد على بناء حاضرها.
بواسطة : أ. د. عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري
 0  0  13.3K