أضغاث أحلام
مَن منّالم تزره الأحلامُ يوما؟ومّن منّا لم يسأل عالما أو شيخا عن تفسير لحلم ؟
كثير منّا يحلمون بالواقع و بالمنام ، أحلام الواقع جميلة فكلنا نطمح لتحقيق رؤانا* و نكد و نجتهد في سبيلها بل و نعلم صغارنا أن يضعوا لهم أحلاما نسميها أهداف ليسعوا إلى تحقيقها .
أما أحلام المنام فهي مقسومة بسكين القدر ، فبعضها جميل مريح هادئ يريح القلب فتقوم من نومك و أنت مسرور* ، أما القسم الآخر* فيعتبر كوابيسَ لأنه يحتوي على منغصات و آلام
بعضنا لا يعير أحلام المنام اهتماما و بعضنا يوليها جل عنايته فأيهما على الطريق الصحيح ؟
قد يلومنا بعض أصدقائنا حين نتحدث عن تفسير الأحلام لكن للموضوع وجه شرعي* سُئل الإمام ابن بازر يرحمه الله* ( هل تجوز قراءة كتب تفسير الأحلام، والاعتبار بما فيها؟ ) فأجاب ((** لا أعلم حرجاً في قراءة كتب التفسير، ابن سيرين وغيره، كتب الأحلام يستفيد منها طالب العلم، لكن لا يعتمد عليها بل بالأدلة، لابد ينظر إلى الأدلة، ويتعلم، وينظر القرائن، وإذا أشكل عليه لا يجزم، يقول: لعل المراد كذا، إذا رأى رؤيا طيبة، حمد الله عليها، مثل رأى أنه يتفقه في الدين، رأى أنه دخل الجنة، هذا يحمد الله على ذلك، رأى أنه بار بوالديه، رأى أنه يحافظ على الصلوات، كل هذا خير، يحمد الله على ذلك
فإن رأى ما يكره، كأن يرى أنه سقط في بئر، أو أنه قتل، أو أنه يشرب الخمر، أو ما أشبه ذلك، هذه من الشيطان
، إذا رأى أمره النبي ﷺ أن يتفل عن يساره ثلاثًا، ويقول
أعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأيت -ثلاث مرات- ثم ينقلب على جنبه الآخر؛ فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدًا))
إذن* فلا يضعُ أحدنا –مع قلة علمه الشرعي – في موضع ابن سيرين و يفسر وفق هواه فيقول هذه رؤيا و ذاك كابوس .
*
سألتني صديقتي و هي كثيرة الأحلام : بم تفسري كثرة أحلامي ؟* صمتت فلا علم لي* بهذا الباب و قلت لها :حين تنهضي من نومك فاحمدي الله تعالى ولا تعكري* أنفاس الصباح بهموم أمسك و اعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك و أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك –كما قال الرسول* صلى الله عليه و سلم – تمتعي *بيومك و إشراقة أملك و ابذلي كل جهدك في تحقيق أهدافك كوني منبعا للتفاؤل و لا تعيشي الماضي* بحزنه و كربه ..دعي الماضي لما مضى و افتحي عين قلبك للمستقبل فما زال في العمر بقية للطاعات و الاستغفار و تحقيق الآمال .
يقول الشاعر
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب *** وإن كثُـرتْ منه إلـيَّ الجرائمُ
فـما الـناس إلا واحـد من ثلاثة *** شريف ومشروف ومثـل مقاوم
فـأما الـذي فـوقي فأعرف قدره *** وأتـبع فـيه الحقّ والحقُّ لازم
وأمـا الـذي دوني فـأحـلم دائباً *** أصون به عرضي وإن لام لائم
وأمـا الـذي مثلي فإن زلّ أو هفا *** تفضّلتُ، إن الفضل بالفخر حاكم