العين لا تعلو على الحاجب

تروقني غالبا أمثالنا العربية و أتمعن في قصصها فلكل مثل قصة و يُقال أن قصة هذا المثل أن القاضي زين الدين الخراط يمدح حاجب رأس العين من أعمال بعلبك عندما التحق بمنصبه سنة 807 هـ

نزلت على العين التي أنت نورها فمنها ومن كفيك تصفو المشارب
علوت عليها حين وليت حاجباً ولا عجب يعلو على العين حاجب
كنوا عن نفس الانسان بـ (العين)، وعن الأقارب بـ (الحاجب) ولا شك أن الحاجب أعلى من العين، ولذا لا يمكن أن تكون العين أعلى منه و يضرب هذا المثل لاستنكار استعلاء إنسان على أحد و أيضا للدلالة على محبتك لغيرك و تقديرك لمكانته لديك و أن مكانته عالية ثابتة في قلبك و فكرك و حياتك . يتمثل به لإظهار الاحترام و التقدير( و أحيانا يُستخدم للإحباط و الاستنكار لكنني أتحدث عن الوجه الإيجابي للمثل ) .. وكثيرا ما قلتُ هذا المثل لمعلماتي حين كن يمدحنني و أيضا كنت أسمعه من صديقاتي و هن يطرين أمهاتهن و عماتهن و خالاتهن ..إلخ .
جعل الله الحاجب حماية للعين من الأخطار و مجملا للوجه و قد سار هذا المثل كثيرا في الأعمال الفنية في المسلسلات و التمثيليات و حتى الأغنيات .. ومن الجميل أن نذكر المثل أمام علمائنا و كبارنا و أحبابنا فهذه الكلمات القليلة تترك أثرا سحريا في أنفس من نقوله لهم و تقر أعينهم بأن فضلهم علينا لن يضيع هدرا و أن ما قدّموه لنا هو محل تقدير و محفوظ في القلب قبل العقل .
مَن منكم يذكر متى قال هذا المثل آخر مرة ؟ و لمن قاله ؟ حين تعود بك الذاكرة لذاك الحين ستجد السعادة تملأ قلبك و ترتسم ابتسامة الرضا على مُحيّاك و يتعود لتتذكر مواقف لا تُنسى لذاك الشخص الذي قلت المثل له و سيكون قولك أجمل إن رافقته ابتسامة منك ..و أما من قلت له فسيتحفظ بهذا الموقف في قلبه قبل عقله و سيشكر الله تعالى أن معروفه لم يضع هدرا و ستجد منه ابتسامة مماثلة و كلاما يطريك .
ولكل إنسان منا غوالي على قلبه هؤلاء هم بؤبؤ العين و هدبها و اجبها فإن كانت أمي هي بؤبؤ عيني الذي أبصرت به النور وكانت أخواتي أهداب عيني و حياتي و سبب جمال دنيتي فإن إخوتي هو حاجبي و فخري و سندي ..فاللهم أسعدهم و احفظ لكل عين غواليها .