و أي الناس تصفو مشاربه ؟
* متقلبةٌ هي حياتنا حافلةٌ بكل التناقضات بل لا يكاد ينجو من تناقضها* أحدٌ : ضحك و بكاء ، فقر* و رخاء ، صحة وعناء ، سفر بل هجر وبقاء ..تعودت قلوبنا على كل جديد* ولو لم يكن بالحسبان .. فهذا كان آمنا في عمله و إذ به خارج حسابات الشركة ، و ذاك كان مطمئنا فإذا به يغسل كلى أو يجري عملية قلب* مفتوح فسبحان الله مقلّب الأحوال و القلوب .
*يقول المفكرون إن قوة وصلابة الشخص لا تقاس بقوة قبضته أو عضلاته بل بمقدار تحمله للمتغيرات و الصدمات ..فعوّدوا* أولادكم و اعتادا معهم على تحمّل تقلبات الحياة كما تحمّلها أولو العزم من الرسل ..فحين تعاشر يشرا توقع منهم أن يقلبوها حياتك في أي لحظة .
*** لسنا في عصر الصحابة –رضوان الله عليهم – و لسنا في مدينة أفلاطون الفاضلة .. إنما نحن في عالم متغيّر كل دقيقة مفتوح على فضاء العالم ومّن حولك في عملك أو شارعك أو بيتك أو جامعتك أو مدرستك سيتأثر حتما بمتغيرات العالم فكن فطنا مستعدا لأي تغيير في الأقوال أو السلوك .
يقول شاعرنا المخضرم (الأموي و العباسي ) بشار بن برد
*
إذا كنتَ في كل الأمور معاتبا**** *****صديقَك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
*
فعشْ واحدا أو صل أخاك فإنه**** ******مقارفُ ذنبٍ مرة ومجانبه
*
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى* **ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه ؟
حكمة رائعة تتلخص في هذه الأبيات : لن تجد صديقا خاليا من الخطأ فلا تكثر عتاب صديقك فإن أصررت على البحث عن إنسان بلا خطأ* فلن تجد ...و إن أصررت على العتاب فلن يبق معك من تعاتبه و ختمها بتشبيه بليغ بصورة حكمة : أن العلاقات البشرية* يسودها (القذى ) الخطأ .. فإن لم تشرب من الماء الذي عليه القذى ( أي لم تحسن معاملة من يخطئ ) فستبقى عطشان طوال عمرك ..وكل البشر مثلك* لا تصفو مشاربهم .